أحمد نور الدين: ملف الصحراء يدنو من نهايته والمفتاح بيد الرباط وليس الجزائر

بعد الإقرار الفرنسي بمغربية الصحراء، والدعم الدولي المتزايد والأصوات الداعمة من داخل مجلس الأمن لمبادرة الحكم الذاتي، وجدت الجزائر، وصنيعتها “البوليساريو”، نفسها في عزلة دولية، فاقمها القرار الأخير بتمديد ولاية بعثة “مينورسو” لسنة إضافية بالصحراء المغربية.
المكاسب المتتالية للمغرب ستدفعه لتحويل نهج رد الفعل دفاعا عن وحدته الترابية إلى الاستباقية، وفق توجيهات الملك محمد السادس في خطاب افتتاح السنة التشريعية بالبرلمان في 11 أكتوبر الماضي.
بهذا الصدد، دعا الخبير في العلاقات الدولية، أحمد نور الدين، الدبلوماسية المغربية إلى “توجيه المدفعية صوب الكيان الوهمي في الاتحاد الإفريقي للقضاء عليه هناك وإخراجه ذليلاً صاغراً كاللّص، لأنه تسلّل إلى المنظمة القارية في غفلة من الدبلوماسية المغربية ومن الدبلوماسيين الأفارقة دون أي سند قانوني أو سياسي”.
ويرى نور الدين، في تصريح لجريدة “مدار21” أن الوقت حان لطرد “البوليساريو” من الاتحاد الإفريقي لأن “ميثاق الوحدة الإفريقية كان ينص في مادته الرابعة على أن العضوية مقصورة ومحصورة في الدول المستقلة ذات السيّادة، وهو ما لا يتوفر في عصابة البوليساريو الانفصالية، لا في الماضي ولا في الحاضر”.
وشدد الخبير في ملف الصحراء على أن مستجدات ملف الصحراء المغربية “ليست هدية سياسية من أحد”، وأن تزايد التأييد الدولي للموقف المغربي هو نتيجة “للحزم والوضوح الملكي”، مؤكدا أن “مسألة طي ملف الصحراء أصبحت قاب قوسين أو أدنى ومفتاح إنهائه في يد الرباط”، داعيا “وزارة الخارجية لاتخاذ الخطوات النهائية الحاسمة”.
وأكد المحلل السياسي، في تعليقه على آخر المستجدات المتعلقة بقضية الصحراء المغربية، أن “قرار مجلس الأمن 2756، كرّس عزلة الجزائر من خلال فرار السفير الجزائري من قاعة مجلس الأمن أثناء التصويت على القرار، والذي لم يصوت ضده أي عضو دائم أو غير دائم”، مستدركا: “نقول هذا رغم كل التحفظات والملاحظات على القرار وما يضمه من فقرات مجانبة للصواب أو ملتبسة”.
وأشار المتحدث إلى زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمملكة، وتأكيده مرة أخرى مغربية الصحراء في البرلمان المغربي وتوقيعه مع العاهل المغربي على إعلان استراتيجي “يعد وثيقة دبلوماسية ترسخ هذا الموقف وتجعل منه التزاما للدولة الفرنسية”.
وسجل نور الدين أن “كلا الحدثين يُعززان المنحى العام الداعم للشرعية التاريخية لمغربية الصحراء، والذي أخذته القضية الوطنية على الصعيد المحلي والقاري والدولي”، لافتا إلى أنه “المنحى الذي يؤكد تزايد الوعي بحقيقة الصراع وطبيعته الإقليمية بين الجزائر والمغرب، وانهيار أطروحة المشروع الانفصالي الذي اتخذت منه الجزائر مجرد قناع لإخفاء عدوانها على سيادة ووحدة أراضي المغرب طيلة نصف قرن من الزمن”.
وأورد أن “تزايد تأييد مراكز القرار الدولي للموقف الشرعي المغربي في الصحراء، ليس هدية سياسية من أحد، بل هو مُحصلة عدة عوامل جيو-استراتيجية، على رأسها الحزم والوضوح الملكي بأن المغرب ينظر بمنظار الصحراء إلى العالم”.
“لا يمكن اعتبار الدعم الدولي لموقف المملكة من باب صحوة الضمير لدى كبار العالم أو غيرة منهم على الشرعية الدولية أو التاريخية، فالدول العظمى تنتهك هذ الشرعية على مرأى ومسمع من العالم، وأبسط مثال على ذلك تواطؤ مجلس الأمن بكل أعضائه على الجرائم ضد الإنسانية في غزة وغير ذلك من الأمثلة الكثيرة على انتهاك القوانين الدولية وضرب الشرعية الدولية وقراراتها عرض الحائط” يضيف أحمد نور الدين.
وردا عن سؤال “مدار21” حول اقتراب إنهاء هذا النزاع المفتعل، أكد المحلل ذاته أنه “باعتراف فرنسا بمغربية الصحراء بشكل واضح، وباعتراف إسبانيا بطريقة أقل وضوحاً ولكنها مؤكدة، وبوصف هذين البلدين هما القوتان الاستعماريتان اللتين قسمتا المغرب إلى مناطق نفوذ مما تسبب في ظهور مشكلة الصحراء من أساسها، وبعد الاعتراف الأمريكي الصريح، ورغم كل النقد الذي يمكن أن نوجهه للسلوك الدبلوماسي لواشنطن وازدواجية خطابها، يمكننا أن نقول إن مسألة طي ملف الصحراء أصبحت قاب قوسين أو أدنى”، مشددا على أن “الكرة الآن في ملعب وزارة الخارجية المغربية لاتخاذ الخطوات النهائية الحاسمة لذلك، طبعاً بالحكمة والتبصر اللازمين”.
المتحدث ذاته أكد أن “الحلّ يوجد في الرباط وليس في الجزائر كما يقول البعض، بل إن من يقول بأن الحلّ في الجزائر ينتقص من حيث لا يدري من السيادة المغربية ويعطي للجزائر حجماً ووزناً أكبر منها”، مضيفا: “نعم يجب تحميل الجزائر مسؤولية العدوان على المغرب الذي ينطلق من أراضيها، أو بالأحرى الأراضي التي تحت إدارتها في تندوف وبشار، ويجب استصدار قرارات أممية تُدين العدوان الجزائري على المغرب بواسطة ميليشيات تسلحها بالأسلحة الثقيلة، وتدربها في مدارسها العسكرية، وتمولها، وتوفر لها الغطاء السياسي دولياً”.
وأشار المصدر ذاته إلى أنه “لم يعد هناك الآن من مبرّر لأي دولة أن تستمر في اعتبار النزاع في الصحراء نزاعاً بين المغرب وميليشيات انفصالية، وإنما هو عدوان جزائري على سيادة المغرب، هذا هو التوصيف القانوني والسياسي للنزاع”.
ونبه احمد نور الدين إلى أن “أولوية الأولويات الآن لدى الدبلوماسية المغربية أضحت هي تغيير المقاربة من التدبير إلى التغيير داخل اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، لأنه إذا طُوي الملف في هذه اللجنة، فإنه سيطوى إلى الأبد وبشكل تلقائي وأتوماتيكي في مجلس الأمن والأمم المتحدة”.