سياسة

باحثون يتأملون عجز القوة العسكرية عن حسم الصراعات الحديثة

باحثون يتأملون عجز القوة العسكرية عن حسم الصراعات الحديثة

شكل موضوع “عجز القوة” على خلفية انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وعودة حركة طالبان إلى السلطة، موضوع الجلسة الأولى ضمن أشغال الدورة 11 من “الحوارات الاستراتيجية، التي نظمها، أمس الجمعة بالرباط، مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد.

وسلط المشاركون خلال هذا اللقاء المنظم بشراكة مع مركز القضايا الجيوسياسية للمدرسة العليا للتجارة، الضوء على عدم جدوى الاستراتيجيات العسكرية في الحرب المعاصرة، علاوة على ضعفها وتعدد طرق إدارة الصراع، داعين إلى منظور جديد في التعاطي مع الأحداث الدولية ومع دور الفاعلين والرهانات التي تواجههم.

وقد جمعت هذه الدورة التي حملت عنوان “ضعف القوة ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ: المعالم والتحديات”، بين المداخلات الحضورية وعن بعد.

وأكد المشاركون في الجلسة الافتتاحية التي أدارتها نزهة الشقروني، باحثة بارزة بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، تحت عنوان “هل أفغانستان ملاذ للجهاديين؟”، على أن تاريخ هذا البلد مرتبط ارتباط ا وثيقا بالنزعة الجهادية، خاصة منذ هجمات 11 شتنبر 2001، مضيفين أن “السياسات الأمريكية تجاه أفغانستان منذ عهد الرئيس جورج دبليو بوش إلى الآن فشلت ولم تستطع إنهاء الحرب وتسوية النزع واستئصال الإرهاب”.

وأبرز المتدخلون أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان يستدعي تفكيرا جديدا حول التحديات التي تواجه المشهد الدولي ودور الفاعلين فيه ، منبهين إلى أن المخاوف إزاء تحول أفغانستان ،مرة أخرى، إلى ملاذ للجهاديين قد دفع العديد من الدول، خصوصا روسيا والصين وإيران، إلى نهج مقاربات أكثر واقعية في علاقاتها مع حركة طالبان.

وشدد باسكال شينيو، مدير مركز القضايا الجيوسياسية للمدرسة العليا للتجارة، على قصور الحلول التي تعتمد على القوة، بالنظر إلى وضعيات كل من العراق وليبيا واليمن، وخصوصا أفغانستان، بعد “الانسحاب الأمريكي السريع”.

وأضاف باسكال شينيو أن “الجيش لا يمكنه أن يحقق الأهداف المرسومة، إذا لم يكن مدعوما برؤية استراتيجية واستمرارية سياسية ورغبة في الانخراط في المجتمعات، والدليل هو أفغانستان فعلى الرغم من 20 سنة من الجهود العسكرية، لم يتحقق أي شيء”.

وفي تحليله للانعكاسات المحتملة للوضع في أفغانستان على منطقة الساحل والصحراء، اعتبر أوليفيي تراموند، الجنرال السابق بالجيش الفرنسي، والرئيس المشارك لمؤسسة “فيرست أليانس”، “أن الاسقاطات في ما يتعلق بالأحداث الدولية غير واقعية “، مؤكدا على أن “أفغانستان ليست هي مالي”.

وأضاف أنه “لم يتم إنشاء النظام الحالي في مالي من قبل قوة أجنبية، كما كان عليه الحال في كابل، ولا يوجد بلد مجاور لمالي قد يلعب نفس دور باكستان التي تساعد طالبان، وتعمل بشكل كبير لصالح الجهاديين”، مبرزا أن “غالبية سكان مالي قلقون على الأمن والسلام بعد انسحاب التدخلات الدولية “.

من جهته، تساءل عبد الحق باسو، باحث بارز في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد في مداخلته “نهاية الهدنة أو استسلام المنتصرين” عن أسباب بناء القوة العسكرية، مؤكدا أن “القوة العسكرية لا تكسب الحروب ولا تحقق أهدافها”.

وسجل المتخصص في استراتيجيات الأمن والدفاع أن “الهدف من بناء القوة العسكرية ليس الحرب، بل إن من وظائفها الرئيسية منعها، ويمكن القول إن الحرب تشكل دائما نهاية القوة العسكرية، لأنها تبقى الحل الأخير وعلامة عدم القدرة على تحقيق الهدف المنشود بالوسائل السلمية”، مؤكدا أن العنف “هو رهانها وقد يؤدي إلى تدميرها”.

من جانبه، نب ه رودولف موني، الخبير في الشؤون الهندية بمركز القضايا الجيوسياسية التابع للمدرسة العليا للتجارة، إلى المخاطر التي ينطوي عليها الانسحاب الأمريكي من أفغانستان على الهند، قائلا إن “الرهان الأول ذو طبيعة استراتيجية، ويتعلق بالتفاهم بين أفغانستان وباكستان والصين والذي سيعزل المنطقة الواقعة شمال شرق البلاد، والثاني قصير الأمد ومرتبط بالوضع الأمني في كشمير، أما الثالث فيتعلق بالمخاوف إزاء سياسة خارجية قائمة على تعدد الاصطفافات”.

وأكد كريم العيناوي، الرئيس التنفيذي لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد ،في افتتاح هذه الدورة من “الحوارات الاستراتيجية” التي تنظم منذ2016، أنها “صمدت أمام اختبار الزمن، وهو اختبار أساسي في مكافحة الهشاشة”، مضيفا أن هذه النسخة، مخصصة لسؤالين رئيسيين ومعقدين، يشكلان جزءا من فلسفة المركز منذ إنشائه.

وتخصص الجلسة الثانية من الحوارات الاستراتيجية لنقاش منطقة المحيطين الهندي والهادئ: المعالم والتحديات، وسيركز المحور الأول على تحديد المعالم الجغرافية الاقتصادية والجيوسياسية، بينما سيتناول المحور الثاني تحديات الموقع الجيواستراتيجي.

جدير بالذكر أن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، الذي أطلق في عام 2014 في الرباط ، والذي يضم أزيد من 40 خبيرا ، يعتبر مركزا مغربيا للدراسات، مهمته الإسهام في تطوير السياسات العموميةومناقشة القضايا والتحديات الاقتصادية منها والاجتماعية والدولية التي تواجه المغرب وباقي الدول الإفريقية باعتبارها جزأ لا يتجزأ من الجنوب الشامل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News