سياسة

أزمة الرباط ومدريد متواصلة.. هل يطيح المغرب بحكومة سانشيز؟

أزمة الرباط ومدريد متواصلة.. هل يطيح المغرب بحكومة سانشيز؟

يبدو أن الأزمة الثنائية بين المغرب وإسبانيا، ستأخذ منحى جديدا بعد المستجدات الأخيرة التي أثبتت تورط وزيرة الخارجية الإسبانية “أرانشا غونزاليس لايا”، قضائيا في ملف دخول إبراهيم غالي، زعيم جبهة “البوليساريو”، وهو ما ينذر أيضا بتعديل حكومي جديد منتصف الشهر الجاري، تنبأت له منابر إعلامية إسبانية.

واعترفت القيادة العسكرية، في تصريحات للقائد العام للقاعدة الجوية بسرقسطة، الجنرال خوسيه لويس أورتيز-كانافاتي،  للقضاء الإسباني، بتلقي أوامر صارمة من مكتب وزيرة الخارجية الإسبانية تطالبه بـ”عدم مراقبة هوية الركاب الذين وصلوا على متن طائرة 18 أبريل التي كان يستقلها غالي” وهو ما يفسر كونها لم تكن معروفة، حيث تم تجاهل البروتوكول المعتاد في هذه الحالات، موردا أن “المعلومة الوحيدة التي قدمتها هيئة الأركان العامة إلى المسؤولين عن القاعدة الجوية العسكرية في عاصمة أراغون تفيد بأنه من المتوقع وصول مريض يحمل جواز سفر دبلوماسيًا جزائريًا برفقة شخص آخر بحسب التحديد”

وجاء في تصريحات القيادة العسكرية أنه “تم تلقي أوامر عبر الهاتف من قسم العلاقات الدولية في هيئة الأركان العامة للقوات الجوية يأمر باستثناء ركاب الطائرة من مراقبة جوازات السفر أو الجمارك، وبالتالي فإن هوية الركاب بدورها لم تكن معروفة “.

وحركت محكمة التعليمات السابعة في سرقسطة القضية بناء على شكاية مقدمة من طرف المحامي الإسباني أنطونيو أوردياليس، والتي تطالب بالتحقيق في المعطيات المتوفرة حول دخول زعيم “البوليساريو” إلى الأراضي الإسبانية بهوية مزورة قصد العلاج، الأمر الذي دفع القاضي رافاييل لاسالا، إلى مساءلة قائد المطار العسكري الذي حطت فيه الطائرة، خوسي لويس أورتيز كانيافاتي، هذا الأخير أكد أن تعليمات أُعطيت لمسؤولي المطار حتى لا يتم التحقق من هوية الواصلين.

رأس وزيرة الخارجية مطلوب

والشهادة التي قدمها المسؤول العسكري الإسباني لقضاء بلاده، تثبت بما لا يقبل الشك ما تقدم به المغرب بخصوص دخول غالي بهوية مزيفة إلى الأراضي الاسبانية تحت إسم “محمد بن بطوش، الجزائري الجنسية”، بغرض “إبعاده عن أنظار القضاء لكونه متابعا في قضايا تتعلق بالاغتصاب والتعذيب والاختطاف والتصفية الجسدية في حق صحراويين حاملين للجنسية الإسبانية” وهذا يعني أن الحكومة الإسبانية وعلى رأسها وزير الخارجية متورطة بشكل مباشر في تضليل العدالة و”التحايل” على القانون والقضاء الإسبانيين، ويجعل المسؤولة الحكومية “أمام فوهة بركان” على حد تعبير الخبير في العلاقات الدولية حسن بلوان.

واعتبر بلوان في تصريح خص به “مدار21″، أن العلاقات المغربية الاسبانية وبسبب ورطة إدخال زعيم البوليساريو متخفيا، “تمر بأوقات صعبة بعدما اتخذت أبعادا  سياسية واقتصادية وأمنية انعكست تداعياتها على الداخل الاسباني والخارج الاقليمي مع اقحام الاتحاد الاوربي في هذا الصراع الثنائي” مشددا على ان “منسوب الثقة بين المغرب واسبانيا وصل الى ادنى مستوياته منذ عقود، ومن الصعب التكهن بالتوصل الى حل سريع للأزمة بين البلدين على المدى القريب، رغم التخفيف من حدة التصريحات بين مسؤولي البلدين”.

المتخصص في العلاقات الدولية والصحراء المغربية، أوضح أن “الازمة مع المغرب خلقت سجالا سياسيا واعلاميا داخل الحكومة والبرلمان الاسبانيين، خصوصا بعد فتح تحقيق قضائي حول ظروف وملابسات دخول زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية الى الاراضي الاسبانية بطريقة سرية ووثائق جزائرية مزورة، فلم تجد وزارة الدفاع الاسبانية بدا من أن تحمل وزارة الخارجية المسؤولية على هذا الخرق الامني والسياسي وتداعياته الدبلوماسية مع المغرب” يقول المحلل السياسي، لافتا إلى أن”وزيرة الخارجية الاسبانية ارناشا غونزاليس لايا، وجدت نفسها أمام فوهة البركان، بعدما حملتها المعارضة واطراف في الائتلاف الحاكم المسؤولية في فشل ادارة الازمة مع المغرب، الذي استطاع أن يسجل اختراقات كبيرة اثناء الازمة الثنائية ساهمت في احراج اسبانيا داخليا وخارجيا”.

