“القطب المالي للدار البيضاء” يقود ثورة في تمويل البنيات التحتية والابتكار

يعمل القطب المالي بمدينة الدار البيضاء، الذي يعد أول مركز مالي في إفريقيا، على تجاوز إشكالات تمويل البنيات التحتية التي تعانيها القارة، وعلى مستوى “التمويلات المبتكرة”، من خلال توفير امتيازات عديدة لأعضائه وتسهيل الأعمال عالية الجودة والقيمة المضافة لنشر أنشطتها في كل إفريقيا.
القطب الذي يعد شريكا لأكبر المراكز المالية الدولية، تمكن في زمن قياسي من تأسيس مجموعة متينة من الأعضاء؛ من مقاولات مالية ومقرات إقليمية لشركات متعددة الجنسيات ومقدمي الخدمات وشركات قابضة.
ويسعى القطب المالي لتعزيز الخبرات الإفريقية لأعضائه، مع تحفيز التآزر وفرص العمل المشتركة بینهم بغية تجاوز الإشكالات والتحديات التي تواجهها القارة على مستوى استقطاب التمويلات؛ بحيث يقدر ذلك العجز، وفقا للبنك الإفريقي للتنمية بـ200 مليار دولار سنويا للبنيات التحتية فحسب.
تمويل البنيات التحتية.. مهنة القطب الأساسية
وكشفت المسؤولة بالقطب المالي، لمياء المرزوقي، أن دور مراكز الأعمال والأقطاب المالية بشكل عام هو إرساء بيئة مناسبة لتحرير طاقات الأدوات المالية المبتكرة، قائلة: “يُمكننا تطوير الأدوات الأكثر تطورا وابتكارا للتمويل، فإذا لم نكن نتوفر على بيئة مواتية، وعلى الخبرات اللازمة والمواهب الميدانية، فلن نتمكن من تحرير طاقات تلك الأدوات”.
وأضافت المرزوقي، التي كانت تتحدث ضمن مائدة مستديرة برسم “منتدى الاستثمار الإفريقي”، أمس الجمعة بالرباط، عن الأدوار التي يلعبها القطب المالي للدار البيضاء في سبيل تعبئة رساميل إضافية لفائدة مشاريع البنيات التحتية بإفريقيا، قائلة إنه يحتضن حاليا صندوقي “Africa50″ و”infraco africa”، اللذين يستثمران في البنيات التحتية في المغرب وسائر القارة، ولا سيما في البنيات التحتية المستدامة”.
ولأن المصادر التقليدية للتمويل أثبتت عجزها عن تلبية حاجيات القارة الضخمة، مما يبرز الحاجة إلى نماذج تمويل مبتكرة، تابعت المسؤولة المغربية بالقول إن الصناديق التي يحتضنها القطب تشتغل بما يطلق عليه “التمويلات المختلطة” و”الشراكات بين القطاعين العام والخاص”، وكذا “إعادة تدوير الأصول”، مما يتيح الحصول على “توفير ذكي للرساميل”.
ولفتت إلى أن المستثمرين من هذا النوع بحاجة إلى منصة قروض آمنة ومتينة، وبيئة مواتية تتوفر على إطار تشريعي وتنظيمي مستقر، وكذا القابلية للوصول إلى المواهب؛ “ذلك ما نوفره لهم، وإفريقيا بحاجة للمزيد من الأقطاب المالية، ونحن نتعاون مع العديد منها في عدة مدن بالقارة”.
وضربت المثال بالاستراتيجية والامتيازات المقترحة من قبل القطب المالي لجذب هؤلاء المستثمرين وتسهيل مسارهم الاستثماري، مشيرة إلى أنه “في القطب المالي للدار البيضاء لدى المستثمر الحرية التامة في تسيير أصوله الأجنبية، كما يمكنه توظيف ما يشاء من اليد العاملة الأجنبية دون قيود، وهذه أمور في غاية الأهمية”.
ومن أجل سد الفجوة التمويلية للبنيات التحتية يبقى التحدي، وفقا للمتحدثة، في العثور على فاعلين مستعدين لمواجهة المخاطر الكبيرة والاشتغال على المشاريع منذ بدايتها الأولى، وهذا النوع من المستثمرين بحاجة إلى بيئة مواتية وسيرورة استثمار ميسرة”.
الابتكار المالي.. مهنة أخرى للقطب
من جهة ثانية، يشتغل القطب في مجال “الابتكار المالي”، فمع أنه يحتضن صناديق البنيات التحتية بشكل أكبر إلا أنه “نحاول القيام بالكثير لمصلحة الابتكار أيضا، إذ نحتضن توجهين سيغيران وجه المالية الإفريقية، أولا ذلك المتعلق بالتكنولوجيا المالية (FinTech) من “بلوكتشين” و”ذكاء اصطناعي”، ومن جهة أخرى ذاك الخاص بالتنمية المستدامة”، تقول المرزوقي.
وفي هذا الصدد: “أطلقنا مند بضع سنوات مشروعا اسمه مختبر الابتكار الإفريقي، الهدف منه هو الجمع بين أفضل المقاولات الناشئة المبتكِرة في القطاع المالي وربطها بفرص أعمال حول العالم”.
أما على مستوى الاستدامة، فأوضحت أن “إفريقيا لا تخلق حاليا سوى 2 في المئة من قدراتها على مستوى تعويض الكربون، وبإمكانها بحلول 2050 تصدير أزيد من 2 جيغاطن من المواد الخالية من الكربون، لتصبح بذلك قاطرة الطاقة المستدامة إذا توفرت لها التمويلات اللازمة والتكنولوجيات المنقولة”. وفي هذا السياق وضع القطب المالي مشروعا سيضم مختلف ممثلي أسواق إزالة الكربون الطوعيين بالقارة.
وأقيمت بالعاصمة المغربية الرباط، ما بين يومي 4 و6 دجنبر الجاري، فعاليات المنتدى الإفريقي للاستثمار، الذي يعد موعداً إفريقيا هاما للنقاش وجذب وتعبئة الاستثمارات لفائدة التنمية في القارة الإفريقية، بتنظيم من البنك الإفريقي للتنمية وشركائه.
وجدير بالذكر أنه ومنذ تأسيسه في عام 2018، اجتذب المنتدى أكثر من 180 مليار دولار من الاهتمامات بالاستثمار، مما أعطى دفعة للتحول الاقتصادي الدي تعرفه “القارة الأكثر شبابا في العالم”، من خلال توجيه الموارد إلى قطاعات حيوية مثل الطاقة والبنية التحتية والرعاية الصحية والزراعة.