الشامي: معدل نشاط النساء بالمغرب في تراجع والدين ليس سببا

كشف أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن معدل نشاط النساء في المغرب تراجع مقارنة بسنة 1999، مؤكدا أن الدين لا يعد سببا في الوضع الذي تعيشه بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
وأوضح الشامي، خلال حضوره اليوم الجمعة بالمنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة، بمجلس النواب، أن “المغرب تراجع من نسبة 30 في المئة لنشاط النساء سنة 1999 إلى 19 في المئة اليوم”.
وأفاد أن “منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لديها النسبة نفسها، مما طرح التساؤل حول ما إن كان الإشكال دينيا بحكم أن أغلب هذه البلدان مسلمة”، مستدركا “غير أنه في ماليزيا انتقلوا من نسبة 44 في المئة سنة 2000 إلى 51.6 في المئة سنة 2023، ما يجعل الإشكالية غير مرتبطة بالدين”.
وأورد أن معدل الشغل يبلغ 15.5 في المئة، موضحا إذ أخذنا 100 امرأة فإن 15 منهن فقط يشتغلن و85 لا يشتغلن، مفيدا أن ميثاق الاستثمار حاليا يعطي دعما بنسبة 3 في المئة إضافية إذا كانت نسبة تشغيل النساء تساوي أو تفوق 30 في المئة.
وتساءل عن الأسباب التي تجعلنا لا نتقدم إلى الأمام في موضوع المرأة، مؤكدا ضرورة أن تكون هناك خارطة طريق لنكون خلال السنة القادمة قد تمكنا من حل عدد من المشاكل، مؤكدا أنها “معركة حقيقية تتطلب تعبئة الجميع من دولة ومؤسسات وأحزاب ومجتمع مدني”.
وأفاد الشامي أنه “لا يمكن لأي بلد أن يطمح إلى تحقيق التقدم إذا كان نصفه قواه الحية تعاني الإقصاء والتهميش”، مفيدا أن “الازدهار الذاتي للمرأة ليس فقط مسألة حقوقية أو مطلبا فئويا ضد الحيف ولكنه أحد أوراش التحول الكبرى الذي ينبغي أن تراهن عليه بلادنا للانتقال إلى النموذج التنموي الجديد”.
واستدرك الشامي، بعد عرضه مختلف الإصلاحات التي قام بها المغرب في مجال النهوض بأوضاع المرأة، بالقول “لكن بكل موضوعية وصراحة فإن طريق المساواة والمناصفة مازالت طويلة وشاقة مازال هناك الكثير مما يتعين القيام لتحسين وضعية النساء في المغرب وتمكينهن من مقومات المواطنة الكاملة والتامة والكريمة داخل الأسرة والفضاء العام والمرفق العمومي والمقاولة دون تمييز أو قيود تقوم على الجنس، إلا إذا كان هذا التمييز إيجابيا لصالحها”.
واقترح المجلس مجموعة من التوصيات، ومنها ما يرتبط بالطابع القانوني والمؤسساتي، وتتعلق أساسا بتسريع وتيرة ملاءمة التشريعات الوطنية مع المقتضيات الدستورية والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة وإلغاء جميع المقتضيات التميزية ضد النساء والفتيات.
كما دعا الشامي في السياق ذاته، إلى تعزيز الإطار القانوني الخاص بمحاربة التحرش المعنوي والجنسي ضد المرأة، ومراجعة المساطر الإدارية والقضائية التي لا تيسر ولوج النساء إلى العدالة أو طرق الانتصاف الأخرى، وتفعيل هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز التي ينص عليها الدستور وصدر القانون المتعلق بإحداثها قبل سنوات.
وشدد على جعل الحصول على نسبة معينة من الدعم العمومي المخصص للأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات مشروطا بـ”تحقيق تمثيلية نسائية لا تقل عن 30 في المئة داخل أجهزتها التمثيلية”.
ولفت إلى ضرورة إقرار تحولات ذات طابع إجرائي ترمي إلى توفير شروط مشجعة على ولوج النساء للشغل، ومنها اعتماد آليات تحفيزية وضريبية لتشجيع نشاط النساء الذي يتراجع بشكل مقلق في السنوات الأخيرة.
ودعا رئيس المجلس إلى تخصيص نسبة لا تقل عن 30 في المئة من مناصب المسؤولية داخل المقاولة في جميع مستوياتها للنساء، ووضع تدابير للتمييز الإيجابي لصالح المرأة بضمان المناصفة في ولوج مناصب المسؤولية في القطاع العام، واعتماد مرونة أكبر في اللجوء إلى أنماط العمل الجديدة داخل المقاولات، ومنها العمل عن بعد والعمل بدوام جزئي والمرونة في ساعات العمل.
وأبرز الشامي ضرورة إحداث دور للحضانة في الإدارات والمؤسسات والمقاولات، مفيدا أن هناك منشورا لقطاع إصلاح الإدارة في الموضوع صدر سنة 2019، مؤكدا على ضرورة وضع سلامة النساء في وسائل النقل العمومي وفي الفضاء العام في صلب سياسات أمن القرب وسياسة المدينة، ثم أخيرا اعتماد الدراسة في المؤسسات التعليمية للتوقيت المستمر.
وأشار إلى ضرورة أن “تكون هناك تحولات ذات طابع اجتماعي وثقافي لتغيير العقليات وترسيخ ثقافة المساواة، عبر رفع القيود والتمثلات الثقافية والتصدي للصور النمطية والتي غالبا ما تكون مهينة وحاطة من كرامة المرأة، وكسر ما يسمى بـ”السقف الزجاجي” الذي يتجسد في مجموع الحواجز النفسية والمجتمعية والمهنية التي تميل إلى إبقاء المرأة في وضعية الجمود وتكريس دونيتها وتبعيتها”.
وأردف في السياق ذاته ضرورة “إرساء أنماط إيجابية في التفكير والسلوك تنتقل بين الأجيال انطلاقا من الأسرة والمدرسة والإعلام والتمثلات الثقافية الشادة حتى يتملك المجتمع قيم اللاعنف والمساواة والاحترام المتبادل اتجاه المرأة”.