القضاء ينصف طالب ماستر لتأخر غير مبرر في تسليم الديبلوم

أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 20 أكتوبر 2023 قرارا يؤكد وقوع خطأ مرفقي داخل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، كان ضحيته طالب بماستر تدبير الشأن العام المحلي، خلال الفترة التي تولى فيها توفيق السعيد منصب العميد (2020-2025).
ويأتي الحكم بعدما رفع طالب متخرج من الماستر دعوى قضائية ضد جامعة عبد المالك السعدي، احتجاجا على تأخر غير مبرر في تسليمه دبلومه، مما أدى إلى ضياع فرص توظيف عديدة عليه.
وتعود تفاصيل القضية إلى حصول الطالب المعني، الذي يدرس في ماستر تدبير الشأن العام المحلي منذ سنة 2019، على شهادة النجاح وبيان النقط في دجنبر 2022، غير أن إدارة الكلية ورئاسة الجامعة لم تقوما بتسليمه دبلومه الذي طالب به في فبراير 2023 رغم أنه جاهز من يناير من السنة ذاتها، وتسبب التأخير في حرمانه من الترشح لمباريات توظيف في عدة وزارات، الأمر الذي دفعه إلى اللجوء للقضاء الإداري، وطالب بتعويض قدره 150 ألف درهم، وغرامة 500 درهم عن كل يوم تأخير في تسليم الديبلوم أو الامتناع عن التنفيذ.
خطأ إداري يكلف 10 آلاف درهم
وأكدت المحكمة الإدارية في حيثيات حكمها أن التأخير في تسليم الدبلوم لم يكن مبررا قانونيا أو إداريا، واعتبرته خطأ مرفقيا تتحمل مسؤوليته الإدارة الجامعية.
وقضت المحكمة بتعويض المدعي بمبلغ 10.000,00 درهم، ورفض طلبات الغرامة التهديدية لأنه سابق لأوانه، والنفاذ المعجل لعدم تحقق مبرراته الواقعية والقانونية في النازلة.
وعللت المحكمة قرارها أن المدعي تمسك بالضرر الناتج عن تفويت فرصة المشاركة في عدة مباريات “والحال أن الإعلانات الخاصة ببعض هذه المباريات التي أدلى بها رفقة مذكرته التعقيبية تفيد أن آجال المشاركة فيها تمتد بعضها إلى شهر ماي 2023 وبعضها الآخر إلى شهر يونيو من نفس السنة، وهي مواعيد لاحقة على واقعة عدم تسليم شهادة الماستر يوم 15 مارس 2023، ولا دليل في الملف أن الامتناع عن تسليم هذه الشهادة ظلم مستمرا طيلة الشهور اللاحقة إلى حين انصرام آجال المشاركة في المباريات المذكورة”.
وأشار منطوق الحكم، الذي اطلعت جريدة “مدار21” على نسخة منه، إلى أن المدعي لم يدل بما يفيد قيامه بتقديم طلب جديد للحصول على الشهادة وتحقق رفض طلبه من طرف الإدارة، الأمر الذي يجعل ضرر تفويت المشاركة في هذه المباريات الأخيرة ونسبته لخطأ الجامعة المدعى عليها غير ثابت في الملف.
وعدت المحكمة طلب التعويض في هذا الشق غير مؤسس، مما يتعين معه حصر الضرر الموجب للتعويض في تفويت فرصة المشاركة مباراة المتصرفين بالإدارة المركزية المعلن عنها من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بتاريخ 2023/02/20 التي كان آخر أجل المشاركة فيها هو 2023/03/15.
وأكدت المحكمة الإدارية أن “ما يستحق عنه المدعي التعويض في النازلة ليس ضرر الحرمان من النجاح في المباراة المذكورة أخيرا، لكون هذا النجاح يبقى أمرا محتملا، بل ينحصر في مجرد فوات فرصة النجاح في المباراة المعنية الذي أصبح محققا وثابتا، وبذلك فما بستوجب التعويض هو فوات الفرصة وليس الفرصة في حد ذاتها”.
درس للمستقبل
ويمثل هذا الحكم نموذجا لتطبيق مبدأ المسؤولية الإدارية الذي يعتمده القضاء الإداري المغربي، حيث تلتزم الإدارة بتعويض الأضرار الناتجة عن تقصيرها، إذ أكدت المحكمة أن تأخر الكلية في تسليم الدبلوم يعد انتهاكا لحق الطالب في التوظيف ويعرقل السير العادي للمرافق العامة.
وخلال فترة العميد توفيق السعيد (2020-2025)، واجهت الكلية عدة إشكالات إدارية أثارت نقاشا قانونيا، من بينها تأخر تسليم الوثائق الجامعية وتعقيدات بيروقراطية، ويطرح هذا الحكم تساؤلات حول مدى التزام إدارة الكلية بضمان حقوق الطلبة، وما إذا كان العميد الجديد، أحمد العلالي، سيتخذ التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الإشكالات مستقبلا؟