خصوصية البصمات البيولوجية والجينية للمشتبه بهم تثير جدلا بالبرلمان

أثير جدل في البرلمان، اليوم الثلاثاء، بسبب المخاوف التي عبر عنها نواب برلمانيون من سوء استخدام البصمات البيولوجية والجنائية للمشتبه بهم، التي تم التنصيص عليها في مشروع قانون المسطرة الجنائية، وهو النقاش الذي أجاب عنه وزير العدل، عبد اللطيف وهبي.
ونصت الفقرة العاشرة من المادة 49 على أنه “يمكن للوكيل العام للملك لضرورة البحث إذا ما عرضت عليه مسألة تقنية أو فنية أن يستعين بذوي الخبرة والمعرفة، ويمكنه بصفة خاصة أن يأمر بإجراء خبرة لتحديد فصيلة البصمات البيولوجية والجينية للأشخاص المشتبه فيهم الذين توجد قرائن على تورطهم في ارتكاب إحدى الجرائم”.
وأثارت ربيعة بوجة، النائبة البرلمانية عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، خلال المناقشة التفصيلية لمشروع قانون المسطرة الجنائية، الفقرة العاشرة التي أتاحت لوكيل الملك الأمر بإجراء الخبرة البيولوجية والجينية، مفيدة أنه في النص الحالي يتم الحديث عن البصمات الجينية، مضيفة أن بناء المسطرة الجنائية يحاول تبرير تدخل النيابة العامة في خصوصيات المواطنين وحقوقهم وحرياتهم بدل حمايتها.
وأوردت أن الحديث عن فصيلة البصمات الجينية حديث عن خصوصيات المواطنين، والأصول الجينية للمواطن ومواصفاته وحياته الخاصة، مشددة على أن “هذه أمور المفروض أن تؤطر بشكل أكثر دقة”، مضيفة أن “عددا من الإجراءات التي سبق أن نصت عليها القوانين لكن في الممارسة لم تراع الحرمة الذاتية للمواطن”.
وأكدت بوجة أن هناك تساؤلات تطرح من بينها “إلى أين ستذهب هذه البصمات؟ والجهة التي ستقوم بها؟ وما إن كان المختبر مرخص له؟ أو ما إن كانت هذه البصمات ستباع أو ستستخدم في جريمة أخرى لا علاقة للمواطن بها؟ والظروف التي يتم فيها أخذ هذه البصمات الجينية؟”.
وأثارت بوجة عددا من التخوفات منها مآل البصمات الجينية في حال ثبوت براءة المشتبه به، وما إن كانت العملية ستتم بالإكراه في حال الرفض، وما إن كان سيتم إتلافها في ما بعد، لافتة إلى خطورة هذه النقطة.
بدوره، أشار عبدالله بووانو إلى أن المحكمة الأوروبية بدورها لديها نقاش حول موضوع الخبرات بمختلف أصنافها، مفيدا أنه في المغرب الأمر مفتوح ويمكن أن يطلب أي شرطي بصمات اليد دون احترام للحقوق ولقانون المعطيات ذات الطابع الشخصي.
وأشار إلى أن الصيغة الحالية فتحت الباب على مصراعيه للوكيل العام للملك لإجراء الخبرات البيولوجية والجينية، مفيدا أنه في حال رفض المواطن القيام بها ماذا سيفعل، وهل سيتم ذلك تحت الإكراه، مؤكدا أنه من الناحية العلمية والطبية فإن هذه البصمات لا تتعلق فقط بالحياة الخاصة بل تهم الشخص ومستقبله ومستقبل أبناء أبنائه، ومع ذلك نتيح في النص إمكانية إجرائها دون قيود، مشددا على أن هذه إحدى الخصائص الدقيقة للإنسان ولا يعقل فتحها بدون قيود، داعيا إلى المزيد من النقاش حولها لإثارة المحاذير.
وفي رده، قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل: “هل تعتقدون أن الوزارة أغفلت كل هذه الجوانب”، مفيدا أن هناك اتفاقية حددت المواصفات، كما أن هناك حكما صادرا عن محكمة النقض التي رفضت خلاله البصمة الجينية لأنه المتهم وُضع على كرسي وتم تقييده قبل أخذها.
وأورد وهبي أن المشتبه به يريد تقديم البصمات في حالات من أجل إثبات براءته، مفيدا أنه في بعض الحالات تكون كل الدلائل تشير إلى التورط والوسيلة الوحيدة للبراءة هي البصمات، موردا أن هذه المشاكل تطرح بالأساس في قضايا الاغتصاب وقضايا اللعان حين يدعي الأب أن الابن ليس ابنه.
وتابع وهبي بأنه يتم الآن إعداد قانون البنك الوطني للبصمات الجينية، مبرزا أن الأسئلة التي تثار هي حول “أين سيكون؟ وكيف ستحمى المعطيات؟ ومن له حق التصرف فيها؟”، مفيدا أن هناك نقاشا داخل وزارة العدل لإسنادها إلى المديرية العامة للأمن الوطني، مبرزا أن القانون يتطلب موافقة الهيئة الوطنية لمراقبة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
وأورد أنه سيكون هناك نقاش مع الهيئة بمشاركة مديرية الأمن الوطني وسيكون نقاش حول الموضوع لإحداث إطار للبصمات الجينية لأنه موجود في العالم بأكمله ولديه قوانين وشروط عالمية، مضيفا “لن نفعل ما نريد، بل سيتم ذلك وفق ما تقتضيه المصلحة”.