سياسة

سحب مشروع القانون الجنائي من البرلمان يُثير غضب البيجيدي

سحب مشروع القانون الجنائي من البرلمان يُثير غضب البيجيدي

عبّر عدد من القياديين بحزب العدالة والتنمية، ضمنهم برلميون سابقون عن رفضهم لقرار الحكومة سحب مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي من مجلس النواب، بعد أكثر من 6 سنوات على إحالته على المؤسسة التشريعية من طرف حكومة ابن كيران السابقة.

وتُعدّ مبادرة إصلاح مجموعة القانون الجنائي، الذي سحبته الحكومة مطلع الأسبوع الجاري من البرلمان،  ضمن أحد أهم إجراءات تنزيل توصيات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، خاصة وأن الحاجة إلى هذا التعديل الكلي والشامل يرجع سببه إلى تقادم العديد من مضامين هذا النص الذي يعود تاريخ وضعه إلى سنة 1962من القرن الماضي.

وفي هذا الصدد، قال نائب رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية عبد العلي حامي الدين، أنه ” في الوقت الذي كنا ننتظر من هذه الحكومة أن تسرع بإحالة مجموعة من النصوص المهمة لتنزيل دستور 2011 ولحماية حقوق وحريات المواطنين، من قبيل مشروع  القانون التنظيمي للدفع بعدم الدستورية، مشروع المسطرة الجنائية وقانون الوظيفة العمومية وغيرها، طلعت علينا الحكومة بسحب مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن مقتضيات مهمة ومنها تجريم الإثراء الغير المشروع”.

واعتبر المستشار البرلماني السابق عن فريق البيجدي بالغرفة الثانية، أن “هذا السحب يؤشر على ما حذرنا منه من تراجعات خطيرة سببها الأساسي هو الجمع بين السلطة والثروة وتحصين البعض من المساءلة والمحاسبة”، مضيفا “الآن نفهم لماذا تواطأت بعض مكونات الأغلبية السابقة مع بعض مكونات المعارضة السابقة واللذان يتواجدان اليوم في الحكومة على تعطيل البت في مشروع القانون الجنائي داخل مجلس النواب”.

وكشف الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، عن أسباب لجوء الحكومة إلى سحب مشروع القانون الجنائي من البرلمان، موضحا أن هذا القرار جاء من أجل إتاحة الفرصة للبرلمان لمناقشة المشروع بشكل شمولي وغير مجزّأ.

وأكد بايتاس، أن قرار سحب الحكومة لمشروع تعديل القانون الجنائي من البرلمان، ارتبط بصعوبة مناقشة مشروع القانون بشكل منفصل، مسجلا أنه يصعب في كل مرّة أن نناقش مقضى تشريعي ضمن مشروع القانون الجنائي، وبالتالي من الأفضل أن تتم مناقشته داخل البرلمان في شموليته بشكل كامل لأن هناك العديد من فصوله مترابطة.

وتعليقاً على ذلك، أكدت عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية والبرلمانية السابقة أمينة ماء العينين، أن “سحب مشروع تعديل مجموعة القانون الجنائي من البرلمان يطرح أسئلة البديل التشريعي بخصوص موضوع خضع لنقاش طويل ظل يفتقر للعمق”.

وقالت ماء العينين، في منشور على حسابه بـ”فايسبوك” إن “وعود الحكومة الحالية تتلخص في إحالة مشروع معالجة شاملة ومتكاملة لمجموعة القانون الجنائي والمسطرة الجنائية وهو أمر أفترضُ أنه سيكون صعبا للغاية استحضارا للخلاف القوي الذي عشنا بعض تفاصيله بخصوص مادة واحدة في المسطرة الجنائية تتعلق بمفهوم السياسة الجنائية تعريفا وإعدادا وتبليغا وتنفيذا ومراقبة وتقييما بين نصوص القانون”.

وسجلت عضو لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان بمجلس النواب سابقا، أن “مجموعة القانون الجنائي فتتطلب نقاشا قانونيا غير مفصول عن النقاش الثقافي والفكري، لأن المادة الجنائية لا تنحصر في كونها مادة قانونية  بقدر ما تكثف الأبعاد التاريخية والدينية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات الإنسانية بما هي انعكاس لفلسفة الجريمة والعقاب.”

