حقوقيون يدعون الأمم المتحدة لحماية “القبايل” بعد “مسرحية” جزائرية جديدة

دعت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان الأمين العام للأمم المتحدة وكل مقرري “مناهضة التعذيب” و”الاختفاء القسري” والمدافعين عن حقوق الإنسان و”حقوق السكان الأصليين” إلى عقد لقاءات خلال دورات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للنظر في الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان وإلى تحمل مسؤولياتهم في حماية ساكنة منطقة القبايل من القمع وتلفيق التهم والمحاكمات الصورية والتي يمكن أن تكون الإدعاءات “المسرحية” الأخيرة تمهيدا لها.
جاء ذلك ضمن بلاغ إدانة من الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، بعد متابعتها لما أعلنت عنه “وزارة الدفاع الجزائرية” حول ما اعتبرته تفاصيل تخصّ قضية حجز أسلحة بمدينة بجاية، وما سمته “مخططا إجراميا” حاولت جماعة “الماك” تنفيذه في الجزائر بعد أن قامت مصالحها بعملية توقيف المسمى (ز.م) رفقة زوجته وبحوزته كمية من الأسلحة النارية والذخيرة ومبلغ مالي من العملة الصعبة قادما من ميناء مرسيليا بفرنسا”.
وفي هذا الصدد، اعتبر إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أن التفاعل مع الترويج لهذه الأحداث يأتي بالنظر إلى أن النظام الجزائري يحاول الانتقام من حركة “الماك” التي يصنفها كمنظمة إرهابية، مشيرا إلى أنه حتى متابعة الصحافيين بالجزائر تتم بمقتضى قانون الإرهاب.
وذهب السدرواي، في تصريح لجريدة “مدار21″، إلى أن اختلاق هذه الأحداث من طرف النظام الجزائري يأتي من أجل التغطية على الفشل المرتقب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي أصبحت محسومة لصالح تجديد ولاية عبد المجيد تبون، مما سيتبعه عزوف كبير ومقاطعة شاملة للانتخابات خاصة في منطقة القبائل.
ويرى المتحدث نفسه أنها حرب استباقية من النظام الجزائري لتلفيق التهم وإطلاق الأكاذيب وتشغيل الأسطوانة القديمة للنظام الجزائري حول الجهات الأجنبية المعادية والأيادي الخارجية.
وأبرز رئيس الرابطة أن إشارة الجزائر إلى أن الشخص قادم من فرنسا فيه تلميح لهذا البلد وذلك من أجل محاولة الضغط لفتح قنوات الحوار مع فرنسا والخروج من مأزق سحب السفير الجزائري، ومحاولة كذلك لتوريط المغرب نظرا لمواقفه الداعمة للنضال السلمي لمنطقة القبايل.
هذا وأكدت الرابطة، في بلاغها، أن “ما أطلق عليه مخطط لإدخال الأسلحة ما هو إلا استمرار لمسلسل محاولة تصدير الأزمات السياسية والحقوقية والاقتصادية للجزائر وتصريف حسابات مع منظمة “الماك” التي تؤمن بالسلمية وتدين العنف بكل أنواعه”.
واعتبرت الرابطة ذاتها أن النظام الجزائري من خلال الترويج لهذه الأحداث “يحاول تصدير أزمة فشل الإعداد للانتخابات الرئاسية لسبتمبر 2024 بعد أن فرض سياسة القمع الشامل على كل الأصوات الحرة والمطالبة بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وتقرير المصير”.
وأشارت في هذا الصدد إلى أن اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين السياسيين في الجزائر أعلنت عن العديد من التوقيفات التي طالت عدد من الصحفيين وناشر ورئيسة جمعية ثقافية، بمدينة بجاية (شرق العاصمة)، رفقة كاتبة فرنسية كانت بصدد عرض كتاب “La Kabylie en partage” حول تجربتها الخاصة كمعلمة في منطقة القبائل الجزائرية.
ولفتت الرابطة إلى أن الانتخابات الرئاسية المبكرة في سبتمبر 2024، تتزامن مع الذكرى السنوية الخامسة لـ”الحراك”، موضحة أن المعتقلين السياسيين يتعرضون “لأحكام قاسية، بتهم سريالية من ضمنها اتهامات لا أساس لها من الصحة كالانتماء إلى كيانات إرهابية”.
ورصدت الرابطة ارتفاع وتيرة الإجراءات القانونية الانتقامية بحق منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية المعارضة والنقابات ووسائل الإعلام المستقلة، مشيرة إلى أن السلطات الجزائرية قررت حل منظمتين لحقوق الإنسان، يمتد عملهم لأكثر من ثلاثين عامًا، وهما “الجمعية الوطنية للشباب (راج)” والرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (LADDH).
وكذا إغلاق مكاتب راديو إم والمغرب إمرجا (Maghreb Émergent)، ومنع مؤتمرين نظمتهما منظمة SOS Disparus – CFDA، وتعليق عمل حزبين سياسيين مسجلين إلى أجل غير مسمى بين عامي 2022 و2023، هما الحزب الاشتراكي للعمال والحركة الديمقراطية والاجتماعية.
وأردفت الحركة بأن النظام الجزائري عمل على توسيع التوصيف القانوني لجرائم “الإرهاب” (المادة 87 مكرر)، بما يتيح توظيفها ضد الأصوات السلمية، واعتماد تعديلات على قانون العقوبات في فبراير 2024.
وأوضحت المنظمة الحقوقية أنه حاليا يقبع أكثر من 200 شخص في السجون بسبب ممارستهم حقهم في حرية التعبير والحقوق الأساسية الأخرى، بعضهم من شخصيات “الحراك” مثل إبراهيم لعلامي ومحمد تاجديت والذين قضيا ما يقرب من 60 شهرًا في الحبس. ومنهم أيضا محاد قاسمي المسجون منذ يونيو 2020؛ والصحفي إحسان القاضي المحكوم عليه بالسجن 7 سنوات (عامين منهم مع وقف التنفيذ) بالإضافة إلى مئات الأشخاص المجهولين أو الأقل شهرة المحتجزين بشكل تعسفي.