“الشورى والاستقلال” يَطلُب التصدي لـ”الدكاكين الحزبية” وتسقيف ولايات النواب

دعا حزب الشورى والاستقلال إلى مراجعة شروط تأسيس الأحزاب لقطع الطريق أمام إحداث دكاكين حزبية تقوم إما على إذكاء النعرات الجهوية أو الدينية أو اللغوية، مطالباً باعتماد نظام الاقتراع الفردي لانتخاب أعضاء مجلس النواب على صعيد الدوائر المحلية واعتماد مبدأ تحديد عدد الولايات النيابية في اثنتين كحد أقصى لكل نائب برلماني، وذلك في إطار تعزيز حركية المشهد السياسي.
واعتبر الحزب الذي يحمل رمز (الجمل)، في مذكرته التي رفعها لوزارة الداخلية بخصوص تعديل القوانين الانتخابية، أن تخليق الحياة السياسية عامة، والعملية الانتخابية بوجه خاص، بات من المطالب الحيوية التي يعبر عنها المواطن المغربي باستمرار، خاصة أمام ما يُسجل من ممارسات أثناء تدبير الشأن العام المحلي والجهوي والإقليمي والوطني تسيء إلى جوهر الديمقراطية وتفقد الانتخابات معناها التمثيلي.
إن الرهان على تخليق العملية الانتخابية ليس فقط رهاناً أخلاقياً، بل هو رهان وجودي لشرعية المؤسسات وكذا لاستعادة الثقة بين المواطن والممارسة السياسية، التي تتعرض لتآكل مقلق بفعل تفشي ظاهرة الفساد الانتخابي في بعض الحالات، واستغلال المال، وشراء الذمم، وخرق القوانين.
تعزيز الصرامة القانونية
وأوردت المذكرة، التي توصلت جريدة “مدار21” الإلكترونية، أنه على الرغم من التراكمات الإيجابية التي حققتها المملكة المغربية في مسار الإصلاح الانتخابي، فإن الواقع ما يزال يعرف بعض المظاهر التي تسيء إلى مصداقية الانتخابات، من أبرزها الاستعمال الواسع للمال لاستمالة الأصوات، سواء بشكل مباشر أو تحت غطاء “المساعدات” و”الهبات” أو “الإحسان” واستغلال النفوذ الإداري أو الجمعوي أو الديني للتأثير على إرادة الناخبين، لا سيما في الوسط القروي أو المناطق الهشة بالحواضر.
ولضمان انتخابات نزيهة تحترم الإرادة الحرة للناخبين وتقطع مع الممارسات الفاسدة، أوصى الحزب ذاته بتفعيل المقتضيات الزجرية الواردة في القوانين الجاري بها العمل ضد كل من ثبت تورطه في شراء الأصوات أو التأثير غير المشروع على الناخبين، مشددا على أهمية الرفع من العقوبات المالية والجنائية المرتبطة بالفساد الانتخابي.
وسجلت المذكرة ذاتها أهمية التنصيص على إبطال نتائج الدوائر التي تثبت فيها تجاوزات جسيمة حماية للحق الدستوري في انتخابات نزيهة، داعياً إلى مراقبة التمويل الانتخابي بدقة من خلال توسيع مهام المجلس الأعلى للحسابات المراقبة المصاريف الفعلية للحملات الانتخابية، ومصادر تمويلها، وليس فقط التصريح بها كتابة.
وأورد المصدر عينه أنه يجب فرض آليات شفافية فورية مثل نشر بيانات التمويل قبل وخلال وبعد العملية الانتخابية ومنع أي مرشح أو حزب من استغلال الجمعيات الخيرية أو الدينية أو الرياضية في الحملات الدعائية أو التمهيدية للانتخابات.
وبخصوص مشاركة الأحزاب السياسية في هذه العملية، ألحَّت المذكرة على تسهيل مهمة الأحزاب السياسية في مراقبة كافة مراحل العملية الانتخابية، من التسجيل إلى إعلان النتائج وضمان حضور من يمثلها بمختلف مكاتب التصويت من خلال التقليص من عدد هذه المكاتب بالإضافة تمكين ممثلي الأحزاب السياسية من محاضر مكاتب التصويت بمجرد إعداد المحضر وإعلان النتائج.
ترشيد الخريطة الحزبية
وفي جانب آخر، أوردت المذكرة ضرورة فتح نقاش وطني مسؤول حول ترشيد عدد وعمل الأحزاب السياسية، بما يعزز الوضوح في العرض السياسي ويمنع تشتت التمثيلية، مسجلةً أهمية مراجعة شروط تأسيس الأحزاب لسد الطريق أمام إحداث دكاكين حزبية تقوم إما على إذكاء النعرات الجهوية أو الدينية أو اللغوية، واعتماد شروط احترام مقدسات البلاد وتعزيز الوحدة الوطنية واحترام الوحدة الترابية شرطا لقبول إحداث أحزاب سياسية جديدة.
