الحليمي “يَسْتَفِزُّ” الأمازيغ وتحذيرٌ من “تزوير” الإحصاء للواقع الهوياتي للمغاربة

أثارت تصريحات المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، حول توظيف اللغة الأمازيغية في الإحصاء المرتقب إجراؤه في شتنبر القادم قلق نشطاء أمازيغيين، لاعتبارهم أنه “ما لم يلحق استمارة الإحصاء الحالي أي تغيير عن تلك التي تم اعتمادھا في إحصاء 2014 فإن نتائجها لن تخرج عن معطيات 2014 التي اعتبرت عدد المواطنين من أصل أمازيغي لا يتجاوز نسبة 27 بالمئة”، محذرين من “تزوير” الواقع الهوياتي للمغاربة.
التنسيقية الوطنية لمجموعة الوفاء للبديل الأمازيغي اعتبرت أن المندوب السامي للتخطيط روج، خلال الندوة الصحفية ليوم أمس الخميس، لـ”مجموعة من المزاعم والإدعاءات حول الأمازيغية تكشف زيفھا نتائج الإحصاء السابق لسنة 2014 الذي أشرف عليه المسؤول نفسه”، مشددةً على أنه “إحصاء يعاكس حقيقة الواقع الثقافي واللغوي والهوياتي المغربي”.
وضمن الهفوات التي وقفت عليها الحركة الأمازيغية خلال الندوة ذاتها، أشارت إلى “تغييب حروف الأمازيغية (تيفيناغ) من ملصق الندوة الصحفية والاكتفاء فقط بحروف اللغة العربية والفرنسية”، معتبرةً ذلك “فعلا تمييزيا واضحا يتنافى مع الدستور المغربي وفعلاً إقصائيا واستفزازيا غير مقبول في حق الحركة الأمازيغية وفي حق عشرات الملايين من المواطنات والمواطنين المغاربة”.
وأوردت المجموعة التي تضم عددا من نشطاء الحركة الأمازيغية أن تأكيد مندوب التخطيط على وجود باحثين يتكلمون الأمازيغية في بعض الجهات الناطقة بالأمازيغية “يعد أكبر خلل تعاني منه عملية الإحصاء”، مُسجلةً أنه “تصور خاطئ يعتبر أن الأمازيغية توجد فقط في جهات معينة ومحدودة جغرافيا مثل أكادير أو خنيفرة أو الناظور أو تنغير وأن كل سكان المدن الكبرى كالدار البيضاء ومراكش وآسفي والرباط وسلا والقنيطرة والعرائش ووجدة وطنجة والعيون والداخلة والسمارة وغيرها كلها مدن لا يقطن بها الأمازيغ وسيتم اعتبار ساكنتها ناطقة بالدارجة فقط، وبالتالي ضمن الناطقين بالعربية على الرغم من أصولهم الأمازيغية”.
وعن لغة وأسلوب ومفاهيم المندوب السامي للتخطيط خلال الندوة الصحفية، أشارت الهيئة التي تضم “إيمازيغن” إلى أن “استعمال مصطلحات ملغومة مثل الخصوصيات المحلية واللغة المحلية والإثنية والقبائلية ترمي إلى التضليل”، لافتا إلى أن “الموجود في الواقع هو اللغة الأمازيغية بتعبيراتها المختلفة والإقرار بوجود لغة محلية ينم عن وجود لغة مركزية أو لغة وطنية مقابل لغات محلية”، مؤكدةً أن “اللغة الأمازيغية توجد وتنتشر في كل ربوع البلاد”.
عبد الله بوشطارت، عضو مجموعة الوفاء للبديل الأمازيغي، عدّ أن ندوة الحليمي “كانت مخيبة للآمال بالنسبة لنا كحركة أمازيغية بشكل عام وكمجموعة الوفاء للبديل الأمازيغي باعتبارنا من الهيئات التي واكبت عملية الإعداد والتحضير للإحصاء منذ أسابيع”.
وأضاف بوشطارت، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، “أننا تفاجأنا أولا بإقصاء تيفيناغ من الملصق واللافتات داخل الندوة الصحفية”، مشددا على أن “هذه رسالة سياسية مستفزة من طرف المندوبية باعتبارها مؤسسة سامية واستراتيجية داخل الدولة، وبالتالي فالأحرى بها الحرص على تطبيق الدستور واحترامه”.
وعن أجوبة الحليمي فيما يخص أسئلة الاستمارة واللغة الأمازيغية وطريقة اشتغال المندوبية أثناء عملية الإحصاء، سجل الناشط الأمازيغي أنها “تؤكد ما حذرنا منه سابقا”، منتقدا “كون المندوبية لم تتشاور مع خبراء في اللسانيات وفي قضايا حساسة مثل الهوية والتحولات السوسيو-ثقافية التي يشهدها بلدنا”.
وانتقد المتحدث ذاته “احتفاظ الحليمي بفكرة أن الأمازيغية محصورة فقط في مجالات جغرافية محددة ومحدودة؛ بقوله: إن العاملين في الإحصاء داخل المناطق الناطقة بالأمازيغية مثل تاريفيت أو تامزيغت أو تاسوسيت مثلا سيشتغل فيها باحثون يتكلمون اللغة الأمازيغية حسب التعبيرات الجهوية”، وزاد مفسراً أن “هذا خطأ فظيع، بل أكثر من ذلك فهو سياسة معتمدة قبلية وخطة لتوجيه نتائج الإحصاء لتكون منافية للواقع”.
وصلةً بما سماه الحليمي اللغة المحلية، تساءل المهتم بالشأن والثقافة الأمازيغية عن المقصود باللغة المحلية، مشيرا إلى أنه “قد يعني، حسب منظور المندوب، وجود لغة أخرى مركزية أو وطنية”.
وأورد المتحدث ذاته “نحن نشطاء الحركة الأمازيغية نتخوف كثيراً من نتائج هذا الإحصاء”، مضيفا “أننا نعتبره كابوسا حقيقيا لأن بنيته غير واضحة”، مستحضرا “نتائج إحصاء 2014 الذي خلص إلى أن 99 في المئة من ساكنة الدار البيضاء تتحدث الدارجة”، مشددا على أن “هذا تزوير واضح”.