فقدان “معرض الكتاب” خسارة سياحية للبيضاء وبوحوت:رواق السياحة غائب

لا يكاد يُسمَع الصوت الخافت لنخبة من البيضاويين المحتجين على نقل المعرض الدولي للكتاب إلى العاصمة الرباط، معتبرين إياه “سرقة” لتراث ثقافي احتضنته العاصمة الاقتصادية منذ المهد وترعرع في كنفها إلى أن غدا موعداً وطنياً هاماً؛ وعلاوة على البُعد الرمزي والثقافي للمعرض، فإن رحيله كذلك يُمثل خسارة اقتصادية وسياحية كبيرة للمدينة.
خيرُ شاهد على ذلك ما تعيشه الرباط هذه الأيام من زخم؛ إذ يحج إليها الآلاف من المغاربة والأجانب لزيارة المعرض المقام في دورته الثلاثين إلى غاية 27 أبريل الجاري، بحيث يبدو أن العاصمة استحوذت عليه نهائياً بعدما كان الوزير المهدي بنسعيد تعهد بإعادته للدار البيضاء بمجرد إزالة المستشفى الميداني الذي كان مُقاماً بفضاء المعرض الدولي بالدار البيضاء خلال سنة 2021.
لكن ترحيل المعرض إلى الرباط دخل سنته الرابعة على التوالي، مُحولا المؤقت إلى دائم؛ والأمر ليس بلا تداعيات سلبية على المدينة التي فقدت معرضها سواء من الناحية الثقافية أو حتى بمنطق “سياحة المعارض”، التي تعول عليها كبريات المدن العالمية لتحقيق إشعاع ثقافي وتحقيق موارد مالية وترويج الحركة الاقتصادية داخلها.
في هذا الصدد، أكد الخبير في القطاع السياحي، الزبير بوحوت، أن المعرض الدولي للنشر والكتاب يندرج تحت ما يسمى بـ”سياحة المعارض والمؤتمرات”، وهو “مُنتج أساسي في القطاع السياحي عالميا، ويكون له وقع إيجابي على المنطقة التي تحتضنه”.
وأوضح، في تصريح لصحيفة “مدار 21″، أنه قبل الحديث عن المداخيل التي تتأتى من زوار هذا النوع من التظاهرات، فإن صفقة تهيئة فضاء المعرض في حد ذاتها تخلق رواجا اقتصاديا لفائدة الشركة التي تحصل عليها، وتسمح لها بإتاحة فرص شغل وغير ذلك؛ “أتحدث هنا عن المعرض كبنية أو كهيكل تتدخل في إعداده مُقاولات ويد عاملة…”.
من جهة أخرى، قال بوحوت إن المعرض يستقطب عدداً هاماً من الزوار الأجانب، أو من المغاربة المقيمين بمناطق أخرى، وهو ما يخلق رواجاً اقتصادياً على مستوى المطاعم ووسائل النقل، بالإضافة إلى الفنادق بشتى أصنافها في حال وجود سياح دوليين؛ “هنا تكمن أهمية القطاع السياحي، فهو يُحرك منظومة اقتصادية كاملة، والأكيد أن تنقيل هذه التظاهرة قد أكسبت الرباط الكثير وأفقدت البيضاء بنفس القدر”.
وإذا كان الموضوع يثير جدلاً بين المثقفين وزوار المعرض من ساكنة الدار البيضاء، فبالمنطق السياحي والتنظيمي يرى بوحوت أن اختيار مدينة الرباط لتنظيم تظاهرة من هذا النوع “هو اختيار حكيم، بالنظر لحالة المدينة ورونقها وبنيتها التحتية حاليا، وجاهزيتها على المستويات الأمنية والعمرانية…”.
وفي سياق متصل، يرى الخبير أن الأهم بالنسبة لنقاش سياحة المعرض، والسياحة الثقافية بشكل عام، هو ملاحظة عدم وجود رواق خاص بوزارة السياحة أو بالمكتب الوطني المغربي للسياحة داخل المعرض.
واعتبر أن إحداث رواق من هذا النوع أمر بالغ الأهمية و”يمثل فرصة لا غنى عنها للمغرب، لأن زوار المعرض الدولي للنشر والكتاب هم أشخاص مثقفون وكتاب وشغوفون بالقراءة، مما يساهم في زيادة إشعاع الوجهة المغربية سياحياً”.
واقترح بوحوت أن يتضمن الرواق، حال إحداثه، كل ما كتب حول المغرب، أي أن يكون “رواقا يتداخل فيه كل ما كتب عن الثقافة المغربية، بتراثها اللامادي وتاريخها وفنون الطبخ والمعمار…”، معتبراً أن هذا الرواق سيمثل فرصة للراغبين في التعرف على العمق التاريخي للوجهة المغربية ولتعزيز السياحة الثقافية.