مغاربة العالم يرفضون اهتمام الأحزاب “الموسمي” ودعوات لتجاوز التصويت بالوكالة

لم يستسغ أفراد من الجالية المغربية الاهتمام “الموسمي” و”المناسباتي” للأحزاب السياسية المغربية بالمشاركة السياسية لمغاربة العالم وتسهيل انخراطهم في الانتخابات، بجميع أصنافها، داعين إلى تجاوز نمط التصويت عبر الوكالة “الذي لا يعكس واقع مغرب القرن الـ21” والمرور إلى استثمار الامتيازات التي تتيحها الرقمنة في توسيع مشاركة الجالية في الانتخابات المغربية.
وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أكد في جواب برلماني سابق، أن “الأحزاب المغربية تلعب دور أساسيا ومحوريا في ضمان إشراك أفراد لجالية المغربية المقيمة بالخارج في العملية الانتخابية”، مشددا على “عملها على وضع مترشحات ومترشحين من الجالية في مراكز متقدمة في لوائح الترشيح المودع، بتزكية منها”.
ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، بدأ عدد من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، الذين تحدثوا مع جريدة “مدار21” الالكتروني، يتساءلون عن إمكانية تحديث ورقمنة إجراءات مشاركتهم في الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية وحتى الطرق المتاحة أمامهم للإدلاء بأصواتهم.
“حقوق عالقة”
حسن بلعربي، أستاذ جامعي مغربي بجامعة ألميريا بالديار الإسبانية، اعتبر أنه “من بين الأمور العالقة في ملف مغاربة العالم هو عدم تنزيل حقوقهم التي أقرها دستور 2011، خاصة في الفصول 16 و17 و18 و163، والتي متعتهم بحقوق المواطنة الكاملة التي تمكنهم من المشاركة السياسية والانضمام إلى الهيئات التمثيلية وهيئات صنع القرار”.
وتابع المغربي المقيم في الأراضي الإسبانية، في تصريح لجريدة “مدار21″، أنه “للأسف الشديد فإن تعامل الأحزاب المغربية مع الجالية المغربية بالخارج يظل موسمي ونفعي ومناسباتي ولا يرقى إلى الشعارات البراقة التي يرفعونها في الخطابات السياسية”.
وفي ما يتعلق بعملية التصويت في الانتخابات المغربية، تشريعية أو جهوية أو محلية، انتقد المصدر ذاته “غياب مراكز خاصة بمغاربة العالم في بلدان إقامتهم تمكنهم من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المغربية، في كل أصنافها”.
وسجل الأكاديمي في جامعة ألميريا الاسبانية، أن “المقيم خارج أرض الوطن عليه أولا أن يكون مسجلا في اللوائح الانتخابية العامة بإحدى جماعات أو مقاطعات المملكة ثم الاعتماد على طريق الوكالة (مع أداء واجبات التنبر)”، مسجلا أنه “في هذه الحالة، يتعين على المعني بالأمر توجيه أو تسليم الوكالة إلى الشخص الذي تم توكيله ثم يقوم الوكيل بالتصويت نيابة عن الناخب الذي منحه الوكالة وهو ما يخالف مبدأ التصويت السري”.
“نمط تصويت متجاوز”
وبخصوص الاعتماد على صيغة التصويت بالوكالة بالنسبة لمغاربة العالم، أقر المغربي المقيم في الأراضي الإسبانية أنه “لا يعكس تطلعات مغرب قرن الواحد والعشرين وهو نمط متهالك ومتجاوز”، مبرزا أن “دستور 2011 يقر بأحقية مغاربة العالم بالتصويت انطلاقا من بلدان إقامتهم”.
وسجل المتحدث ذاته أن “جائحة كورونا أفرزت ضرورة التحول الرقمي بصفة عامة”، مشيرا إلى أن “خيار الصيغة الرقمية في الاستحقاقات الإنتخابية أصبح طريقة مفيدة لتسهيل العملية الانتخابية وترشيد الموارد والنفقات”.
ولدى سؤاله عن مدى ملاءمة اهتمام الدولة بالمشاركة السياسية لمغاربة العالم مع حجم مساهمتهم في تنمية الاقتصاد الوطني ودرجة ارتباطهم بأرضهم الأم، اعتبر بلعربي أن “إجمالي مغاربة المهجر يقدر بين 6 و 6.5 مليون شخص، موزعة على أكثر من 100 بلد في العالم، ولهم دور بارز في تنمية المغرب وهم أيضا سفراء المغرب بالعالم، يدافعون عن وحدته الترابية، وعن مصالح البلاد الكبرى”.
واستدرك المتحدث ذاته قائلا أنه “بالمقابل من ذلك، ومنذ حكومة بنكيران الأولى إلى يومنا هذا، ونحن نشهد تراجعا ملحوظا في اهتمام الحكومات المتعاقبة بالمغاربة المقيمين في الخارج”، مشددا على أنه “أصبحت السياسات العمومية أكثر ظرفية واستثنائية، لم ترق، للأسف الشديد، إلى مستوى توقعات وطموحات هذه الجالية بالرغم من التراكمات الناتجة عن العناية الملكية الكبيرة بمغاربة العالم”.
جالية “محرومة” من المشاركة السياسية
من جانبه، اعتبر محمد الشرادي وهو مواطن مغربي مقيم بالعاصمة البلجيكية، بروكسيل، أن “دستور فاتح يوليوز 2011 الذي صوت عليه المغاربة بالإجماع نص على تمتع المواطنين المغاربة المقيمين في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات، وكذا بكونهم يمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية، المحلية والجهوية والوطنية”.
وأورد المقيم بالديار البلجيكية، في تصريح لجريدة “مدار21” الالكترونية، أن “كل هذه الحقوق هي اعتراف رسمي بمواطنتهم الكاملة بما فيها حق المشاركة السياسية والتصويت والترشح انطلاقا من بلدان الإقامة”.
واستدرك المتحدث ذاته أن “كل هذه الحقوق لا تزال حبرا على ورق ولم تجد بعد طريقها للتحقق على أرض الواقع”، موردا أن “الجالية المغربية محرومة من المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي تشهدها بلادنا بحجج واهية من قبيل العراقيل التنظيمية وصعوبة توفير مكاتب اقتراع لأكثر من خمسة ملايين مغربي مقيم في الخارج”.
ولدى استطلاع رأيه حول اعتماد نمط التصويت عبر الوكالة، صرح المغربي المقيم بالأراضي البلجيكية أن “التصويت بالوكالة هو صيغة أكل عليها الدهر وشرب”، داعيا إل “إيجاد صيغ أخرى لها علاقة بالتطورات التكنولوجية الحديثة والرقمية التي يعيش في كنفها اليوم العالم”.