سياسة

السنتيسي يصف مشروع قانون المالية بـ”المكرر” والحامل لنفس الأولوليات السابقة

السنتيسي يصف مشروع قانون المالية بـ”المكرر” والحامل لنفس الأولوليات السابقة

وصف رئيس الفريق الحركي، إدريس السنتيسي، مشروع قانون المالية بـ”المكرر”، والحامل لنفس الأولوليات السابقة، وبكونه “ليبيراليا” أكثر منه اجتماعي، ويحكمه هاجس الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية والمالية، ببنية محاسباتية صرفه بمعادلات حسابية ضيقة، وميزانية محدودة الآفاق والأهداف مبنية على فرضيات ومؤشرات غير واقعية ومتجاوزة وصعبة التحقق ولم تتحقق أي فرضية طيلة عمر حكومة الكفاءات.

وأضاف السنتيسي في مداخلة له أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، اليوم الجمعة، أنها “ميزانية عامة بنظرة تقليدية مستمرة في الاعتماد في مواردها على المديونية من خلال تمويل الدين بالدين وعلى الضرائب دون فتح ورش إصلاح شامل لمدونة الضرائب والجمارك”.

ويعتبر أن قوانين المالية للحكومة تعكس فشل مخطط المغرب الأخضر، محاولة الإصلاح بمساحيق الإعفاءات من رسوم الاستيراد ودعم المنتوجات الفلاحية والحيوانية، مشيرا إلى أن “الحكومة بنت تقديراتها على نسبة نمو 4.6% سنة 2025 بناء على فرضيات تتعلق بنمو الإنتاج الفلاحي واستقرار أسعار الطاقة”.

ويشير إلى أن ضعف النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم سيؤثر سلبا على تحقيق أهداف وبرامج الحكومة، إذ إن الأمر يتطلب التوفر على مقاربة واقعية في تقدير معدلات النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم بشكل فعال، وتقليل الاعتماد المفرط على الاقتراض العام.

وأردف أن “الحكومة تسير نحو زيادة الاقتراض العام لتغطية نفقات الدولة، مما سيزيد من أعباء خدمة الدين التي تستهلك جزءا كبيرا من الميزانية، حيث ستزيد عن أكثر من 62 مليار درهم حسب هذا المشروع، وأن فرضية تحقيق 70 مليون قنطار، تطرح أكثر من تساؤل في ظل حالة اللايقين والتحول المناخي”.

ويقول إن ثقافة الإدخار عند المغاربة تراجعت بفعل الغلاء، وأن قانون المالية ليس فيه رؤية للتحكم في الموارد والنفقات من أجل حصر عجز الميزانية”، مشيرا إلى أن النموذج الاقتصادي المغربي، ما يزال يعتمد بشكل كبير على القطاعات التقليدية مثل الفلاحة والسياحة، ولا يوجد أي ابتكار أو إبداع.

ويرى أن “المداخيل الضريبية ترتفع كل سنة بدون أثر أو تأثير على المواطن ولا حتى على الميزانية فالمديونية  والعجز كلها ثوابت لا تتغير، وأن تقليص النفقات مجرد شعار رفعته حكومة الكفاءات رغم تأكيد المذكرة التأطيرية للسيد رئيس الحكومة على التحكم فيها”.

وساءل الحكومة عن برنامج تقليص الفوارق الترابية والاجتماعية الذي كان سيستفيد منه 14 مليون نسمة من سكان العالم القروي، وعن منطقية الاحتفاظ بفرضية محصول الحبوب بـ 70 مليون قنطار في سياق يتسم فيه التغير المناخي في المغرب بالجفاف والفيضانات.

وطالب الحكومة بتفسير مساهمة 5 مؤسسات عمومية فقط في ميزانية الدولة (المكتب الشريف للفوسفاط، السجل العقاري، بنك المغرب، بريد المغرب، Anrt )، وغياب التدابير الملموسة لزيادة الاستثمار الخاص إلى ثلثي الاستثمار الوطني، وتبرير زيادة الاقتراض المحلي بنسبة 21.7% ليصل إلى 65 ملياراً في حين أن شركات القطاع الخاص تكافح من أجل إيجاد التمويل.

وبخصوص ورش الحماية الاجتماعية، ساءل السنتيسي الحكومة بشأن معايير الفقر بالنسبة للحكومة، وعن عتبة 9.72، وعلاقة بالسياسات العمومية للحكومة، مستحضرا “ملف الاستثمار”، وعن أثره على التشغيل، معتبرا أن “استثمارات القطاع الخاص لازالت ضعيفة وتتطلب التحفيز”.

