جهة الرباط تفرض نفسها قطبا سياحيا بفضل الثقافة والأعمال

شرعت جهة الرباط-سلا-القنيطرة في الخروج من جبة “الجهة المركزية والإدارية” للمملكة، لتفرض نفسها واحدة من أبرز الجهات السياحية، وذلك في ظل توافد أعداد متزايدة من السياح على المغرب، واستعداده لاستقبال المزيد برسم الفعاليات الرياضية المبرمجة.
الإحصائيات لا تعرف المجاملة، فأرقام الربع الأول من سنة 2025 شاهدة على الإقلاع السياحي للجهة، إذ سجلت الرباط 121.186 وافدًا و235.000 ليلة مبيت، وهي زيادات نسبتها 7 و3 بالمئة على التوالي مقارنة بالعام السابق.
الثقافة والترفيه في الموعد
وفي قراءته لهذه التطورات، يعزو الخبير في القطاع السياحي، الزبير بوحوت، “هذا التقدم إلى حد كبير للأسواق الدولية، مع زيادات ملحوظة من فرنسا (+9%)، وألمانيا (+8%)، وأسواق ناشئة أخرى أظهرت تقدمًا مذهلاً بنسبة +53%”.
بيد أن هذا النمو الإيجابي ليس وليد اللحظة، “بل ثمرة دينامية وسياسة استباقية للترويج، وبرنامج فعاليات جذاب، وعرض يجمع بامتياز بين الثقافة والأعمال والطبيعة والاستدامة”، “فمنذ سنة 2012 حين تم تسجيل الرباط ضمن التراث العالمي لليونسكو تحت عنوان “الرباط، مدينة عصرية وتاريخية: تراث مشترك”. يرى بوحوت.
وتجسد العاصمة الإدارية للمملكة الانسجام بين الموروث والحداثة، كما أن البرنامج المرموق “الرباط مدينة الأنوار، العاصمة المغربية للثقافة”، حولها إلى قطب ثقافي، يهدف إلى إعادة تأهيل الفضاءات التراثية، وتطوير التجهيزات الثقافية، وتعزيز الجاذبية الحضرية لتوفير إطار عيش ذي جودة عالية، موجّه نحو الفن والتاريخ.
واعتبر الخبير أن التنوع الذي تقدمه الرباط سياحيا يبرز من خلال إمكانية استكشاف مواقع رمزية مثل قصبة الأوداية، وصومعة حسان، وضريح محمد الخامس، في ما يتعلق بالسياحة التراثية والثقافية، “كما يمكن لزوار الرباط الانغماس في حديقة الاختبارات النباتية الرائعة، وهي فضاء للتنوع البيولوجي والتوعية البيئية، أو التجول في حديقة الحسن الثاني، وهي مساحة خضراء شاسعة مخصصة للرياضة، والترفيه، واللقاءات العائلية” بالنسبة لمحبي السياحة البيئية والترفيه.
وأوضح أن “التراث لا يقتصر على العاصمة فقط. فسلا أيضاً تكشف عن إمكانات تاريخية وثقافية استثنائية، إذ أن مدينتها العتيقة المحفوظة، وأسوارها العتيقة، ومساجدها التاريخية، وحرفها اليدوية التي لا تزال حية، تجعل منها كنزًا مخفيًا حقيقيًا، يوفر انغماسًا أصيلًا في الماضي المجيد للساحل الأطلسي المغربي”.
قطب صاعد لسياحة الأعمال
من جهة أخرى، تمكنت الجهة من ترسيخ دورها كقطب استراتيجي لسياحة الأعمال، من خلال الاعتماد على بنيات تحتية رائدة مثل “المركز الدولي للمؤتمرات محمد السادس”، بالإضافة على عرض فندقي فاخر في توسع مستمر، ومساحات للعمل المشترك المبتكرة مثل “تكنوبارك”، يضيف بوحوت.
“وبفضل استضافتها المنتظمة للمعارض المهنية، والمنتديات الاقتصادية، واللقاءات الدبلوماسية، تؤكد العاصمة نفسها كمركز لا غنى عنه للمستثمرين والشركات”.
وتعزز هذه الدينامية الدعم النشط للمؤسسات المحلية، لا سيما الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة بالمغرب، وآليات دعم ريادة الأعمال مثل “انطلاقة”، ومرافقة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والتي تساهم في هيكلة نظام ملائم للاستثمار.
كما يتميز قطاع السياحة الفاخرة بشكل خاص، حيث سجلت الفنادق الفاخرة زيادة بنسبة +104% في عدد الوافدين، مما يؤكد جاذبية الوجهة لدى الزبناء الدوليين الأكثر تطلبًا.
وهكذا، ساهمت دول مثل تركيا (+996%)، والصين (+46%)، والإمارات العربية المتحدة (+296%) بشكل كبير في دعم معدل الإشغال، مما يدل على اتساع شهرة المنطقة على الساحة الدولية.
وخلص بوحوت إلى أن الجهة تفرض نفسها كقوة سياحية وطنية ودولية، من المتوقع أن تلعب دورًا رئيسيًا في الأحداث الكبرى القادمة، مثل كأس الأمم الأفريقية 2025، وكأس العالم 2030، والمعرض الدولي للكتاب، والعديد من المهرجانات ذات الشهرة العالمية.