المجلس العلمي يستمع لآراء الخبراء ويؤكد إبطال التشويش على “الخطبة الموحدة”

كشف سعيد شبار، الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، سعيد شبار، دواعي مبادرة المجلس إلى الاستماع لآراء خبراء من تخصصات متعددة في إطار خطة “تسديد التبليغ” التي أكد أنها واجهت تشويشا في البداية سرعان ما أبطله المجلس بجعل الخطبة مقترحة قبل أن يتبناها أكثر من 95 في المئة من الخطباء.
وأوضح شبار، في لقاء تواصلي من تنظيم المجلس العلمي الأعلى، اليوم الأحد بالرباط، السياق الذي ينبغي أن تُفهم فيه دعوة المجلس، والتي تقوم على عدد من المنطلقات أولها الحقيقة المتمثلة في كون الدين يشمل كل ما ينفع الناس حسب فهمهم الفطري المتعارف عليه منذ العهد النبوي.
وتابع الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى أن أول ما ينفع الناس هو أن يعلموا بما أمر الله به لغاية هذا النفع، وهو ما جاء في الكتاب والسنة وينتظر تبليغه من العلماء، مؤكدا على أن جدوى التبليغ تقاس بكيفية منطقية لأثره في حياة الناس اليومية وفي مختلف مناحي الحياة الفردية والجماعية بالنسبة للمؤشرات السلبية التي تظهرها الإحصائيات.
وأورد شبار أن تحسين هذه الجدوى هو ما دفع العلماء إلى الإعلان عن خطتهم بعنوان “تسديد التبليغ”، وهم يقصدون الحرص على الاستمداد من المنهج النبوي في الإقناع، الذي يقتضي البيان والتيسير والقدوة الحسنة والقرب وتوضيح الأولويات وربط التوجيه بالنفع في الحياة، والتنبيه إلى الفوائد الدنيوية والأخروية من الاستجابة والاتباع.
ومن بين منطلقات مبادرة المجلس، وفق شبار، “حرص العلماء على أن يبلغوا الناس أن أمر الدين هو شأن المتدينين، وأمر كل من يتدخل في حياتهم لخدمتها وتجويدها بكيفية من الكيفيات ومن أي منطلق من المنطلقات، وأن هذه الحقيقة تقتضي ما هو مقرر في الدين من الدعوة إلى التعاون على البر والتقوى”.
وفي السياق ذاته عبر المتحدث عن “اقتناع العلماء بأنه بقدر ما يتحقق التبليغ المسدد ويتم التعامل مع تقويم التدين الأخلاقي بمجهود الجميع، بقدر ما ستخف الكلفة المادية والنفسية على الأفراد والجماعات وعلى الدولة”، مشيرا إلى اقتناع العلماء بأن “النجاح التدريجي لهذا التعاون من شأنه أن يبني نموذجًا تتوفر شروطه السياسية والمعنوية في المملكة المغربية”.
واعتبر شبار أن هذا اللقاء “تجربة أولى لاستماع العلماء للخبراء، وهم يتحدثون من منطلق السؤال المطروح عليهم حول دورهم في التبليغ، لذلك فإن العلماء بعد الاستماع والنظر المتفحص في الأفكار سيقترحون الكيفيات التي يمكن أن يستمر بها هذا الحوار غير المسبوق”.
ولفت شبار إلى حرص العلماء على “استحضار الإقناع بأن المقصود سواء من التبليغ أو الحوار مع الأطراف الأخرى هو الآثار العملية المحسوسة وليس المجادلات النظرية مهما كان نوعها، ولذلك حرص المجلس على حضور فعاليات إعلامية للشهود على هذا القصد المشترك، لا للتعليق على ما يمكن أن يكون قد عبر عنه هذا المتدخل أو ذاك، لأن هؤلاء المتدخلين تحلوا بشجاعة كبرى للكلام في سياق غير مألوف، وأعانهم في ذلك حسن ظنهم بالعلماء ورغبتهم في تشجيعهم”.
