قفزة قياسية في صادرات الأفوكادو المغربي تصطدم بـ”حرب الأسعار”

اختُتم موسم الأفوكادو المغربي في أبريل على إيقاع أداء متميز من حيث الكمية والجودة، بعدما سجلت المملكة رقمًا قياسيًا جديدًا في حجم الصادرات، التي ارتفعت من 60 ألف طن خلال الموسم الماضي إلى ما بين 100 و110 آلاف طن هذا الموسم، متجاوزة لأول مرة عتبة الـ100 ألف طن.
وبحسب منصة إيست فروت” فقد ساهمت الظروف المناخية الملائمة بشكل كبير في نجاح الموسم، إذ غابت الرياح العاتية والعواصف وموجات “الشرگي” الجافة، ما أتاح نضج الثمار في بيئة مستقرة. كما تميز الموسم بنسبة عالية من الثمار كبيرة الحجم، وهو ما منح الأفوكادو المغربي ميزة تنافسية في الأسواق الدولية، التي تفضل هذا النوع من الأحجام.
ورغم وفرة الإنتاج وتحقيق أرقام قياسية على مستوى التصدير، فقد تميز الموسم بتراجع ملحوظ في الأسعار، التي انخفضت بما يتراوح بين 21% و35% مقارنة بالموسم الماضي. ويُعزى هذا الانخفاض إلى فائض المعروض على مستوى السوق الدولية وتزايد المنافسة، خاصة من بلدان أمريكا اللاتينية.
وفي هذا السياق، اعتبر ممثلو مزارعي الأفاكادو بالمغرب، أن أسعار المواسم السابقة كانت استثنائية ومرتفعة بشكل غير معتاد، مضيفًا أن الأسعار الحالية تعكس واقع السوق وتوازناته في ظل المنافسة العالمية.
وأوضحوا أن مناطق الإنتاج بدأت تقترب من التشبع من حيث المساحات المزروعة، لكن استمرار ارتفاع الطلب على الأفوكادو في مختلف أنحاء العالم قد يدعم تحسن الأسعار خلال المواسم القادمة.
ويمثل هذا الموسم، وفق ما جاء في تقرير المنصة، نقطة تحول في مسار الأفوكادو المغربي، حيث بات القطاع مطالبًا اليوم بالتركيز على تعزيز الجودة، وتوسيع الأسواق المستهدفة، واعتماد استراتيجيات تسويقية قادرة على مواكبة التحولات السريعة التي يعرفها هذا المنتج في السوق العالمية.
أسواق دولية منافسة
وتشهد أسواق الأفوكادو العالمية ضغوطًا متزايدة بسبب وفرة المعروض، خاصة من دول أمريكا اللاتينية، مما أدى إلى تراجع الأسعار في عدة مناطق رئيسية. ففي إيطاليا، أدى التدفق الكبير لأفوكادو “هاس” البيروفي إلى انخفاض حاد في الأسعار واندلاع حرب أسعار قد تمتد حتى بداية شهر شتنبر، مع تضاعف الكميات مقارنة بالعام الماضي.
ورغم وفرة الأحجام الكبيرة، يبقى هناك نقص في الأحجام الصغيرة المطلوبة بشدة من قبل المتاجر الكبرى. وفي المقابل، عرف صنف “بينكرتون” الجنوب إفريقي تحسنًا طفيفًا في الأسعار بعد أسابيع من الركود، مدعومًا بجودة أفضل مقارنة بالمنتجات الكينية.
أما في إسبانيا، فقد سجل الربع الأول من سنة 2025 نموًا ملحوظًا في واردات وصادرات الأفوكادو، حيث تظل فرنسا، هولندا، وألمانيا الزبائن الرئيسيين. وتشير التقديرات إلى زيادة مرتقبة بنسبة 30% في الإنتاج البيروفي مقارنة بالموسم السابق، ما يتطلب استراتيجيات تسويق أكثر فاعلية لاستيعاب العرض المتزايد.
في ألمانيا، ارتفعت الكميات الموجهة إلى السوق الأوروبية بنسبة 37% مقارنة بالعام الماضي، مع هيمنة الأحجام الكبيرة. ومن المتوقع أن تسهم استئناف الشحنات البحرية عبر قناة السويس في تعزيز المعروض خلال أشهر الصيف، في وقت بدأت فيه كولومبيا موسمها التصديري.
السوق الفرنسية بدورها تعرف طلبًا قويًا على أفوكادو “هاس” التقليدي، خصوصًا من البيرو، غير أن وفرة المعروض أدت إلى تراجع الأسعار، مع توقعات بانتهاء الموسم مبكرًا بنحو شهر مقارنة بالعادة. وفي أمريكا الشمالية، حافظ الطلب على استقراره بعد فترة “سينكو دي مايو”، مدعومًا بمناسبات التخرج والطقس المعتدل، لكن وفرة المعروض من كاليفورنيا والمكسيك والبيرو وكولومبيا تضع ضغوطًا على الأسعار.
المكسيك، المنتج الأول عالميًا، تتوقع زيادة إنتاجها بنسبة 5% خلال الموسم المقبل، مع استمرار الولايات المتحدة كوجهة رئيسية لأكثر من 90% من صادراتها. أما في البيرو، فقد بدأ موسم 2025 متأخرًا مقارنة بالعام الماضي، لكن بكميات أكبر، ما أدى إلى انخفاض أسعار البيع في الحقول وتوجيه الأنظار نحو الأسواق الآسيوية والأمريكية لتخفيف التخمة.
في تشيلي، بلغ الإنتاج نحو 235 مليون كيلوغرام، منها 135 مليونًا للتصدير، بينما تم توجيه 100 مليون إلى السوق الداخلية. واستكملت تشيلي العرض المحلي بواردات من البيرو، فيما راوحت أسعار التصدير في أوروبا ما بين 6 و8 يورو للصندوق خلال الصيف، ما يعكس حدة المنافسة.
وتسعى كولومبيا بدورها إلى تعزيز موقعها في السوق الدولية بفضل إنتاج يمتد على مدار السنة وموقع استراتيجي. ومع تدشين ميناء “بويرتو أنتيوكيا” قريبًا، يُنتظر أن تتحسن كفاءة التصدير وتنخفض التكاليف. وفي الصين، أدى تأخر الشحنات القادمة من البيرو وانخفاض الكميات إلى ارتفاع حاد في الأسعار، رغم استمرار جودة المنتج.
أما في جنوب إفريقيا، فقد ساهمت الأمطار التي أخرت الحصاد في تقليص العرض المحلي، مما دعم ارتفاع الأسعار بنسبة 34% مقارنة بالعام الماضي. ويبلغ السعر الوسطي حاليًا نحو 0.88 يورو للكيلوغرام، مع تسجيل طلب قوي على الأسواق الأوروبية والبريطانية، إلى جانب محاولات اختراق الأسواق الصينية والهندية.