سياسة

“ترانسبرانسي” ترصد صعوبات عملية البناء في المناطق المتضررة بـ”زلزال الحوز”

“ترانسبرانسي” ترصد صعوبات عملية البناء في المناطق المتضررة بـ”زلزال الحوز”

أفادت ترانسبرانسي المغرب أن ورشات البناء في المناطق المتضررة بزلزال 8 شتنبر تواجه العديد من الصعوبات، وذلك بحسب شهادات متفرقة من الساكنة الذين عبروا عن “أسفهم” لعدم تماسك التشخيص الأولي بعد الزلزال وهيمنة المقاربة الأمنية من جانب السلطة المحلية.

كما عبرت الساكنة، وبحسب ما جاء في تقرير بعنوان “مرصد برنامج الأطلس الكبير لإعادة البناء بعد الزلزال”، عن أسفها لاستمرار ضعف التناسق بين الفاعلين المؤسساتيين وغياب الوضوح أثناء عملية البناء، مؤكدة أن المعايير التي تعتمدها الدولة وقيود الميزانية التي تفرضها صيغ المساعدة توجه نحو البناء الإسمنتي، ولا يمكن للمبالغ المقترحة أن تراعي إعادة البناء على أساس معايير البناء التقليدي.

وأشار المصدر ذاته، أنه من بين المعايير الجديدة التي ترغب الدولة في فرضها كجزء من عملية إعادة الإعمار، “التصاميم النموذج” التي اقترحتها الجماعات الترابية والوكالات الحضرية، وهي تصاميم سكنية تتراوح مساحتها بين 50 و80 مترا مربعا كحد أقصى، وهو ما تم رفضه من طرف الساكنة بسبب المساحة والنموذج المقترح.

ويؤكد التقرير، الذي اطلعت عليه جريدة “مدار21” الإلكترونية، أن السكان يشيرون أن استخدام المواد الخام المحلية هي أكثر قوة ويوفر مقاومة للمناخ، ويؤكدون أنه يمكن تعميمها على جميع المناطق المعنية بإعادة الإعمار.

وفي المقابل، يعتبر التقرير أن أسلوب العمل الذي تتبعه الجماعات الترابية والوكالات الحضرية يفضل ما يسمى بالمواد “الحديثة”، ويستند على تضافر الموارد، “فكل مهندس معماري والمستخدم من طرف الجماعة الترابية مسؤول عن إعداد نموذج التصاميم القياسية لدوارين أو ثلاثة دواوير، بالتنسيق مع مجموعة العمران”.

وبهذا الصدد، لفت إلى أن وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، أطلقت مشاورات لاعتماد تصنيف الإسكان المحلي، “إلا أن هذه المبادرة لم تر النور بعد. فالإعلانات التي صدرت في اليوم التالي للزلزال من قبل مكاتب الهندسة المعمارية المغربية أو مدارس الهندسة المعمارية لم يتم مراعاتها”.

واعتبر التقرير أنه “سرعان ما تحول التزام الجهات الحكومية أو الخاصة، الذي كان واضحاً بقوة في البداية، إلى سراب. فعلى سبيل المثال، اقترحت المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية (ENA) في أعقاب الزلزال عن وضع تصاميم معمارية لدعم جهود التخطيط، وتعبئة الطلبة للإشراف على تأطير السكان المحليين. وحتى الآن، ظل هذا الوعد حبرا على ورق”.

وشدد على أن فراع المهندسين بمراكش للمدرسة المحمدية للمهندسين سبق وأعلن عن نماذج بناء أولية باستخدام مواد محلية، “إلا أنه لم يتم تتبع هذه المبادرة وللأسف تضاعفت إعلانات النية وأصبح عجز الدولة عن حشد الخبرات الوطنية واضحا”.

وأشار إلى أن الجماعات الترابية رفضت من جانبها، وبشكل قاطع التصاميم التي يقترحها المستفيدون من المساعدات، “إذ يجب أن تمر أي عملية بناء عبر الإجراءات الإدارية المعتمدة حسب دفتر التحملات الموقعة مع المهندسين المعماريين الذين وقع عليهم الاختيار. وبالتالي، أدى هذا الوضع إلى عرقلة عملية إعادة الإعمار”.

وقال إنه وإذا كانت الدولة قد أبانت عن أنها غير مرنة فيما يتعلق بالمعايير، فإنها تظهر مرونة في مواجهة الاحتجاجات؛ وهذا هو الحال في سد تاسكورت جماعة أسيف المال بإقليم شيشاوة حيث يتم إنشاء مناطق للسكن بشكل غير منتظم.

وبالإضافة إلى هذه الخلافات حول نموذج إعادة البناء والمشاكل الهيكلية للتخطيط العمراني، يضاف إلى ذلك، وبحسب التقرير نفسه، صعوبات عملية مرتبطة بجودة خدمات البناء وارتفاع تكلفة المواد.

ويعتبر السكان الذين تمت مقابلتهم، أن عدد المهندسين المعماريين المستخدمين منخفض، مقارنة مع الاحتياجات الفعلية، “وهذا يولد ضغوطاً ومخاطر تؤدي إلى تعثر تصاميمهم. كما أنهم يتساءلون عن مدى احترام العمال المكلفين بإعادة بناء المنازل لهذه التصاميم. هذه اليد العاملة التي يزداد الطلب عليها وتتعرض لضغوط للوفاء بالمواعيد النهائية وستعمد إلى التسرع إلى إنهاء ورش ما والانتقال إلى ورش آخر”.

ويواجه السكان، وفق تقرير ترانسبرانسي المغرب، مشكلة ثانية، تتعلق بتوفير مواد البناء وتكاليفها في المناطق الجبلية، إذ تقدر تكلفة البناء التقليدي ما بين 160 ألف درهم إلى 200 ألف درهم للمساحات من 50 إلى 70 مترا مربعا، بما في ذلك الأشغال الكبرى واللمسات النهائية، وهو ما يتجاوز الميزانية الممنوحة للمساعدات العامة.

وفي حالة البناء بمواد حديثة، يضطر السكان لمواجهة التضخم في أسعار المواد وأسعار خدمات النقل واليد العاملة. “وحدث في بداية سنة 2024 اختناق مع الضغط التضخمي على أسعار المواد والخدمات”.

وسجل التقرير أن سعر كيس الإسمنت يقدر بـ 80 درهما، ويمكن أن يصل إلى 90 درهماً، حسب المنطقة، وتكلفة نقل الرمل والحصى بحوالي 600 درهم لكل 6 أمتار مكعبة، ووصلت هذه التكلفة إلى 1900 درهم، إضافة إلى أن السعر وصل إلى 5000 درهم في دواوير جماعة إغيل (مركز الزلزال).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News