وأعربت ماء العينين، عن أملها في أن تتمكن الحكومة الحالية في فتح هذا الورش بالطريقة السليمة التي تفترض حوارا جديا بين المؤسسات والفاعلين ترسيخا للحقوق والحريات الأساسية التي نص عليها دستور 2011 والتي تفترض ملاءمة عميقة مع مواد القانون المتقادمة خاصة منها مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية التي صارت متجاوزة في أجزاء كثيرة منها

وتعود المحاولة الأولى، لإجراء تعديل متكامل لمجموعة القانون الجنائي، إلى  31 مارس 2015 حين أعلنت وزارة العدل والحريات، عن إنهاء صياغة مشروع قانون جنائي جديد يشتمل على 598 مادة.غير أن قرب الولاية التشريعية التاسعة، آنذاك، على الانقضاء دفع في اتجاه اختيار تشريعي آخر، يتم من خلاله انتقاء أهم التعديلات التي بدا للحكومة، أنها لا تثير اختلافا فكريا ونقاشا سياسيا بين مختلف الفرقاء السياسيين، حيث تمت المبادرة إلى تقديم مشروع قانون 10.16، وهو في عمومه مشروع قانون لم يتضمن سوى أربعة مواد مسّت بالتغيير والتتميم والنسخ 84 مادة من مجموع فصول القانون الجنائي الـ 612.

وفي هذا الصدد، أشار القيادي السابق بحزب العدالة والتنمية عبد الصمد الإدريسي، إلى أن رئاسة مجلس النواب، أعلنت “بشكل مفاجئ توصلها بطلب من الحكومة يرمي إلى سحب هذا المشروع دون أن تبدي او توضح سبب هذا السحب، الامر الذي آثار نقاشا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي مخافة أن يكون ما أقدم عليه الحكومة مقدمة لإلغاء الفصل المثير للجدل والمخيف لكثير من سياسيي أحزاب “الكفاءات”.

وكتب الإدريسي على حسابه بـ “فايسبوك”: “المهم عندي اليوم وغدا هو المقتضيات التي ستأتي بها الحكومة حين عرضها لمشروع تعديل القانون الجنائي من جديد، هل ستتضمنه مقتضيات تراجعية، أم أنها ستؤكد ما يتعلق بتجريم الاثراء غير الشروع وتضيف اليه العقوبات السالبة الحرية وفق ما كانت تطالب به بعض مكونات معارضة الأمس وأغلبية اليوم”.

واعتبر الإدريسي، أنه في حالة تراجع الحكومة، وهذا هو الغالب نظرا لطبيعة مكوناتها، عن تجريم الإثراء غير المشروع، عندها سيتأكد الفرز الحاصل بين من يعتبر السياسة والمهام السياسية مجالا للإثراء والاغتناء ويخاف على “كفاءاته” وأطره من تبعات إقرار مقتضيات تجرم الاغتناء من المناصب والمهام، وبين من يعتبر السياسة مجالا للإصلاح وينظر إلى المهام السياسية كفرصة للنضال والتضحية والمساهمة في بناء الوطن”.

هذا، وخلّف تأخر المصادقة على مشروع التعديل على القانون الجنائي، الذي أحالته حكومة ابن كيران السابقة على البرلمان في سنة 2016، قلقا في أوساط الحُقوقيين المغاربة، داعين البرلمان والحكومة على حد سواء، إلى تسريع مناقشته والمصادقة عليه، مع الاستجابة لمختلف التعديلات التي طالبوا بها في وقت سابق.

وفي غضون ذلك، التزم وزير العدل عبد اللطيف وهبي أمام أعضاء لجنة العدل والتشريع بالغرفة الأولى، بإخراج مشروع مراجعة مجموعة القانون الجنائي، ومشروع مراجعة قانون المسطرة الجنائية، فضلا عن إعداد مشروع قانون يتعلق بالنظام العام المطبق على مراكز حماية الطفولة وإعادة الإدماج، ومشروع قانون بإحداث الوكالة الوطنية لتدبير وتحصيل الأموال والممتلكات المحجوزة والمصادرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News