اقتصاد

في ظل الإجهاد المائي.. ما محل المياه المعالجة في السقي الفلاحي؟

في ظل الإجهاد المائي.. ما محل المياه المعالجة في السقي الفلاحي؟

بتعاقب سنوات الجفاف وتفاقم حدة الإجهاد المائي بالمغرب، لم تعد أمام المملكة خيارات كثيرة عدا اللجوء للمياه “غير التقليدية” لسد الخصاص في مياه الشرب وكذا السقي، خاصة بالقطاع الفلاحي الذي يعد أكبر مستهلك للمياه على الصعيد الوطني، بيد أن القطاع مازال لا يستفيد إلى غاية الآن من أحد أهم روافد الاستراتيجية الوطنية المتعلقة، أي المياه العادمة المعالجة.

ذلك ما لفتت له رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي، إبان عرضها الأخير بالبرلمان. إذ أفادت بأن سنة 2023 عرفت إنتاج المغرب لحوالي 37 مليون متر مكعب من المياه العادمة المعالجة، بيد أن القطاع الاقتصادي الأول لا يستفيد من هذه المياه.

وتعد الفلاحة، وفق معطيات رسمية، القطاع الأكثر استهلاكاً للماء بالمغرب بحوالي 9 مليارات متر مكعب سنوياً، ما يُمثل 87,8 في المئة من إجمالي الماء المستهلك بالمملكة.

واعتبرت العدوي أن العامل الرئيسي في ذلك هو “غياب معايير لتحديد خصائص جودة المياه العادمة المعالجة من أجل استعمالها في الفلاحة”، مضيفة أنه “بالرغم من الجهود المبذولة لتحديث شبكات السقي الجماعي وتوسيع نطاق استخدام الري الموضعي لتحقيق الاقتصاد في استهلاك المياه، إلا أن ذلك لم يمكن من الحد من زيادة الطلب على مياه السقي”.

وفي هذا الصدد أكدت، مديرة مقاولة “Green watech”، سلمى بوكراني، الفاعلة في مجال معالجة وإعادة تدوير المياه العادمة، أن المشكلة الأساسية التي تحرم القطاع الفلاحي من مساهمة المياه العادمة المعالجة متعلقة بالترسانة القانونية؛ “صحيح أن هناك قوانينا في المغرب على غرار القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء والقانون 36-15 القاضي بتعديله، لكننا ما زلنا نعاني من شبه فراغ على مستوى المراسيم التطبيقية”.

وأشارت، في تصريح لجريدة “مدار21″، إلى أن معايير إعادة استخدام المياه بالمغرب ترجع لسنة 2002، أي أنها متقادمة جدا، مؤكدة في الوقت ذاته أن الأشغال جارية بالفعل لمراجعتها طبقاً للمستجدات التي يعرفها المجال وبغية تسريع انتشار هذا النمط من المياه في السقي.

وفي ما يتعلق بالاستهلاك الكبير للفلاحة المغربية للمياه، قالت بوكراني: “نتحدث هنا خصوصا عن الضيعات الفلاحية الكبرى التي تنتج موادا موجهة للسوق الوطنية أو للتصدير”، مشيرة إلى أن السقي بواسطة المياه العادمة ممارسةٌ غير شائعة حالياً سوى في بعض الضيعات الصغيرة وبأساليب بدائية جدا.

كما يُطرح السؤال حول جودة هذا النوع من المياه، ومدى قدرتها على تلبية حاجيات القطاع الفلاحي دون التسبب في أضرار على مستوى جودة المنتجات وصحة المستهلكين. في هذا السياق اعتبرت بوكراني أن القطاع الأكثر استفادة في الوقت الراهن من المياه العادمة المعالجة بالمغرب هو سقي العشب بالمساحات الخضراء، وهو “يتطلب بدوره جودة عالية من المياه المعالجة”.

ورأت في السياق ذاته أنه “إذا كنا قد نجحنا في رفع تحدي سقي المساحات المعشوشبة بالمياه العادمة المعالجة، فيمكننا أيضاً توفير جزء من حاجيات القطاع الفلاحي، شريطة تدارك ما سبق ذكره بخصوص الإطار القانوني والتطبيقي، مع خلق إطارات تحفيزية لتشجيع هذا الاستخدام في القطاع الزراعي”.

وتجدر الإشارة إلى أن القطاع الفلاحي يُساهم بنسبة 14 في المئة من الناتج الداخلي الخام للمغرب، ويرتبط معدل نمو الاقتصاد الوطني ارتباطا وثيقا بالقيمة المضافة الفلاحية، كما يعد أبرز القطاعات التي توفر فرصا للشغل، بتشغيل أكثر من 40 في المئة من مجمل اليد العامة المغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News