موقف

الحافظي: تبون رهينة للجيش ومقامرات نظام العسكر بالجزائر خطر على المنطقة

الحافظي: تبون رهينة للجيش ومقامرات نظام العسكر بالجزائر خطر على المنطقة

ليس غريبًا أن القائد العسكري الذي قتل مواطنا أعزلا بدم بارد لمجرد أنه خرج يتسكع يبحث عن عود ثقاب، أن يجر عسكريين إلى فخ لغم تقليدي انفجر في أحد أفراد دورية جزائرية على الحدود مع المغرب قبل أيام.
فقبل عشرين سنة نشر ضابط سابق في الجيش الجزائري يدعى لحبيب سويدية كتابا بعنوان “الحرب القذرة” عن العشرية السوداء في الجزائر يحكي قصة اغتيال مواطن على يد قائده برتبة كولونيل انذاك، سعيد شنقريحة، بدم بارد. يقول الكاتب في العام 1994 ارتكب رئيس أركان الجيش الجزائري الحالي، جريمته بدم بارد أمام جنوده: “لقد أعدم دون سبب رجلا مدنيا أعزل برصاصة في الرأس” (بقية التفاصيل في الصفحات 127-128 من المؤلف).

خلال العشرية السوداء أرسلت المخابرات العسكرية عناصر من أفراد الجيش للتدريب في كوريا الشمالية خضعوا خلالها لتكوين مكثف جعلهم يتقنون لعبة الاختباء في شخصية الجماعة الاسلامية المقاتلة لتنفيذ عمليات اغتيال ضد الجزائريين الآمنين واتهام الجماعة بتنفيذ هذه الاغتيالات. سهلت هذه الاستراتيجيا على نظام العسكر توجيه الاتهام لأفراد الجماعة المسلحة الذين واجهوا النظام العسكري بعد انقلابه على الانتخابات. طبعا، المفارقة هنا ان الجماعة المسلحة يفترض ان تقتل الناخبين الجزائريين الذين صوتوا للإسلاميين بأغلبية ساحقة في انتخابات 1991. لاحقا أحدث هذا المخطط الجهنمي وعبر وحدات خاصة تلقت تدريبها في كوريا الشمالية حالة من الفوضى في البلاد، فلا أحد يعرف من يقتل من؟

بعد أن تخلص من الجنرال قايد صالح وأعاد تجميع الطغمة العسكرية من الحرس القديم أمثال خالد نزار وزير الدفاع أيام الحرب الاهلية في الجزائر والجنرال توفيق مدين مدير الدائرة العسكرية في مخابرات الجيش، أبان الجنرال شنقريحة عن غل وحقد دفين تجاه المغرب، حتى إنه في أحد اجتماعات المجلس الاعلى للامن غادر مقر الاجتماع غاضبا واصفا الرئيس ومن معه بالجبناء الذين يتخوفون من الدخول في حرب مع المغرب!

بالمقابل، ولتنفيذ مخطط الفوضى في المنطقة كان لزاما على الطغمة العسكرية أن تعتمد على جهاز دبلوماسي يروج خطاب الكراهية والادعاءات المفبركة ضد المغرب، دبلوماسي من الحرس القديم يفتعل الأحداث لتبرير مخاطرات العسكر. وقع الاختيار على رمضان لعمامرة أو “مفتعل الحرائق” كما وصفته الصحيفة الفرنسية جون افريك. فبدأ الدبلوماسي الجزائري تنفيذ مخطط افتعال الأزمات.

في ظل هذا التموقع وسياقاته وجد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون نفسه في مواجهة طموح وزيره في الخارجية بحذر كبير، لم يترك للرئيس من خيار إلا مسايرة الجنرالات في مقامراتهم العبثية ضد المغرب. هذا السيناريو (تحالف وزيرا الخارجية والدفاع) ليس جديدا على الحالة الجزائرية، فهو لا يختلف كثيرا عما وقع سنوات السبعينات، يومها اشتكى الراحل بوتفليقة، وزير الخارجية انذاك، الرئيس أحمد بنبلة، لوزير الدفاع هواري بومدين حينها بدعوى أن الرئيس بنبلة يريد ان يبعده عن وزارة الخارجية. يومها قرر بومدين منع رئيس الدولة من حضور اجتماع رسمي، تلاه الانقلاب الذي أطاح بالرئيس بنبلة. السيناريو نفسه يستحضره الرئيس تبون بإدراك مسبق أن العسكر اختاره لهذه الأجندة منذ اليوم الذي أذاعت فيه قنوات الإعلام العمومي الجزائري صوره وهو وزيرا للاسكان حينها، مذلولا خانعا يبهدله الوزير الأول عبد المالك سلال أمام عدسات الكاميرا.

الرئيس تبون رهينة العسكر، فرضية اكدت حقيقتها ما نشرته جريدة لوموند الفرنسية نقلا عن تصريحات للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي خاطب طلابا فرنسيين وجزائريين في اجتماع حول فرنسا وذاكرة الريع، بالقول “إن الرئيس تبون رهينة نظام عسكري متحجر”. هذا التوصيف يكشف مشكلة العلاقات السياسية العسكرية في الجزائر، ويُظهر السلطة السياسية في وضعية تبعية وارتهان للطغمة العسكرية، كما يكشف صورية الانتخابات الرئاسية الفاقدة الشرعية سلفا.

يسارع العسكر الحاكم في الجزائر اليوم إلى لعب ورقة التغلغل الروسي في إفريقيا وهو يصور ذلك على انه تحالف استراتيجي بين الجزائر وموسكو، ولأجل ذلك سارع نظام العسكر إلى إرسال وزير خارجيته إلى مالي لاقتراح تمويل دخول مرتزقة “فاغنر” الروسية لهذا البلد الإفريقي نكاية في فرنسا وضدا على العملية السياسية والعسكرية التي ترعاها القوات الفرنسية بدعم بلدان الساحل الخمسة. لكن الروس لا يتحمسون كثيرا لشطحات نظام عسكري بدون سند شعبي، متقلب مواقفيا، هش اجتماعيا وأضعفه الحراك الشعبي.

للمقامرات الجزائرية في المنطقة تاريخ طويل، لم تسلم منها موريتانيا حين نفذت اجندة المخابرات الجزائرية هجمات على ثكنة عسكرية في شمال مالي سنك 2007، ولا ليبيا الذي كشف ثوارها عن رحلات طائرات جزائرية تنقل مرتزقة للقتال مع القذافي ضد الثورة الليبية، وبعد موقف السلطات الفرنسية تسليم العقل المدبر، للعملية الإرهابية التي نفذت في فندق آسني بمراكش سنة 1994، للسلطات المغربية، سوف تنكشف حقائق جديدة مقرفة لا محالة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News