ويرى أن المبادرات الحكومية للتشغيل من قبيل “أوراش” و”فرصة ” و”انطلاقة ” تبقى مبادرات محتشمة، ظرفية ومؤقتة، وتفتقر لضمانات الديمومة وبالتالي فهي غير قادرة على ضمان الاستقرار الاجتماعي.

وعن ملف التعليم، فيقول إن ميزانية البحث العلمي خارج الأولويات ولا ترقى لمستوى التطلعات، متسئلا عن تراجع الحكومة عن العديد من التزامات كإحداث الأنوية الجامعية، ومآل الأقطاب الجهوية الموعودة، والقانون الإطار للتربية والتكوين المادة 57 لجنة التتبع، منتظرين بحسبه “الوزير الجديدوخطته في الإصلاح.

وتحدث عن قطاع الصحة في مداخلته، مستحضرا ملف طلبة الطب، الذي فشلت الحكومة في حلها بحسبه، متسائلا أيضا عن وصفة الحكومة لسد العجز المقدر في عدد الأطباء ب 34 ألف طبيب، و65 ألف ممرض، وعن إمكانية إقرار إصلاحات بدون تشريعات (مدونة الشغل-قانون النقابات-قانون الإضراب)، وعن القوانين المسحوبة التي تعد سابقة في التاريخ التشريعي، في ظل حكومة بدون بوصلة تشريعية (المخطط التشريعي).

وتطرق أيضا إلى الارتباك الحكومي في CNSS – CNOPS والارتباك الحكومي، وقرار الدمج والتراجع عنه بدون توضيح الأسباب، في غياب لإصلاح شمولي لنظام المقاصة، فالحكومة لجأت إلى الخيار الأسهل المتمثل في الرفع التدريجي من الأسعار (قنينات الغاز).

وتطرق أيضا إلى الجهوية باعتبارها ملفا غائبا تماما في السياسية الحكومية ألا تفكر الحكومة فإعادة هيكلة وتنظيم آليات التنمية وتحقيق التوازن في توزيع الاستثمار العمومي مجاليا وجهويا واجتماعيا.

وتساءل عن تفعيل الاختصاصات المنقولة والمشتركة والتي تظل بعيدة المنال، والإجراءات المواكبة لتفعيل وأجرأة ميثاق اللاتركيز الإداري، والقرية والجبل والغابة، وتكرار الفواجع والكوارث أظهرت الهشاشة. وغياب أكبر ركن من اركان النموذج التنموي الجديد عنوانه العدالة والانصاف المجالي.

ويرى أن مشروع قانون مالية بأرقام ومؤشرات غير قابلة للتحقق لا في نسبة النمو ولا التضخم ولا عجز الميزانية و لا الحد من المديونية، كما مشروع ميزانية عامة تفتح الأبواب للإستراد للتغطية عن فشل المخططات القطاعية في تأمين الأمن الغذائي دون جرأة لتقييمها وتقويمها، ومشروع ميزانية محاسبتية دون عمق اقتصادي واجتماعي يتفاعل مع تحديات البلاد.

وقال: “مشروع ميزانية عامة ناتج عن حكومة، سواء في نسحتها الأولى أو الثانية، مصرة على البحث عن حلول تقنوراطية لملفات وقضايا ذات طبيعة سياسية واجتماعية ومجالية معقدة، ومشروع ميزانية صادر عن حكومة بدون عمق ولا أفق سياسي، ومشروع ميزانية صادر عن حكومة لا تتواصل، وهي تعترف بذلك، ولا تملك القدرة على التواصل، هي صماء، عنيدة، تريد الحوار من طرف وحيد، تتنكر لمغرب المؤسسات، وتجعل الهاجس الانتخابوي فوق كل حساب ولو على حساب مغرب سياسي متعدد، مغرب حقوقي ديمقراطي، مغرب يتقاسم كل المغاربة مستقبله وخيراته بعدالة واستحقاق”.

