موجات الحرارة “المفرطة” تُقلق بيئيين ودعوات لرفع التأهب لمقاومة تداعياتها

بعدما شهدت درجاتها خلال شهر يوليوز المنصرم مستويات قياسية في مختلف المدن المغربية، تصاعدت توقعات خبراء بيئيين باستمرار ارتفاع درجات الحرارة خلال شهر غشت الجاري نتيجة التقلبات المناخية “المضطربة والمتطرفة أحيانا”، منبهين إلى ما يمكن أن يترتب عنها من “حرائق وفيضانات وكذا الإصابة بضربات الشمس”.
ولم تتوقف خلال الأسابيع الماضية النشرات الإنذارية الصادرة عن المديرية العامة للأرصاد الجوية التي تشعر بتسجيل موجات حر متفرقة، آخرها أعلنتها الأسبوع الماضي حيث نبهت إلى موجة حرارة تتراوح ما بين 42 و47 درجة بعدد من أقاليم المملكة.
حميد رشيل، خبير بيئي وعضو جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، قال إن “استمرار ارتفاع درجة الحرارة خلال شهر غشت حسب التقرير الأخير والصادر عن المديرية العامة للأرصاد الجوية بالمغرب، يأتي نتيجة ما يعرفه مناخ المغرب من تقلبات مضطربة ومتطرفة أحيانا”.
وفي عرضع لأسباب موجات الحرارة التي تضرب المغرب خلال الأسابيع الأخيرة، أشار الخبير في الشأن البيئي إلى أن “اتساع فترة الجفاف بسبب تراجع التساقطات المطرية خلال ستة سنوات جفاف متتالية يحفز ارتقاء درجات الحرارة إلى مستويات قياسية مقارنة بالسنوات الماضية التي لم نكن نشهد فيها موجات حرارة مماثلة”.
وأضاف المتحدث ذاته أن استمرار انبعاث الغازات الدفيئة التي تزيد من تنامي ظاهرة الاحتباس الحراري تشكل أحد العوامل الأساسية في ارتفاع حرارة الأرض بشكل عام والتي يتأثر منها المغرب أيضا، مشيرا إلى “ظاهرة النينيو الدورية التي زادت من درجة حرارة سطح المحيط سيما المحيط الهادي”.
وفي سياق حديثه عن الدوافع الإيكولوجيا والبيئية وراء هذا الارتفاع المفرط في درجات الحرارة، تحدث الخبير في الشأن البيئي عن “ارتفاع مستوى سطح المحيط الأطلسي مع ارتفاع كل من درجة حرارة وحمضية مياهه وانخفاض حجم الأوكسجين بها”، مبرزا “بقاء مرتع جوي جاثما على حيز كبير من سماء المغرب، ما تسبب في تشكل تيارات هوائية ساخنة قادمة من جهة الصحراء الكبرى”.
حديث رشيل لم يتوقف عند العوامل المتحكمة في ارتفاع درجة الحرارة وبلوغها مستويات قياسية، بل تجاوزها إلى الحديث عن الانعكاسات التي يمكن أن تؤدي إليها هذه الموجة القاسية من الحرارة بالإشارة إلى “زيادتها سرعة تبخر كل أشكال المياه السطحية على مستوى السدود والأنهار والوديان والبحيرات والضايات”، مشددا على أن هذه الظواهر “ستزيد من حدة الندرة المائية بل انعدامها في بعض المناطق”.
وعلى مستوى تأثير هذه الموجة الحارة على المحاصيل الزراعية والإنتاج الفلاحي، أردف الخبير ذاته أن “هذه الحرارة المفرطة ستؤدي إلى تراجع محاصيل الفواكه والخضروات الصيفية بسبب تيبسها واحتراقها”.
وضمن التحذيرات التي ساقها الباحث في قضايا المناخ، لفت إلى أن “هذه الحرارة المفرطة ستكون مصاحبة لا محالة بكوارث طبيعية على غرار احتراق الغابات والفيضانات المرتبطة بالأمطار الرعدية سيما بالمناطق الجبلية”.
ولم يستثن المهتم بالشأن البيئي تأثير “هذه الحرارة المفرطة السلبي على صحة الإنسان من خلال الإصابة بضربات شمسية والاجتفاف وانتشار أمراض الحساسية الجلدية وتعقيدات ومشاكل تنفسية عند كبار السن والأطفال وكذا أصحاب الأمراض المزمنة قد تودي بالمصابين إلى الهلاك”، داعيا إلى “توخي الحيطة والحذر من طرف المواطنين لتجنب أي انعكاسات سلبية يمكن أن تؤدي إليها هذه الموجات الحارة”.