ودعا المصدر ذاته إلى إعمال مبدأ تمايز البرامج الانتخابية من خلال تشجيع الأحزاب على بلورة رؤى فكرية واضحة وبرامج واقعية متميزة، تسمح للناخب بالاختيار على أسس معرفية لا مجرد ولاءات أو شعارات وتخصيص حيز زمني كاف لكافة الأحزاب السياسية المتبارية في الانتخابات في مختلف وسائل الإعلام العمومي لتقديم الهوية السياسية والبرنامج الاقتصادي والاجتماعي لكل حزب على حدة.
وألَّح “الشورى والاستقلال” على إعادة الاعتبار للديمقراطية الداخلية عبر ربط الدعم العمومي الموجه للأحزاب بمدى احترام هذه الأحزاب لقوانينها الداخلية وقانون الأحزاب السياسية، من خلال تجديد الهياكل الحزبية بانتظام وتعزيز تمثيلية النساء والشباب واعتماد آليات تقييم وتقرير داخلي دوري.
واستعجل الحزب ذاته تطهير المجال السياسي من كل من أساء إليه بالفساد أو استغلال النفوذ أو الشعبوية، وربط العمل السياسي بالقيم والأخلاق والمساءلة إلى جانب تنظيم حملات إعلامية وطنية لإعادة تقديم السياسة كوسيلة نبيلة لخدمة الصالح العام، وليس مجرد وسيلة للوصول إلى الامتيازات.
تسقيف عدد ولايات النواب
وفي ما يتعلق بالعمل النيابي، دعا حزب (الجمل) إلى اعتماد نظام الاقتراع الفردي لانتخاب أعضاء مجلس النواب على صعيد الدوائر المحلية، مورداً أنه يُرسِّخ العلاقة المباشرة بين المواطن وممثليه داخل المؤسسة التشريعية.
واقترح الحزب ذاته العودة إلى اعتماد نظام الاقتراع الفردي لانتخاب أعضاء مجلس النواب على مستوى الدوائر الانتخابية المحلية، وذلك استنادا إلى أنه نظام يعزز الارتباط الشخصي بين الناخب والمرشح، بما يجعل هذا الأخير أكثر تفاعلاً مع انتظارات المواطنين وانشغالاتهم، وأكثر التزاما بالوفاء ببرنامجه ووعوده الانتخابية، إدراكا منه بأن إعادة انتخابه مستقبلاً مرهونة بثقة ناخبيه ومدى رضي الساكنة عن أدائه.
وتابعت المذكرة أن هذا النظام يُسهم في تسهيل عملية المحاسبة، حيث يشعر المواطن بأن له ممثلاً مباشراً يمكنه مساءلته ومطالبته بتحقيق نتائج ملموسة، مضيفاً أنه يسمح الاقتراع الفردي بتمثيل أكثر دقة وعدالة للمجالات الجغرافية، إذ يُفرز نائبًا عن كل دائرة على دراية تامة بخصوصياتها المحلية ومؤهلاً للترافع عن قضاياها داخل البرلمان. وهو بذلك يشجع على تعزيز البعد الترابي في العمل التشريعي، ويدعم اللامركزية التمثيلية.
ولفت حزب الشورى والاستقلال إلى أن هذا النظام يتيح للناخبين الاختيار على أساس الكفاءة الشخصية، والخبرة، والنزاهة، بدل أن ينحصر التصويت في الانتماء الحزبي فقط مما يسهم في الرفع من جودة النخب المنتخبة وتحسين مستوى الأداء التشريعي.
تسقيف ولايات النواب
وفي سياق السعي إلى تجديد النخب وتعزيز مبدأ التداول الديمقراطي، اقترح حزب الشورى والاستقلال اعتماد مبدأ تحديد عدد الولايات النيابية في اثنتين كحد أقصى لكل نائب برلماني، وذلك في إطار تعزيز حركية المشهد السياسي، وضمان ضخ دماء جديدة في المؤسسات المنتخبة، بما يتيح الفرصة أمام كفاءات شابة وطاقات متجددة للمساهمة في تدبير الشأن التشريعي والرقابي.
وأشارت المذكرة إلى أن التجربة أظهرت، في أكثر من مناسبة، أن احتكار بعض المنتخبين للمقاعد البرلمانية على مدى عقود أضعف حيوية العمل البرلماني، وحد من فرص تجديد الخطاب والممارسة والاقتراب من التحولات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تعرفها البلاد.
وأوضح حزب (الجمل) أن اقتراح الاقتصار على ولايتين يُشكل وسيلة فعالة لمحاربة أشكال الربع السياسي، ويقلل من فرص توظيف النفوذ الانتخابي لبناء شبكات مصالح ضيقة تتعارض مع روح الديمقراطية التشاركية، مبرزاً أن التداول الدوري على التمثيلية يُعزز الانفتاح على فئات مجتمعية جديدة، ويُحفز الأحزاب على تطوير آليات التكوين والتأطير لإعداد نخب قادرة على حمل المسؤولية، بدل الاتكاء المستمر على نفس الوجوه.