واستحضر المحلل السياسي في حديثه للجريدة المبادرات الإسبانية المكثفة التي بادرت إليها أخيرا من أجل حل الازمة بين البلدين، خاصة بعد التصريحات التي خرجت بها وزيرة الخارجية الاسبانية تتحدث فيها عن رغبة بلادها تجاوز الازمة في أقرب وقت كما انها مستعدة لمناقشة اي مقترح يتقدم به المغرب في قضية الصحراء، مشيرا إلى أن “هذا العرض لم يتفاعل معه المغرب ويفضل استمرار القطيعة الدبلوماسية مع هذه الحكومة التي تجاوزت جميع الخطوط الحمراء في الاساءة للمغرب وسيادته والعداء لوحدته الترابية”.

وأمام تشديد الخناق من طرف المغرب على اسبانيا واستمرار الازمة الثنائية بين البلدين التي بلغت مرحلة “البرود الحاد”، لا يستبعد بلوان أن يعصف بالائتلاف الحاكم في اسبانيا او على الاقل التضحية بوزيرة الخارجية ارناشا غونزاليس بحكم “تحملها مسؤولية توثر العلاقات مع المغرب، الذي يعتبر قضية الصحراء قضية مقدسة عند جميع المغاربة، وهو ما أساءت تقديره الوزيرة عندما أطلقت العنان لمجموعة من التصريحات المعادية للمغرب وتحملها مسؤولية استضافة زعيم الانفصاليين المدعو ابراهيم غالي في ابريل الماضي”.

وبخصوص ما إذا كان الخبير الدولي، يرى بوادر لحل الأزمة في الأفق يقول:” رغم ظهور اصوات اسبانية من الحكومة والمعارضة بضرورة انهاء الازمة مع المغرب كحليف استراتيجي لإسبانيا بحكم الموقع والجوار إلا أن بوادر الحل غير بادية أبدا”.

المغرب وضع أسس العلاقة المستقبلية

من جانبه، يعتبر ادريس الكريني، ما قامت به السلطات الاسبانية إزاء المغرب محض عمل “مرتجل لم يكن محسوبا بدليل أنه أدخل العلاقات المغربية الإسبانية في متاهات كان من الأفضل تجاوزها خصوصا أن الأمر يتعلق بشريك استراتيجي تربطه بإسبانيا مجموعة من المصالح،  الاقتصادية والاستراتيجية، كما أن المغرب انخرط بشكل إيجابي في كثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك سواء التعاون الأمني او الاقتصادي واحترام سيادة اسبانيا، وبالتالي ادخال غالي بتلك الطريقة بجواز سفر مزيف واسم مستعار ينم عن نية مبيتة  غايتها الإساءة إلى المغرب”.

وشدد الكريني في حديثه لـ “مدار21″، على أن” اسبانيا كان عليها على الأقل أن تجنب نفسها الحرج الذي وقعت فيه على المستوى الداخلي او الإقليمي او الدولي عوض التضرع بدواع إنسانية وفي نفس الوقت التنكر للدواعي الإنسانية المرتبطة بضحايا الذين هم إسبان على أية حال”.

ومن ناحية أخرى، يعتقد الأستاذ الجامعي، بأن الكثير من الفاعلين الاسبانيين سواء تعلق الامر بالرأي العام الإسباني او ببعض القوى السياسية والحزبية في إسبانيا “أصبحت مقتنعة تمام الاقتناع بأن المسؤولين عن هذا السلوك ورطوا إسبانيا وبالتالي يستوجب محاسبتهم”.

وبخصوص تورط وزيرة الخارجية أمام إقرار المؤسسة العسكرية الاسبانية بأنها المسؤولة عن دخول هذا الشخص بهذه الصيغة وهذه الطريقة إلى بر المملكة الإسبانية، يعتبره الكريني مستجد” يجعل مستقبل الكثير من النخب المتورطة في هذا الأمر موضع تساؤل وربما قد نكون أمام مجموعة من التغييرات على المستوى الوزاري قريبا”.

وتابع أستاذ الحياة السياسية والعلاقات الدولية في كلية الحقوق بجامعة القاضي عياض، مراكش بالقول “من ناحية أخرى يمكن القول أن المغرب استطاع حقيقة أن يحول هذه الأزمة إلى فرصة من ناحية أولا الدفع والدعوة إلى إرساء علاقات متوازنة، تستحضر احترام مصالح المغرب، وكذلك تجاوز تلك النظرة الاستعلائية التي يبدو ان اسبانيا وبعض نخبها لا زالت متشبثة بها والتي يرجع سببها لخلفيات استعمارية “.

وختم الكريني تصريحه موضحا أن مستقبل العلاقات بين البلدين بات اليوم “بيد السلطات الاسبانية من حيث استيعاب الرسائل المغربية، ومن حيث السعي إلى إرساء علاقات يطبعها التوازن وعلاقات تأخد بعين الاعتبار كذلك متطلبات فصل الجوار واحترام المصالح الاستراتيجية للمغرب بعيدا عن الشراكة الانتقائية التي ترنو إليها بعض النخب الاسبانية أي الشراكة الاقتصادي في حين استبعاد بعض العناصر الأمنية والاستراتيجية من هذا الجانب”.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News