أحزاب تتجنب توظيف الدعم الاستثنائي لتفادي فضيحة “ريع الدراسات”

بعد الفضيحة الكبيرة التي فجرها المجلس الأعلى للحسابات، السنة الفارطة، بخصوص الاختلالات التي شابت توظيف أحزاب سياسية للدعم الاستثنائي، تتجنب أحزاب سياسية، هذه السنة، الاستفادة من أموال الدعم المخصص لتغطية المصاريف المترتبة عن المهام والدراسات والأبحاث، تفاديا لتكرار الانتقادات التي وجهت إليها سابقا.
وكان المجلس الأعلى للحسابات قد كشف في تقريره السنوي المتعلق بتدقيق حسابات الأحزاب السياسية برسم سنة 2022، الصادر في فبراير 2024، أن سبعة أحزاب سياسية استفادت من دعم إضافي تجاوز ملياري سنتيم لتغطية المصاريف المترتبة عن المهام والدراسات والأبحاث، بهدف تشجيع التفكير والتحليل والابتكار وبالتالي الرفع من الأداء الحزبي ككل.
وسجلت اختلالات في توظيف الدعم المذكور، خاصة بعد توجيهه نحو مكاتب دراسات مقربين. ورصد المجلس مجموعة من الملاحظات منها غياب اتفاقيات تفصل الشروط الخاصة والثمن الأحادي لكل دراسة على حدة، وإبرام عقود مع مكاتب دراسات تتضمن مقتضيات عامة، مع غياب اتفاقيات خاصة تحدد الشروط والثمن الأحادي لكل دراسة على حدة، وهو ما نتج عنه غياب مقتضيات تعاقدية ومعايير تفصل بشكل واضح الحاجيات والمتطلبات وكيفية إنجاز الدراسات بشكل يضمن جودة المخرجات، إلى جانب عدد من الاختلالات.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن الأحزاب السياسية المغربية ترفض اللجوء إلى توظيف الأموال العمومية لإنجاز دراسات تهم مواضيع مختلفة، لتجنب الانتقادات اللاذعة التي واجهتها السنة الفارطة، فيما عٌرف حينها بفضيحة ريع الدراسات، التي تورطت بها أحزاب كبرى.
وتفيد المعطيات أن من بين الأسباب التي جعلت الأحزاب السياسية تبتعد عن توظيف أموال دعم الدراسات، هو عدم وجود مرسوم حكومي واضح يحدد الشروط وكيفيات التوظيف لأموال الدعم الاستثنائي، ما يجعلها تبتعد عن هذه الأموال، درءا للسقوط في سوء توظيفها.
وكان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من أكثر الأحزاب التي تعرضت لانتقادات لاذعة بسبب “ريع الدراسات” الذي استفاد منه مقربون، إذ توصل الحزب بتاريخ 9 نونبر 2022 بدعم سنوي إضافي قدره (1.930.896,03) درهما، لتغطية المصاريف المترتبة عن الدراسات، وتم اختيار مكتب الدراسات “MELA STRATEGIE & CONSEIL” لإنجاز 23 دراسة في المجال الاقتصادي والاجتماعي والمؤسساتي والبيئي بمبلغ إجمالي قدره 1.835.000 درهم.
ويدير مكتب الدراسات “MELA STRATEGIE & CONSEIL”، الذي منحه الاتحاد قرابة 200 مليون سنتيم، القيادي بالحزب مهدي مزواري إلى جانب نجل الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الحسن لشكر، وريم العاقد قريبة مدير الفريق الاشتراكي -المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، أحمد العاقد، الأمر الذي خلف موجة غضب في صفوف الحزب وخارجه.
واستفاد من الدعم الاستثنائي كل من حزب التجمع الوطني للأحرار بحوالي 560 مليون سنتيم، وحزب الأصالة والمعاصرة بـ460 مليون سنتيم، وحزب الاستقلال بأكثر من 400 مليون سنتيم، وحزب التقدم والاشتراكية بما يعادل 145 مليون سنتيم، فيما استفاد حزب العدالة والتنمية بدوره من حوالي 105 ملايين سنتيم.
وكان حزب التقدم والاشتراكية قد أرجع أموال الدعم الموجه للدراسات، رافضا استخدامها لغياب شروط واضحة تحدد كيفيات صرف الدعم الاستثنائي، وذلك عكس أحزاب أخرى تورطت في التوظيف السيء لهذه الأموال.
وعقد حزب الاستقلال اتفاقيات مع خمس مكاتب دراسات من أجل إنجاز دراسات، أهمها اتفاقية لإنجاز دراسة حول صورة حزب الاستقلال لدى الرأي العام ولدى مناضليه وأطره بميزانية تقدر بـ100 مليون سنتيم عُهد بإنجازها لمكتب الدراسات “Friend’s Consulting”.