ويضيف: “ولأن هذا المشروع مثل سابقيه لا يحمل جديد خارج معادلات ضريبة تبرر الأزمات بدون حلول جذرية فإن طموحنا كفريق حركي هو أن تقدم الحكومة فيما تبقى من عمرها السياسي برنامجا حكوميا جديدا يكون في مستوى تحديات المرحلة ورهاناتها، بذل هذا المشروع الذي نعتبره اجتهاد عادي في سياق غير عادي، وقبل الحديث في التفاصيل نود معرفة من كان المسؤول عن وزارة المالية في الحكومات السابقة (بوسعيد وبن شعبون) وجميع القطاعات الحيوية في الحكومة السابقة وكأن المغرب بدأ مع هذه الحكومة”.

وأنكر السنتيسي ما يتم تداوله بشأن التبخيس والتشكيك في إنجازات تعتبر “في الأساس والأصل ثمرة مبادرات ملكية سامية رغم سوء تنزيلها من طرف الحكومة،  فمنذ البداية ونحن ننبه الحكومة أنها فاقدة للإبداع والابتكار، حكومة تميزت بتوزيع الثروة على قلتها عوض إنتاجها، وعجزت عن تنزيل السياسة العامة للدولة منها المخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية والطاقية والدوائية، وتعبئة 550 مليار درهم لخلق 500 ألف منصب شغل في الفترة ما بين 2022-2026، وخلق الطبقة الوسطى الفلاحية”.

وبخصوص التعديل الحكومي، قال السنتيسي في مداخلته، أنه كان بطموح أكبر من تعديل في تركيبة الحكومة، عادا أن “التعديل الحقيقي الذي انتظرناه هو تعديل في الهندسة وفي البرنامج الحكومي الذي أثبتت تحديات السياق وتطلعات المواطنين والمواطنات، وأصواتهم بسبب الغلاء وشح الماء، أنه خارج إطار الأفق الاستراتيجي الذي اسست له بلادنا برؤية حكيمة لعاهل البلاد”.

ولاحظ أن التعديل مس القطاعات الحكومية الحيوية والتي أثبت الواقع فشلها، كما التعليم، التعليم العالي، الصحة، الاستثمار، النقل، وأنه في ظل برنامج حكومي متجاوز، لم تتمكن الحكومة من تحقيق التزاماته العشر كالرفع من وتيرة النمو إلى 4%، خلال خمس سنوات ونحن في السنة الرابعة لم يتحقق هذا المعدل.

ولفت إلى أنه تم “فقدان 500 ألف منصب شغل عوض إحداث مليون منصب شغل صافي، ولم تتمكن الحكومة من رفع نسبة نشاط النساء إلى أكثر من 30% عوض 20%. والوقع هو 19%، وإخراج مليون أسرة من الفقر والهشاشة وهذا لم يتحقق وربما العكس (ننتظر الإحصاء الرسمي).

وأكد أن الحكومة لن تلتزم بتقليص الفوارق الاجتماعية إلى أقل من 39%، مبرزا أن تصنيف المغرب ضمن أحسن 60 دولة عالميا في منظومة التربية يحتل المرتبة 154 عالميا وهو رقم مخجل، بحسبه.

وعد أن تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية مجرد شعار، ولوحات في واجهة الوزارات،

وخصص السنتيسي مساحة في مداخلته للحديث عن الإنجازات والمكاسب التي حققتها وتحققها مسألة الوحدة الترابية المغربية، بفضل القيادة الحكيمة للملك محمد السادس، مبرزا أنه “رغم الدسائس والمؤامرات وتسخير وسائل غير مشروعة للتأثير في مشروعية مسألة وحدتنا الترابية، فإن مغربية الصحراء ستظل ثابتة بفعل مشروعيتها التاريخية والجغرافية، وبفعل عقد البيعة الراسخ والإجماع الوطني، والاعترافات الوازنة والواسعة للمنتظم الدولي”، مشيدا بالموقف الفرنسي الأخير من قضية الوحدة الترابية للمغرب، كونه صادر عن بلد ملم بكل الخلفيات والملابسات التاريخية للصراع المفتعل حول مغربية الصحراء.

وعد أن “هذا المكسب الدبلوماسي الجديد من دولة مؤثرة كفرنسا، يؤكد صواب منهجية المغرب في الدفاع عن قضيته الوطنية الأولى، وهي المنهجية المبنية على لغة الإقناع والحكمة والتبصر والوضوح والصدقية، واصفا إياه بـ”واقع ديبلوماسي جديد يشكل أرضية لبناء نموذج تنموي لإفريقيا الأطلسية والتي تشكل فيه أقاليمنا الجنوبية محورا أساسيا بعمقها الإفريقي ورهاناتها التنموية لخلق تكتل اقتصادي قوي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News