وشدد على أن “التبليغ المسدد يكون من الآن فصاعدًا في الميدان، وانطلاقًا من المساجد، وبتدخل المبلغين في مختلف الفضاءات التربوية والاجتماعية عبر خطب الجمعة، والوعظ والإرشاد، والتواصل المباشر، والإعلام المسموع والمرئي والرقمي الذي تشرف عليه المجالس العلمية المحلية بتأطير العلماء والعالمات، والمرشدين والمرشدات، والوعاظ والواعظات، والأئمة”.
وأردف الكاتب العام بأن “الفرق بين التأطير الديني في سياق تسديد التبليغ وبين التأطير قبل هذه الخطة هو أن الخطباء والوعاظ كانوا يختارون موضوعات تدخلهم ويتناولونها حسب أساليبهم في الإقناع، وأن التدخل الميداني المباشر للمؤطرين كان شبه منعدم”، مضيفا “أما في إطار خطة تسديد التبليغ، فالعمل يتم بـ”اقتراح خطاب مهيكل من طرف المجلس العلمي الأعلى ينصب على المضمون الأخلاقي والنفعي للعبادات، مثل شرح الإيمان على أنه قبل كل شيء هو التحرر من الأنانية، ومثل شرح العمل الصالح حسب الأولويات، مثل التضامن وأكل الحلال، أي الإخلاص في الخدمات والمعاملات”.
وبصدد خطب الجمعة، أورد شبار أن “المجلس كان قد عزم على تعميمها، فواجه التشويش من بعض العناصر، فقرر جعل الخطبة مقترحة على موقع المجلس وموقع الوزارة كل يوم أربعاء، والذي تحقق هو إبطال محاولات التشويش، وأن الخطبة المقترحة يأخذ بها أكثر من 95 بالمائة من الخطباء”.
ويتم العمل في إطار خطة التبليغ أيضا، وفق المتحدث، بـ”المتابعة الميدانية من جهة المؤطرين الدينيين لمدى مطابقة التدين لقيم الدين وخلق علاقات تفاعل إيجابية بين المبلغين والمبلغ لهم”، و”التركيز على أن الدين كامل، وأن المطلوب هو تحسين التدين في حياة الناسّ، و”تعبئة الإعلام الديني مؤطَّرًا بفقه مستنير”.
وأفاد شبار باقتناع العلماء بالأهمية القصوى لمؤسستين في البحث عن جدوى التدين هما مؤسسة الأسرة ومؤسسة المدرسة، مبرزا أن الذي ينبغي أن يستمد منه الجميع قوة التعبئة المطلوبة هو وعد الله المؤكد في القرآن الكريم بالحياة الطيبة بشرطيها؛ الإيمان والعمل الصالح، وذلك انطلاقًا من الآية الكريمة:”من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة”.
وواصل في السياق ذاته أن ذلك يتم “مع تفسير الإيمان أنه إخلاص العبادة لله، والتحرر من نوازع الأنانية، فتصبح الأمانة في عنق الجميع هي الشرح والإقناع، وتنزيل الحكم من جهة العلماء، والإسهام من كل الفرقاء الآخرين، سواء كانوا من موقع الخدمة أو الرقابة أو النصيحة أو الإعلام. وهي أمانة ثقيلة يجازي عليها الله تعالى ويحاسب عليها كذلك”.
وتابع شبار “حيث أن هذا المشروع المتكامل مستند إلى أساس التبليغ، وهو الكتاب والسنة كما فهمهما وعمل بهما السلف، فلا يُتصور أن يكون لأحد في هذا البلد مشروع باسم الدين غير هذا”، مشددا على أن “العلماء، انطلاقًا من هذا اللقاء، يريدون الإعلان عنه، وتقرير الاقتناع بأنه مسؤولية الجميع”.
وأكد شبار أن “المأمول في الإعلام الصادق أن يواكب هذا المشروع، وأن يساعد في حمايته من الأصناف التي بشرت النبوة بأن العلماء سيحمون منها الدين، وهم: الجاهلون الذين ليس لهم فقه هذا العصر، والمبطلون الذين ينكرون كل شيء ولا يشكرون، والمتطرفون الذين يدعون إلى الفتنة باسم الدين”.