رأي

القرار الملكي بين الحكمة والضرورة: صمام الأمان الاجتماعي في لحظات التوازن الحرج

القرار الملكي بين الحكمة والضرورة: صمام الأمان الاجتماعي في لحظات التوازن الحرج

لعل قرار أمير المؤمنين بشأن الدعوة إلى عدم الإقدام على الأضحية بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وما تمثله هذه الشعيرة من طقوس وعادات لدى المغاربة خاصة. يُعد قرارًا حكيمًا يرتكز على معطيات واقعية وملموسة. وقد لاقى هذا القرار ارتياحًا واسعًا في أوساط المغاربة، لا سيما المستهلكين منهم، بمختلف أطيافهم وفئاتهم. فهو، إلى جانب كونه استجابةً لواقع اقتصادي واجتماعي مُعاش، يعزز الشعور بالطمأنينة والأمان لدى المواطنين، إذ يظل تدخل المؤسسة الملكية في اللحظات الحاسمة صمام الأمان الحقيقي للحفاظ على التوازن الاجتماعي وضمان السلم المجتمعي، خاصة عندما تعجز السياسات الحكومية عن تحقيق ذلك بشكل كامل.

إلا أن هذا الاطمئنان الذي يمنحه الوجود الثابت لهذه المرجعية العليا يجب أن يدفعنا إلى التساؤل، بموضوعية، حول فعالية بعض السياسات والإجراءات العمومية التي تتبناها الحكومة. فرغم الجهود المبذولة، والاستثمارات الكبيرة التي رُصدت لدعم الماشية واللحوم البيضاء والحمراء، وكذا تخصيص مليارات الدراهم لصندوق المقاصة بغرض تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال دعم المواد الأساسية مثل غاز البوتان، الدقيق، والسكر، إلى جانب اتخاذ إجراءات ضريبية وجمركية للتخفيف من أعباء استيراد الأعلاف والأسمدة، فإن هذه التدابير لم تتمكن بعد من ضبط الأسعار وتوفير المتطلبات وفقا لقدرة المغاربة أو الحد من المضاربة بشكل فعال.

وقد أقر ذلك العديد من الوزراء أنفسهم في تجمعات مع احزابهم، ونفس الأمر صرح به الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى بايتاس، بأن الجهود الحكومية لم تحقق الأهداف المرجوة بالكامل، مؤكدًا أن العمل مستمر لمراقبة الأسعار وضمان توازن العرض والطلب. ومع ذلك، يبقى التساؤل مطروحًا: كيف وصلنا إلى هذه الوضعية الحرجة التي تتسم بارتفاع الأسعار، خاصة فيما يتعلق بالمواد الغذائية الأساسية التي تشكل جزءًا رئيسيًا من القفة اليومية للمغاربة؟

إنها أسئلة جوهرية تتطلب إجابات واضحة وشفافة، ليس فقط لطمأنة المواطنين، ولكن أيضًا لضمان انسجام السياسات العمومية مع التوجيهات الملكية السامية، التي لطالما أكدت على ضرورة حماية القدرة الشرائية للمغاربة والحفاظ على توازنهم الاجتماعي.

كمال الهشومي: استاذ العلوم السياسية كلية الحقوق- اكدال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News