مجتمع

“غياب” العيد “يَنحر” حِرَفاً موسمية ويفاقم مِحنة شباب الأحياء الشعبية

“غياب” العيد “يَنحر” حِرَفاً موسمية ويفاقم مِحنة شباب الأحياء الشعبية

ليس “الشناقة” ومربو الأغنام وحدهم المتضررين من الحالة الاستثنائية لعيد الأضحى هذا العام؛ فإذا كان المستفيد الأول من إحجام المغاربة المرتقب عن شعيرة النحر هو القطيع الوطني، الذي سيستفيد من نقاهة حيوية، والخاسر الأبرز هم “الشناقة” الذين أثقلوا كاهل المستهلكين، فثمة خاسرون آخرون “هامشيون” يكاد لا ينتبه لمأساتهم أحد.

لكل علاج أعراض جانبية غير مرغوبة؛ ذلك أقل ما يمكن قوله عن عيد الأضحى لهذا العام، الذي يُنتظر أن يتسم بإحجام واسع عن شعيرة النحر بعد الإهابة الملكية بهذا الخصوص؛ يتعلق الأمر أساساً بفقدان شباب الأحياء الشعبية لمورد رزق هام، اعتادوا التعويل عليه خلال عيد الأضحى المبارك، عبر ممارسة بعض “الحرف” الموسمية البسيطة، التي كانت تدر عليهم مدخولاً يكفيهم لتدبر أمورهم المادية لبعض الوقت في مواجهة البطالة المتفشية بينهم.

من النماذج على ذلك “السيمو”، وهو شاب في ثلاثينيات العمر من ساكنة درب “بوشنتوف” أحد أحياء درب السلطان بالدار البيضاء، والذي قال لـ”مدار21″ إنه ينتظر عيد الأضحى بفارغ الصبر سنوياً لينصب خيمة عند “راس الدرب”، يبيع فيها طيلة أسبوع لوازم العيد: علف للخرفان وفحم حجري للشواء وحبال لربط الأضحية وغيرها…

“كان هذا الموعد يُمكنني من تحقيق دخل حلال يكفيني للتكفل بأسرتي المكونة من حوالي 10 أنفس لمدة وجيزة”، يقول المتحدث بنبرة متأسفة مضيفاً: “أنا عاطل عن العمل منذ جائحة فيروس كورونا حين فقدت عملي نادلاً بأحد المقاهي، والآن لا أعمل إلا في تعويض الندل لأيام معدودة…”.

لا يختلف الوضع كثيراً بالنسبة لـ”حسام” الذي اعتاد على استغلال المساحة المقابلة لبيته (الوسيعة) لإضرام نار منذ صبيحة العيد لشيّ رؤوس الأغنام المنحورة خلال اليوم السعيد؛ “غادرت السجن للتو، وأرغب في الإقلاع عن الأسباب التي أدت بي إلى دخوله مرتين، وأبحث عن عمل حلال، لكنني لم أجد شيئاً…”

وبنبرة فخورة: “تشواط الريوس خدمة معروفة على ولاد درب سلطان في العيد الكبير من بكري” يقول حسام ثم يردف: “هو عمل ذوي الهمم المرفوعة والسواعد القوية، فهو متعب للغاية لكنه مجزٍ ويدخل السرور على الجيوب متم العيد”.

وعلى مقربة من بيت حسام، محل صغير عمره لا يقل عن 30 سنة؛ يمتهن صاحبه مع أبنائه حرفة شحذ السكاكين. بالنسبة لهذه الحرفة التقليدية السائرة في طور الاندثار فإن عيد الأضحى يعد فرصة لا تعوض لتحقيق “رقم معاملات” لا بأس به “كيخدم علينا العام كامل” يقول صاحب المحل.

وعلى امتداد أحياء “درب السلطان”؛ ينتشر عدد من “الكاراجات” والمحلات التجارية المغلقة طيلة العام، والتي اعتادت على فتح أبوابها والانتعاش خلال فترة “العيد الكبير”؛ حيث يتم استغلالها لإيواء المواشي قبل حلول يوم النحر؛ بل حتى كمحلات تجارية للقرب تغني الساكنة عن التنقل إلى الأسواق البعيدة.

محلات كانت تؤجر بسومة كرائية محترمة لليوم الواحد، وتعد دخلا هاماً لأصحاب العقارات بدرب السلطان؛ غير أنها ستضطر لانتظار عام آخر قبل أن تفتح أبوابها للكراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News