“الباطرونا”: الإضراب يضيع الاستثمارات ونقابي يرد: الفساد والاحتكار هما المسؤولان

تخوض الشغيلة المغربية إضرابا وطنياً يومي الأربعاء والخميس بدعوة من ثلة من النقابات، رفضاً لقانون الإضراب الذي صودق عليه مجلس النواب صباح اليوم الأربعاء بالأغلبية في قراءة ثانية. وكانت الحكومة قد تقدمت بمجموعة من الذرائع حول صيغة القانون الذي وصفته النقابات بـ”الملغوم”، وفي طليعتها “حماية الاستثمار” واستقطاب المزيد منه.
وتعتبر فعاليات اقتصادية، في مقدمتها الاتحاد العام لمقاولات المغرب “الباطرونا” أن من بين العوائق التي تحول دون تنمية الاستثمار في المغرب، وتصد المستثمرين الأجانب عن المملكة، هو عدم تقنين حق الإضراب، بحيث أكد الاتحاد أنه انتظر القانون المذكور منذ 65 سنة.
ويراهن المغرب كثيراً على الاستثمار في تحقيق طفرة تنموية، لاسيما بعد إطلاق الميثاق الجديد للاستثمار وإحداث صندوق محمد السادس للاستثمار، اللذين يرومان بالأساس رفع حصة الاستثمار الخاص من 33 إلى 66 في المئة من إجمالي الاستثمارات، غير أن هذا “الطموح” يصطدم بتحديات كثيرة، في مقدمتها “عدم اليقين عند المستثمرين الخواص” وفقا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وفي هذا الصدد، اعتبر رئيس فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين، عبد الإله حفظي، أن “المقاولات انتظرت القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب مدة طويلة تناهز 62 سنة ولـ32 ولاية حكومية، لم تقم بتنظيم هذا الحق علما أن جميع دساتير المملكة نصت على ذلك”.
وأكد المسؤول بالقطاع الخاص، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن الهدف من هذا القانون هو “تحسين مناخ الأعمال بما يخدم مصالح الوطن، من خلال إضفاء الشفافية على العلاقات التعاقدية بين جميع أطراف علاقة الشغل”.
وشدد حفظي على أنه “لا ننسى أن هناك الكثير من الاستثمارات التي تضيع نظرا لغياب هذا القانون وانعدام وضوحه، وذلك يؤدي إلى تنفير المستثمرين”، مثمنا المشروع الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه: “القانون الذي لدينا اليوم فيه نوع من الشفافية التي ستمكن من استقطاب الرساميل الوطنية والأجنبية، وتكرس المغرب كوجهة مفضلة للاستثمارات، خصوصا الأجنبية منها”.
ومن جهته، رفض علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، وهي من بين المركزيات النقابية الداعية لإضراب الأربعاء والخميس 5 و6 فبراير، هذا الادعاء، معتبراً أن “ما يشل الاستثمار في المغرب ليس الإضراب، وضرب هذا الحق لن يشجعه، بل هو الفساد والاحتكار”.
وأحال النقابي على رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي أكد بحسبه أن “معظم الإضرابات سببها تأخر أداء الرواتب أو عدم التوصل بالحد الأدنى للأجور”، مشيراً إلى أن مليون و200 ألف أجير مصرح بهم لصندوق الضمان الاجتماعي لا يتوصلون بهذا الحد الأدنى.
وكان “مجلس الشامي” أصدر نقطة يقظة تتعلق بنجاعة الاستثمار، ملاحظا فيها أن المجهود الاستثماري الذي يبذله المغرب مكّن من تحقيق معدل استثمار من بين الأعلى على الصعيد العالمي (أكثر من 30 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي)، إلا أن مردودية الاستثمار تظل منخفضة من حيث أثرها على النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل في المغرب.
واعتبر المجلس أن من معيقات الاستثمار بالمغرب “صعوبة الولوج إلى بعض عوامل الإنتاج وفي مقدمتها كلفة الطاقة والولوج إلى العقار ونقص اليد العاملة”.
ودعا إلى “إرساء سياسة تحفيزية ملائمة تستهدف القطاعات ذات الأولوية بشكل فعال ودقيق”، مضيفا أن الميثاق الجديد للاستثمار “لم يتناول بشكل صريح إشكالية القطاع غير المهيكل، والحال أن الأخير له حصة مهمة في النسيج الإنتاجي الوطني”.
وللاستجابة لهذه التحديات أوصى المجلس بإشراك أكبر لممثلي المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة والمقاولين الذاتيين في بلورة وتحيين سياسات وآليات النهوض بالاستثمار.
كما طالب بالنظر في إمكانية تعديل المرسوم المتعلق بتطبيق ميثاق الاستثمار، من خلال تخويل منحة خاصة بتشجيع تشغيل “كوطا” محددة من الكفاءات الشابة، وإحداث آلية للدعم على مستوى ميثاق الاستثمار وصندوق محمد السادس للاستثمار، تكون مخصصة لتشجيع الوحدات غير المنظمة على الاندماج في القطاع المنظم.
واعتبر أنه من الواجب العمل على تخفيض تكاليف الاستثمار والإنتاج لفائدة المستثمرين الخواص في بعض القطاعات، والعمل على تطبيق صارم لقواعد المنافسة وتعميم الرقمنة.