تطور الأدب الأمازيغي يواجه عقبات غياب التوزيع وتأخر تعميم التدريس

يرى الكاتب الأمازيغي إبراهيم منصوب أن مستوى الأدب الأمازيغي يتطور رغم قلة توزيعه في مختلف مناطق المملكة المغربية على عكس باقي لغات الأدب الأخرى، مما يعيق وصوله إلى فئة عريضة من القراء، بينما يحمل صالح أيت صالح، وهو كاتب أمازيغي، مسؤولية الإقبال على الكتب الأمازيغية لوزارة التربية الوطنية، التي لم تنجح على مدار 20 سنة في تدريسها.
في شق آخر، تدافع الكاتبة الأمازيغية عزيزة نفيع عن الكاتبات الأمازيغيات اللواتي تخطين كل العقبات لاقتحام صنف الكتابة الروائية بجرأة في ظل الهيمنة الذكورية، وتفتح باب جمعيتها لاحتضان النساء الكاتبات لتشجيعهن على نقل التراث الأمازيغي وتمثيل المرأة في هذا الصدد.
الكتب الأمازيغية بحاجة للتوزيع
تحدث إبراهيم منصوب، كاتب أمازيغي، في ندوة حول “الحركة الأدبية الشبابية في الأدب الأمازيغي”، عُقدت ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، بالرباط، اليوم الثلاثاء، عن الكتاب الشباب في الجنوب الشرقي المغربي من ورزازات إلى فكيك، وكتاباتهم، خصوصا فيما يتعلق بالأدب الموجه للأطفال الصغار والمراهقين، أو ما يُسمى بالأدب الشبابي.
وفي هذا الصدد يقول منصوب، في تصريح لجريدة “مدار21″، إن مستوى الأدب الأمازيغي تطور شكلا ومضمونا، كما أن عدد الإصدارات الأمازيغية ترتفع مع مرور السنوات، بانضمام العديد من الكتاب والكاتبات الأمازيغيات.
ويشير إلى أن الأدب الأمازيغي بدأ يتطور قليلا، رغم وجود العديد من العراقيل المرتبطة بالنشر، الذي يعيق وصوله إلى المتلقي، في ظل عدم وجود إمكانية توزيعه في كل المناطق المغربية.
وتطرق منصوب إلى “الأناشيد المكتوبة بالأمازيغية التي لا تتغنى وتبقى حبرا على ورق، إلا بعض الاستثناءات الطفيفة، إذ لا يهتم الفنانين بهذا الصنف، والأمر نفسه يتعلق بالروايات والقصص، إذ لا يتطور بالشكل المطلوب”.
وأكد المتحدث ذاته أن القراء يُقبلون على شراء الكتب والروايات الأمازيغية ويبحثون عنها، رغم قلة مواقع بيعها، مضيفا: “فالكتب الأمازيغية اليوم بحاجة إلى توزيع أكبر، كما لكتاب الأمازيغيين الذين بحاجة إلى تشجيع”.
مسؤولية وزارة التربية التربية الوطنية
ويرى صالح أيت صالح، كاتب أمازيغي، أن الأدب الأمازيغي قطع أشواطا كبيرة، خصوصا في الكتابة الحديثة، وفيما يتعلق بالكتابة الروائية والكتابة القصصية، والقصيدة الحديثة في شقها “الهايكو” وشعر “الومضة”.
وربط أيا صالح في تصريح لجريدة “مدار21” الإقبال على قراءة الكتب الأمازيغية، بمساءلة وزارة التربية الوطنية، بشأن “ما إذا كانت قد أعدت لنا قراءً للأمازيغية منذ ولوج الأمازيغية للمدرسة العمومية أي منذ سنة 2003، وما يقارب 22 سنة”.
ويضيف الكاتب الأمازيغي في السياق ذاته “20 سنة من تدريس الأمازيغية كافية لنتحدث عن الإقبال على الأدب الأمازيغي، وكافية لإعداد جيل قارئ للأمازيغية ومتفاعل مع الأدب الأمازيغي”.
ويرى أن “الأدب لا يكون موجها فقط للعامية بل يُوجه للمدارس ودور الشباب وباقي المؤسسات التي تحتضنها الدولة”، مشيرا إلى أن الواقع يُظهر أن المهتم بالثقافة الأمازيغية واللغة الأمازيغية، هو من يهتم بالأدب الأمازيغي.
