سياسة

هل خرق وهبي الدستور بتفويض صلاحياته لمندوب حقوق الانسان؟

هل خرق وهبي الدستور بتفويض صلاحياته لمندوب حقوق الانسان؟

أثارت تصريحات عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، بشأن بتفويض صلاحياته المتعلقة بتدبير المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان إلى المندوب الوزاري لحقوق الإنسان أحمد شوقي بنيوب، استغراب عدد من الباحثين في حقل الدراسات الدستورية، حول السند القانوني والدستوري، الذي اعتمده وهبي لتفويض اختصاصاته لبنيوب.

وكشف وهبي أنه فوض كل صلاحياته المتعلقة بتدبير المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان إلى المندوب الوزاري لحقوق الإنسان أحمد شوقي بنيوب، موضحا أن المندوبية أصبحت تابعة له طبقا لمرسوم اختصاصاته، الذي صدر في الجريدة الرسمية، إلا أنه “فوّض للمندوب الوزاري تدبير وإدارة المؤسسة في ما يتعلق بالجانب المالي والإداري، فيما سيتحمل هو المسؤولية السياسية عن عمل المندوبية”.

وحسب الاختصاصات الجديدة لوزير العدل، المنشورة في الجريدة الرسمية، فقد ألحقت المندوبية الوزارية المكلّفة بحقوق الإنسان بوزارة العدل، ليتولى وزير العدل السلطة على مجموع هياكلها، خلافا لأحكام المادة الأولى من المرسوم رقم 2.11.150 الصادر في 7 جمادى الأولى 1432 (11 أبريل 2011).

كما يُمارس الوزير مهمّة إعداد وتنفيذ السياسة الحكومية في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها والنهوض بها وفي مجال القانون الدولي الإنساني، وذلك بتنسيق مع القطاعات الوزارية والهيئات المعنية.ويتولى وزير العدل السلطة على مجموع الهياكل المركزية واللا ممركزة المحدثة بموجب المرسوم السالف الذكر رقم 2.10.310.

وتفاعلاً مع تصريحات وهبي، التي أدلى بها أثناء مناقشة مشروع الميزانية الفرعية للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، عبر  أحمد شوقي بنيوب، عن تثمينه “عاليا” قرار نقل كامل الاختصاص إليه، وأنه تلقى “بتقدير عال” هذا “العرض المميز”، مشيرا إلى أن وزير العدل توقّف “عند الوضع القانوني للمندوبية الوزارية، معلنا قراره بنقل كامل الاختصاص للمندوب الوزاري، حتى يتسنى لها القيام بمهامها بكل حرية”.

وتعليقاً على ذلك، أكد الناشط الحقوقي، والباحث الجامعي في العلوم السياسية والقانون الدستوري عزيز إدمين، أنه “لا يمكن الحديث عن أي تفويض للاختصاص للمندوب الوزاري من قبل وزير العدل ما لم يؤشر عليه رئيس الحكومة، لكون هذا الأخير هو صاحب الاختصاص الأصلي، ووزير العدل هو صاحب اختصاص فرعي، ولا يمكنه التصرف في اختصاصاته المنقولة إليه من تلقاء ذاته”.

واعتبر إدمين، في مقال له، أن تصريح وزير العدل في البرلمان لا سند قانونيا ولا دستوريا له، فله الحق في تفويض الاختصاص فقط لوزير منتدب له أو كاتب عام تابع له، باعتبارهما أعضاء المجلس الحكومي، ولا يمكنه تفويض اختصاصاته لمسؤول آخر.

وأوضح الباحث في القانون الدستوري، أنه “بالعودة للوضع القانوني للمندوب الوزاري لحقوق الإنسان، فهو موظف سامي معين بظهير ملكي، وبالتالي فهو ليس بموظف إداري عادي، ولكنه، في نفس الوقت، من الناحية الدستورية والقانونية، ليس كاتبا عاما ولا وزيرا منتدبا”.

وأضاف أن المندوب الوزاري لحقوق الإنسان، له علاقة مباشرة وحصرية بسلطة التعيين، أي الملك، لكون أن رئيس الحكومة و وزير العدل لم يقترحانه على الملك، مشددا على  أن وزير العدل لا يمكنه إقالة أو تغيير المندوب الوزاري، أي لا سلطة إدارية له عليه، فالتفويض الإداري بشقيه، تفويض التوقيع أو تفويض الاختصاص، يفرض وجود تراتبية وعلاقة إدارية، لأن “التفويض” مجاله التنظيم الإداري.

وسجل إدمين ضمن مقاله المعنوان : “وهبي يغرد خارج السرب الدستوري”، غياب أي علاقة إدارية بين وزير العدل والمندوب الوزاري، لا في قانون التعيين في المناصب العمومية ولا في قانون الوظيفة العمومية ولا في قانون الشغل”، مشيرا إلى أن الدستور حدد مجال تفويض الوزراء لاختصاصاتهم جزئيا إلى كتاب الدولة حصريا، أي إلى كتاب الدولة فقط، وبالتالي كل خروج عن هذه الدائرة فهو مخالف للدستور.

وتابع الباحث الجامعي ذاته، أن المادة 11 من القانون التنظيمي، الذي يعتبر جزءًا من الكتلة الدستورية، رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، حصرت تفويض الاختصاص من الوزير إلى كاتب دولة شريطة أن يكون تابعا له، مردفا “في حين ليس هناك أي نص قانوني أو دستوري أو تنظيمي يقول إن المندوب الوزاري لحقوق الإنسان تابع لوزير العدل، وهنا نميّز بين المندوبية الوزارية كبنية إدارية تابعة لوزير العدل، وبين المندوب الوزاري كموظف سامي ليس له علاقة تراتبية إدارية أو تنظيمية مع وزارة العدل”.

وأوضح أن القانون التنظيمي وسّع من دائرة تفويض الاختصاص إلى الوزراء المنتدبين، وفق المادة 10 منه، وذلك في تناغم مع الدستور، لكون الوزير المنتدب، من الناحية القانونية والدستورية، هو بمرتبة وزير، حيث نصت هذه المادة على أنه “يمكن أن يتلقى الوزراء المنتدبون لدى رئيس الحكومة أو لدى الوزراء، حسب الحالة، تفويضا في الاختصاص أو في الإمضاء”.

وأكد إدمين، أن القانون التنظيمي فرض على الوزير المعني أن “تحال قرارات التفويض الصادرة عن الوزراء، في الحالة المذكورة، على رئيس الحكومة قصد التأشير عليها قبل دخولها حيز التنفيذ”، مسجلا أن ” بلاغ المندوب الوزاري، جاء متسرعا لكونه كان يجب أن ينتظر تأشيرة رئيس الحكومة ونشر القرار في الجريدة الرسمية، وشدد على أنه  ” لا يعتقد أن الأمانة العامة للحكومة “الحارسة” على القانون ستسمح بنشر قرار وزير العدل في الجريدة الرسمية وأن تشارك في خرق الدستور”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News