سياسة

“صمت” السياسيين أمام الهجرة الجماعية بالفنيدق يُكرّس ثقافة التواري خلال الأزمات

“صمت” السياسيين أمام الهجرة الجماعية بالفنيدق يُكرّس ثقافة التواري خلال الأزمات

بينما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالأخبار القادمة من الفنيدق، حيث انجر آلاف الشباب المغاربة والقاصرين والأطفال المغاربة خلف دعوات علنية إلى الهجرة غير النظامية نحو مدينة سبتة المحتلة، ظل الفاعلون السياسيون بالمغرب غائبين عن المشهد، إذ فضل أغلبهم الصمت، أمام حاجة الرأي العام الملحة إلى الطمأنة وتوضيح الصورة، مما يكرس ثقافة سياسية قائمة على التواري إلى الخلف خلال الأزمات.

صمت من الحكومة انضاف إليه استمرار تواري الأحزاب السياسية، مما جعل الرأي العام متخبطا بين عديد القراءات، منها تلك التي ربطت أحداث الهجرة الجماعية بالمؤامرة الخارجية، الأمر الذي يعيد صياغة السؤال المتكرر نفسه حول أدوار الفاعلين السياسيين والأحزاب على الخصوص، وما كان صمتها تريثا لتشكيل صورة أوفى أن خيار يستند إلى افتقارها الرؤية.

وفي هذا الإطار، يرى المحلل السياسي محمد شقير، أنه قبل أن نسائل الأحزاب عن صمتها، ينبغي أن نسائل الحكومة، لأنها إلى حد الآن لم تصدر أي بيان حول أحداث “الهروب الجماعي” الذي حدث بالفنيدق، ولم يقم ناطقها الرسمي بأي ندوة صحفية حول هذه المسألة، مفيدا أن “هذا الصمت يمكن تفسيره بأن الحكومة تنتظر تجميع المعطيات بالإضافة إلى الانشغال الكبير الذي كان بخصوص الكوارث التي عرفتها مناطق من المغرب بسبب الفيضانات، إضافة إلى أن الدخول السياسي إلى حد الآن لم يتم، إذ لن يتتم افتتاح البرلمان حتى الجمعة الثانية من أكتوبر، وكلها عوامل تفسر الصمت الحكومي”.

وأوضح شقير أن الصمت بالنسبة للأحزاب السياسية كان نسبيا، حيث قدم رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، أحمد التويزي، معطيات بأن هناك مجموعة من العوامل المتداخلة وراء الهجرة، وأن الحكومة مطالبة بالمساهمة في إيجاد سياسات لحل هذا الإشكال، إضافة إلى سؤال كتابي من محمد أوزين، النائب البرلماني عن الفريق الحركي، وكذا طلب عقد لجنة برلمانية بحضور وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت لفهم الأحداث، مفيدا أيضا أنه تم التطرق للموضوع أيضا من شبيبة “البيجيدي” في ملتقاها الأخير.

وأشار المحلل السياسي ذاته إلى أنه “بالرغم من ذلك يبقى تفاعلا محتشما ونسبيا”، موضحا أن “الأحزاب السياسية المغربية دائما ما كانت متوارية خلال الأزمات”، مفيدا أن “هذا التواري ظهر خلال جائحة كورونا وأيضا خلال زلزال الحوز المدمر بالإضافة إلى الفيضانات الأخيرة”، مؤكدا “وجود سلوك تقليدي للأحزاب قائم على أن الأزمات مسؤولية المسؤولين المباشرين من حكومة والسلطات المحلية من الولاة والعمال”.

ولفت إلى أن “الأحزاب دائما ما تبنت بشكل ممنهج هذا النوع من السلوك السياسي في مواجهة الأزمات التي تعرفها المملكة”، موضحا أن “ذلك مرتبط بعقيدة راسخة لدى الأحزاب السياسية تعتبر أن الأزمات شأن حكومي وشأن الجهات العليا، وأنها لا تدخل ضمن أدوار الأحزاب، خاصة بالنسبة لأحزاب المعارضة التي يقتصر دورها في أحسن الأحوال على توجيه أسئلة برلمانية أو المطالبة بتشكيل لجان تقصي الحقائق أو غيرها”.

من جانب أخر، يرى المحلل السياسي أن الأحزاب ليست لها الإمكانية لتسارع بتقديم قراءاتها “لأنها لا تتوفر على الإمكانيات وهي تنتظر المعطيات من الجهات المسؤولة لتبني عليها، وبالتالي من الصعب على الأحزاب المجازفة بإصدار بيانات مغلوطة أو غير صحيحة”، مرجحا أنها تنتظر تقديم السلطات للشروحات الكافية حول الموضوع لتظهر مواقفها.

وأبرز أن الأحزاب توجد في مرحلة انتظار لما سيتم تقديمه من الحكومة والسلطات، وأنها لا ترغب في إصدار بيانات ربما تبنى على معطيات غير دقيقة تُحاسب عليها إذا أغضبت السلطات”، مؤكدا وجود حساسية تجعل الأحزاب، خاصة في الأزمات التي تعرفها المملكة، تعتبر أن ذلك ليس من اختصاصها ما يجعلها تتوارى إلى الخلف في مثل هذه الأحداث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News