وعن دوافع اختياره للأدب الأمازيغي دون غيره، يقول صالح “لأنه لغتي وثقافتي وأدب هذا الوطن، وهناك مجموعة من الأماكن لو قمنا بزيارة لها سنجد أنها تتحدث عن الأساطير والحكايات أصحابها أمازيغ، لذلك أهتم بها وأعتبر نفسي مناضلا حول الثقافة الأمازيغية”، مضيفا: “ولأنني بعد ولوج الجامعة درست الأدب وبدأت الكتابة بالأمازيغة”.
“بحاجة إلى هذا الأدب، وما يجعلني أرتبط ارتباطا وثيقا بهذا الأدب، البحث والتنقيب عن الحفريات السردية القديمة، التي تحفزني بمواضيع جديدة تنخرط في ما بعد الحداثة، خصوصات تلك التي تتعلق بالنفس البشرية”، يضيف صالح أيت صالح.
الجرأة في الكتابة الروائية النسوية الأمازيغية
واختارت عزيزة نفيع، وهي أستاذة للغة الأمازيغية وكاتبة لها، تناول “الجرأة في الكتابة الروائية النسوية الأمازيغية”، في هذه الندوة، عادّة أن الجرأة تتجلى في تجاوز العديد من العقبات للوصول إلى الكتابة.
وتقول إنها و”بحكم أنني كاتبة أمازيغية، فمن الطبيعي والبديهي أن أكتب عن الإبداعات الأمازيغية بغض النظر عن اللغة عما إذا كانت بالعربية أو الفرنسية أو الأمازيغية وإنما الموضوع يبقى بالأساس حول الكتابة الأمازيغية”.
وتوضح في تصريح لجريدة “مدار21” أنها اختارت النسوية من أجل تشجيع الكتابة النسوية، في ظل هيمنة الكتابة الذكورية عبر الزمن في العالم كله وليس فقط في المغرب، بحسبها، لذلك تحاول من خلال عملها أيضا في جمعية “رابطة تيرا” التي تهتم بالكتابات والكتاب الأمازيغ، استقطاب كاتبات أمازيغيات وتشجيعهم على الإبداع والكتابة بلغتهم وهويتهم.
وتقول إن “المرأة الأمازيغية التي اختارت كتابة الرواية خرقت مجموعة من القيود من خلال المواضيع الجريئة التي تتطرق إليها، ضمنها طابوهات الاغتصاب والجنس والهيمنة الذكورية”.
وعن اختيارها الرواية وليس صنفا آخر، تقول “لأن الرواية يُعد جنسا أدبيا صعبا، وله مقومات كثيرة، وتحديات وتتطلب النفس الطويل”.
وبخصوص دعم المؤسسات لهذا الأدب، تؤكد أن الدعم الوحيد يكون من قبل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أو وزارة الثقافة، في غياب لدور النشر أو مكتبات تحتضن الكتب الأمازيغية، مشددة على أن “الكاتبات الأمازيغيات والكتاب الأمازيغ يستحقون أن تصل كتاباتهم”.
وتضيف في السياق ذاته: “لكن للأسف الشديد، المغاربة لا يُقبلون على القراءة الأمازيغية، رغم أن المغرب يتميز بوجود كتاب يكتبون أفضل من أهم الكتاب العالميين”.
وحاولت الندوة التي كان عنوانها “الحركة الأدبية الشبابية في الأدب الأمازيغي”، مقاربة هذه الحركة من خلال تجارب وإسهامات بعض الكاتبات والكتاب الشباب، على اعتبار أن التحولات الكبرى التي شهدها المغرب في الألفية الثالثة، وبعد خطاب أجدير التاريخي وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ساهما في تنميتها تدوينا وتأليفا ونظما.
وتشير الورقة التقديمية للندوة أن “بعض الجمعيات التي اختصت في المجال الثقافي والأدبي والنقدي كرابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية، ساهمت في خلق دينامية ثقافية وأدبية ونقدية أمازيغية بالمغرب، وشجعت الكثير من الشباب على التأليف والإبداع والنقد في أغلب الاجناس الأدبية السردية أو الشعرية بالأمازيغية، وهو ما تعكسه الحركة الإبداعية النشطة من خلال الكثير من الدواوين والروايات والمجموعات القصصية والكتب النقدية التي تصدر اليوم بالمغرب”.