تعليق المفوضين للتبليغ رفضا لـ”مشروع وهبي” يهدد الزمن القضائي بالمغرب

حذر خبراء قانونيون من تأثير لجوء هيئة المفوضين القضائيين إلى تعليق التبليغ في القضايا الجنائية والجنحية، كخطوة احتجاجية على تمرير وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، لمشروع قانون تنظيم مهنة المفوض القضائي، مبرزين أنه “من شأن هذا القرار أن يؤخر البت في عدد من الملفات القضائية بحكم عدم قدرة أعوان كتابة الضبط لوحدهم على القيام بهذه المهمة”.
وفي إجراء تصعيدي، قررت الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين خوض إضراب وطني لمدة أسبوع كامل (من 14 إلى 19 أكتوبر) وتعليق التبليغ في المادة الجنحية والجنائية ابتداء من 21 أكتوبر 2024 إلى إشعار آخر جواباً على تسريع المصادقة على مشروع القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين دون الاستجابة لملاحظات الهيئة.
دور مهم
محمد ألمو، خبير قانوني، قال إن “مؤسسة المفوض القضائي في المغرب ما تزال تشترك في عملية التبليغ مع مصالح كتابة الضبط في المحاكم”، موضحا أن “عددا من أعوان كتابة الضبط يقومون بعملية التبليغ بحكم أن استعانة المتقاضين بالمفوض القضائي تبقى مسألة اختيارية”.
وأضاف ألمو، في تصريح لجريدة “مدار21” الالكترونية، أن “هذا لا ينفي الدور المهم الذي تلعبه مؤسسة المفوض القضائي في تسهيل عملية التبليغ بحكم كونها مؤسسة مساعدة للقضاء”، مبرزا أن “المحاكم لم تعد قادرة بمواردها البشرية ووسائلها على التبليغ في كل القضايا التي تعرض عليها”.
وبين المتحدث ذاته أن “هذه المكانة التي يحتلها المفوض القضائي في عملية التبليغ تزداد أهميتها في القضايا الجنحية والجنائية التي يتوقف البت فيها على تبليغ الاستدعاء لأحد أطراف الدعوة”.
وأورد المصدر نفسه أنه “من شأن عدم توصل أطراف الدعوة بالاستدعاء بسبب عدم مباشرة إجراءات التبليغ أن يؤخر البت في الملفات وهو ما يمكن أن تكون له تداعيات، خاصة بالنسبة للمعتقلين الذين يجب أن يُحاكموا في أجل معقول”.
وفي السياق نفسه، سجل ألمو أن “عامل الزمن في القضايا الجنحية والجنائية يبقى ضروريا”، مؤكدا أنه “رغم عدم توقف عملية التبليغ بشكل حصري على المفوض القضائي إلا أنه يساهم بشكل كبير في تخفيف الضغط على أعوان كتابة الضبط الموكولة لهم هذه المهام”.
وتابع المصرح نفسه أنه “لا يمكن للمحاكم أن تدبر لوحدها إجراءات التبليغ بالنظر للإكراهات المرتبطة بقلة الموارد البشرية وقلة الأعوان المكلفين بالتبليغ وعدم درايتهم بهذه الإجراءات مثل المفوض القضائي الذي اكتسب تجربة مهنية، لذلك يعتبر تعليق مؤسسة المفوض القضائي لعملية التبليغ مؤثرا في مسار البت في الملفات”.
وأشار المهتم بالشأن القانوني إلى أن “مؤسسة المفوض القضائي تبلغ آلاف الاستدعاءات بشكل يومي عبر محاكم المملكة”، مشددا على أن “عمل المفوض القضائي حاسم في تدبير الزمن القضائي وتحريك الملفات القضائية”.
“تعليق يخل بسير العدالة”
من جانبه، أكد الخبير القانوني والباحث بجامعة محمد الخامس بالرباط، خليل عبد العزيز، أن “هذا الإضراب الذي يخوضه المفوضون القضائيون بتعليق التبليغ في المادة الجنحية والجنائية من شأنه أن يخل بحسن سير العدالة وبتصريف الملفات داخل المحاكم”، مبرزا أن “تعليق التدبير في المادة الجنائية يوقف سير المحاكمات والإجراءات القضائية”.
وسجل عبد العزيز، في تصريح لجريدة “مدار21” الالكترونية، أن “التبليغ هو أول خطوة مسطرية تفتح الباب لباقي الإجراءات القضائية”، مسجلا أن “تعليق التبليغ من طرف المفوضين القضائيين سيؤجل البت في معظم الملفات إلى غاية إيقاف هذا الإضراب”.
وعن تأثيرات هذا القرار، أورد المتحدث ذاته أن “التصعيد سيؤدي إلى هدر الزمن القضائي وتراكم الملفات أمام قضاة المحاكم المغربية”، موردا أن “الوضعية متأزمة قبل هذا المشكل وستزداد تعقيدا بسبب هذه المشاكل وتزايد الضغط على الملفات في المادة الجنحية والجنائية”.
وأوضح المصدر نفسه أن “تعليق التبليغ في القضايا الجنحية والجنائية يعني توقف المسطرة بشكل نهائي إلى غاية رفع الإضراب بحكم أن المسطرة المدنية من النظام العام وبالتالي فإن الإخلال بقواعدها وإجراءاتها يترتب عنه بطلان المسطرة ككل وبالتالي توقف العمل بموادها”.