“الأمطار المتأخرة” تنعش معنويات الفلاحين.. فهل تنقذ الموسم الفلاحي؟

هل تأخرت الأمطار؟ هو السؤال الذي يطرح نفسه في ظل التساقطات الهامة التي تعرفها البلاد هذه الأيام، والتي تأتي في أواخر فصل الشتاء ومستهل الربيع، أي مع اقتراب نهاية الموسم الفلاحي، إذ يعتبر الخبراء أن شح الأمطار في الشهور الأخيرة من السنة الماضية وبدايات هذه السنة يجعل تحقيق موسم فلاحي جيد أمراً مستبعداً.
لكن إذا كان “الموسم الجيد” قد قُضِي فيه الأمر، فمازالت الآمال معقودة على “موسم متوسط” يخرج منه الفلاحون والاقتصاد الوطني بـ”لا غالب ولا مغلوب”. وفي هذا الصدد استجوبت “مدار21” بضعة فلاحين مغاربة حول هذه التساقطات، فبدت عليهم علامات التفاؤل وارتفاع المعنويات، وأكد أحدهم “أنها أتت في وقتها المناسب لإنقاذ الموسم الفلاحي”.
وفي سؤال حول تأخر التساقطات، أكد عبد المالك حجاجي، الفلاح ورئيس تعاونية فلاحية بإقليم برشيد، لـ”مدار21″ أنّ الوقت لم يفت بعد، وأن بعض المناطق المغربية، على العكس من ذلك، يعتبر فيها هذا التوقيت مثالياً.
ذلك ما يؤكده الخبير في الاقتصاد القروي، العربي الزكدوني، الذي اعتبر أن تأخر الأمطار يكون سلبيا لزراعات الحبوب، ما عدا في المناطق الجبلية ذات الدورة الزراعية المتأخرة، “آخر من يحرث ويحصد”، مقارنة بالسهول، بيد أن المشكلة تكمن في كون إنتاجية هذه المناطق لا تشكل سوى جزء بسيط من الإنتاج الوطني.
“القمح الصلب واللين والشعير والقطاني الشتوية، كالفول والبازلاء، تعد الزراعات الأكثر تضررا من تأخر الأمطار بلا شك” وفقا للخبير في القطاع الفلاحي، الذي شدد في الوقت ذاته على أن “الأمطار وقتما جات كاتنفع”.
ففي ظل الضغط الذي تعانيه المملكة على مستوى مواردها المائية، تظل هذه الأمطار الأخيرة بمثابة جرعة أكسجين للفرشة المائية؛ علاوة على حقينة الأنهار والسدود ومخزون المياه الجوفية.
وبالفعل، فوفقا لمنصة “الما ديالنا” التابعة لوزارة التجهيز والماء، بلغت نسبة ملء السدود 29.1 في المئة بفضل الأمطار الأخيرة، بإجمالي موارد مائية فاق 4,8 مليار متر مكعب، إلى غاية 10 مارس 2025.
ومن جانبها، بشرت المديرية العامة للأرصاد الجوية ببلوغ مقاييس التساقطات المطرية خلال الـ 24 ساعة الماضية بالمغرب أرقاما مهمة، بلغت بشفشاون 75 ملم والرباط 38 ملم وطنجة وسلا والعرائش 32 ملم، وبتطوان والقنيطرة 27 ملم وبطنجة والدار البيضاء 24 ملم وإفران 23 ملم.
في المقابل؛ وإذا كان الأوان قد فات بالنسبة للحبوب إلى حد بعيد، فالزراعات الربيعة تعد من أكبر المستفيدين من أمطار متم الشتاء وفقا للزكدوني، “أي الأشجار المثمرة كالزيتون والتفاح والبرقوق… كما يشمل التأثير الإيجابي لهذه التساقطات المراعي، التي تغتني بالأعلاف الطبيعية، وهو ما يقدم خدمات جليلة لمربي المواشي، لا سيما في ظل الارتفاع الصاروخي لأسعار الأعلاف المركبة”.
جدير بالذكر أن آفاق النمو الاقتصادي بالمغرب تتأثر بشكل كبير بجودة الموسم الفلاحي، بما في ذلك إحداث فرص الشغل، إذ يساهم القطاع بحوالي 15 في المئة من الناتج الداخلي الخام، ويوفر حوالي 4 ملايين فرصة شغل مباشرة وغير مباشرة.