وزيرة الاقتصاد تكشف استراتيجية الحكومة لحماية القدرة الشرائية للمغاربة

ربطت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، ارتفاع الأسعار في المغرب بالأزمات العالمية المتلاحقة، مؤكدة أن المملكة لم تكن بمنأى عن التحولات التي شهدتها الأسواق الدولية، حيث تأثرت بشكل مباشر وغير مباشر بتداعياتها.
ورغم هذه الظرفية الصعبة، شددت الوزيرة في جواب قدمته الوزيرة خلال جلسة بمجلس النواب، ردًا على سؤال للنائبة البرلمانية عن الفريق الحركي، فاطمة الكشوتي، حول الإجراءات الحكومية المتخذة لحماية القدرة الشرائية وتخفيف العبء المالي عن الأسر المغربية في ظل تصاعد مديونيتها، على أن المغرب تمكن، بفضل توجيهات الملك محمد السادس، ومن خلال الجهود التي تبذلها الحكومة، من تدبير هذه الأزمة وتقليص آثارها على القدرة الشرائية للمواطنين.
وأبرزت الوزيرة أن السنوات الأخيرة عرفت توالي أزمات عالمية أدت إلى اختلالات عميقة في سلاسل الإنتاج والتوزيع، لاسيما في ما يتعلق بالمواد الطاقية والغذائية، مما فاقم من الضغوط التضخمية التي طالت معظم دول العالم.
واعتبرت نادية فتاح أن تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين يشكل ركيزة أساسية لدعم الطلب الداخلي وتحفيز النمو الاقتصادي الوطني، وهو توجه تلتزم به الحكومة بجدية ومسؤولية.
وفي هذا السياق، أشارت إلى أن الحكومة اعتمدت سلسلة من الإجراءات العملية، إلى جانب البرامج الاجتماعية الكبرى التي أطلقتها، بهدف التخفيف من الآثار الاجتماعية والاقتصادية للتضخم والجفاف، وتفعيل التزامات الحوار الاجتماعي الهادفة إلى تعزيز المسلسل الديمقراطي وترسيخ السلم الاجتماعي.
وشددت الوزيرة على أن الحكومة حرصت على ضمان استقرار الأسعار وتوفير المواد الأساسية بالكميات الكافية في السوق الوطنية، وذلك من خلال مواصلة دعم المنتجات والخدمات الأساسية، وعلى رأسها غاز البوتان والسكر والدقيق الوطني للقمح اللين، حيث تم تخصيص 16,5 مليار درهم لصندوق المقاصة برسم سنة 2025.
كما واصلت الحكومة تنزيل التدابير الضريبية والجمركية ذات الطابع الاجتماعي، إلى جانب دعم أسعار الأعلاف والشعير المستورد المخصص للمواشي والدواجن، وبعض المدخلات الزراعية كالبذور والأسمدة، مع إعفاء واردات اللحوم والزيوت والمنتجات الفلاحية من الضريبة على القيمة المضافة.
وأكدت الوزيرة أن الحكومة تواصل تنفيذ الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، حيث تم تخصيص غلاف مالي قدره 37 مليار درهم لسنة 2025، بزيادة قدرها 2 مليار درهم مقارنة بسنة 2024. كما يتواصل تنزيل برنامج الدعم المباشر لاقتناء السكن الرئيسي، ضمن مقاربة جديدة تروم تسهيل تملك السكن وتعزيز القدرة الشرائية للأسر، حيث رُصد له غلاف مالي يقدر بـ 3,6 ملايير درهم خلال السنة المقبلة.
وفي قطاع النقل، أوضحت أن الحكومة خصصت دعماً استثنائياً لفائدة مهنيي النقل الطرقي بلغ 8.6 ملايير درهم خلال الفترة ما بين 2022 و2024، بهدف التخفيف من أثر ارتفاع أسعار الغازوال على كلفة النقل والحفاظ على استقرار أسعار المواد الأساسية. وفي الإطار ذاته، تم منح المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب اعتمادات إضافية بلغت 13 مليار درهم خلال نفس الفترة لضبط كلفة إنتاج الطاقة الكهربائية والحفاظ على أسعارها للمستهلك.
وأبرزت نادية فتاح أن الحكومة عملت على تفعيل التزامات الحوار الاجتماعي في إطار تنزيل الميثاق الوطني لمأسسة هذا الحوار، من خلال إجراءات شملت مختلف فئات المواطنين، من الأسر الفقيرة والهشة إلى الطبقة المتوسطة. وشمل الاتفاق زيادة عامة في الأجور لموظفي الإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية الذين لم يستفيدوا من مراجعة أجورهم، بقيمة شهرية صافية قدرها 1.000 درهم، تُصرف على قسطين في يوليوز 2024 ويوليوز 2025. كما تم مراجعة نظام الضريبة على الدخل انطلاقًا من فاتح يناير 2025، إلى جانب الرفع من معاشات التقاعد بنسبة 5%، والتي دخلت حيز التنفيذ منذ دجنبر 2022.
وأشارت الوزيرة إلى أن الحكومة رصدت غلافًا ماليًا يناهز 20 مليار درهم برسم سنة 2025 لتفعيل هذه الالتزامات، على أن تصل الكلفة الإجمالية إلى حوالي 45 مليار درهم في أفق 2026. كما ستواصل الحكومة تنزيل الإصلاحات الضريبية المنصوص عليها في القانون الإطار، من خلال استكمال إصلاح الضريبة على الدخل عبر إعادة هيكلة جدولها، ورفع سقف الدخل المعفى من الضريبة من 30.000 إلى 40.000 درهم سنويًا، أي ما يعادل إعفاء الأجور التي تقل عن 6.000 درهم شهريًا، مع توسيع الشرائح الأخرى وتخفيض المعدلات المطبقة عليها، بما في ذلك خفض المعدل الهامشي من 38% إلى 37%.
ويشمل الإصلاح أيضًا الرفع من مبلغ الخصم السنوي المتعلق بالأعباء العائلية من 360 إلى 500 درهم عن كل فرد معال، ما يرفع إجمالي التخفيض الممكن من 2.160 درهم إلى 3.000 درهم سنويًا، مع الإبقاء على الحد الأقصى عند ستة أشخاص.
وفي ما يخص الضريبة على القيمة المضافة، أكدت الوزيرة أن الحكومة قررت تعميم الإعفاء على المنتجات الأساسية ذات الاستهلاك الواسع، مثل الأدوية وموادها الأولية، الأدوات المدرسية، الزبدة الحيوانية، مصبرات السردين، مسحوق الحليب، والصابون المنزلي.
وتماشياً مع توجهات دعم السوق الداخلية، تم تعليق الرسوم الجمركية على واردات القمح اللين والصلب، القطاني، خامات الزيوت، الحليب المجفف، والزبدة. كما تم إدراج إعفاء مؤقت من الضريبة على القيمة المضافة خلال سنة 2025 على واردات محدودة من الحيوانات الحية والمنتجات الفلاحية، تشمل الأبقار، الأغنام، الماعز، الجمال، العجلات للإنسال، اللحوم الطازجة والمجمدة، الأرز الأسمر المستورد، وزيت الزيتون البكر.
واختتمت الوزيرة جوابها بالتأكيد على أن هذه الإجراءات المتكاملة ساهمت بشكل فعّال في ضبط الأسعار والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، مما انعكس إيجابًا على معدل التضخم الذي عرف تراجعًا ملحوظًا، حيث بلغ مؤشر الأسعار عند الاستهلاك نسبة 0,9% سنة 2024، بعد أن سجل 6,1% سنتي 2022 و2023.