رأي

زيارة دولة

زيارة دولة

من المنتظر أن يصل إلى المغرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب رفقة زوجته في زيارة ممتدة لثلاثة أيام وُصفت “بزيارة دولة” كما أعلن عن ذلك ملك البلاد في خطابه أمام البرلمان المغربي عند افتتاح الدورة التشريعية، وهي الزيارة التي تأتي في سياق الترتيبات الجديدة التي تشهدها العلاقة المغربية الفرنسية بعد الجمود السياسي والدبلوماسي الذي شهدته والذي تم تجاوزه بحوار قاده قائدا البلدين بوضوح، هدوء انتهى لطي صفحة سوء الفهم التي كانت بينهما وانتهت بإعلان فرنسا في موقف دولة على الموقف الجديد من الصحراء، فباتت فرنسا من الدول الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي كحل لطي النزاع، وللسيادة المغربية الكاملة على كل التراب المغربي في موقف سياسي ودبلوماسي قوي لم يستجب فقط للمطالب المغربي بل أعاد بناء العلاقة المغربية الفرنسية على ترتيبات سياسية ودبلوماسية جديدة، أساسها الثقة، احترام المصالح الحيوية للجانبين، وعودة الشراكة بينهما لسابق عهدها، بل بهذه المواقف الفرنسية الجديدة قفز البلدان إلى مرحلة جديدة من الشراكة بينهما.

المغرب وتجسيداً منه لطبيعة الزيارة باعتبارها زيارة “دولة” سيفتح أبواب البرلمان الرئيس الفرنسي لإلقاء كلمة داخله في تقليد مغربي فرنسي، أذ سبق للبرلمان المغربي أن استقبل رؤساء فرنسيين سابقين كما سبق للبرلمان الفرنسي أن استقبل المغفور له الحسن الثاني في آخر زيارة له لفرنسا بحيث ظل البرلمان الفرنسي شاهداً على متانة العلاقة المغربية-الفرنسية، واليوم سيكون البرلمان المغربي شاهداً على تطور العلاقة المغربية الفرنسية، وانطلاقهما معاً نحو بناء فضاء دبلوماسي؛ اقتصادي، سياسي… جديد.

المغرب وفرنسا اليوم باتا أقرب إلى بناء تحالف اقتصادي وسياسي جديد، من خلال ما سيضعه المغرب أمام فرنسا من إمكانيات اقتصادية كبيرة خاصة على مستوى المشاريع الاقتصادية التي أعلن عنها ملك البلاد من المبادرة الأطلسية التي سيضع من خلالها المغرب إمكانياته الاقتصادية أمام تصرف دول الساحل، ومشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب ومشاريع اقتصادية كبرى بغرب أفريقيا وشرقها خاصة مشروع الأسمدة الكبير بإثيوبيا…و غيرها من المشاريع الاقتصادية الكبرى التي يمكن ربطها بأوروبا وتفتح الباب امام دول أوروبية لتكون جزءاً منها على رأسها فرنسا لتستعيد مكانتها التاريخية بالقارة الإفريقية، وليكون المغرب الممر نحو هذه القارة.

وبالمقابل فرنسا بفضل قوة صوتها داخل مجلس الأمن الذي سيناقش هذا الشهر ملف الصحراء، يُنتظر أن تلعب هذه الأخيرة دوراً سياسيا ودبلوماسياً كبيراً على مستوى هذا الملف للدفع به نحو طي النزاع على أرضية مبادرة الحكم الذاتي، واحترام السيادة المغربية على كامل ترابه، من خلال الدفع نحو استصدار قرار أممي جديد يعكس حقيقة الوضع في الاقاليم الجنوبية، ويُساير الديناميات الجديدة التي خلقها المغرب سياسياً واقتصادياً بالمنطقة وهي ديناميات كلها تستجيب للمعايير الأممية لحل وطي ملف الصحراء، لذلك يُنتظر أن تلعب فرنسا إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية دون نسيان بريطانيا باعتبارهم من الدول الدائمة العضوية، دون نسيان الدور الذي تلعبه مجموعة “أصدقاء الصحراء الغربية” في بلورة قرار أممي جديد الذي تعتبر إسبانيا طرفا أساسيا في هذه المجموعة وهي كلها دول تدعم مغربية الصحراء وطي الملف على اساس المقترح المغربي.

الأخبار التي يتم تداولها والقادمة مع زيارة ماكرون تشير إلى أن الرئيس الفرنسي سيعلن عن قرار سياسي كبير أثناء هذه الزيارة يتعلق بمغربيةً الصحراء وتجسيده للموقف الفرنسي الجديد، وإذا كان ما يتم تداوله إعلاميا هو الذي سيقع فإننا سنكون أمام موقف فرنسا يتجاوز باقي المواقف المعلنة من الدول الداعمة لمغربية الصحراء وستكون فرنسا في ريادة هذه الدول وطبيعتها التي تقود حملة لتدعيم السيادة الكاملة لمغربية الصحراء اقتصاديا من خلال المشاريع الفرنسية التي سيتم تدشينها بالمنطقة، سياسيا ودبلوماسيا من خلال القرارات الهامة والتاريخية التي سيتم اتخاذها أثناء الزيارة.

المغرب وفرنسا قد أدارا ظهرهما للصفحة التي شكلت سوء تفاهم بينهما، ويبدو أن تفاهمهما اليوم لا يتعلق بالعلاقة الثنائية بل برؤيتهما كذلك للمنطقة خاصة على المستوى الاقليمي، هما معاً طوى صفحة النظام الجزائري في صيغته الحالية، هنا لابد من القول ماكرون سيكون في ضيافة المغرب والأكيد كما عادة الإعلام العسكري الجزائري سيخوض حملة قوية ضده، وهي حملة سيتطلب منا أن ندافع على “الرجل” وًنوفر له الغطاء الإعلامي خاصة الغير الرسمي المناسب تجسيداً للمكانة التي بات يحضر بها وسط الشعب المغربي انطلاقا من المواقف الشجاعة التي أعلن عنها وسيعلن عنها.

ماكرون في زيارة دولة للمغرب حيث سيكون مرحبا به رسميا من طرف عاهل البلاد وقائدها، ومن الشعب بكل مكوناته وأطيافه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News