اقتصاد | تكنولوجيا

ماهاكيان:المغرب نجح في إدماج التكنولوجيا الرقمية في اقتصاده

ماهاكيان:المغرب نجح في إدماج التكنولوجيا الرقمية في اقتصاده

نجحت التكنولوجيا على امتداد السنة الماضية، التي شهدت تفشي الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا المستجد، في لعب دور مهم جدا أكثر من أي وقت سابق، وكانت الوسيط الذي يُعول عليه من أجل ربط الاتصال ما بين الأشخاص، وتعزيز التفاعلات في مختلف القطاعات الصناعية.

في الوقت الراهن، نعيش نموا سريعا للتجارة الإلكترونية، وتغييرا عميقا في عمليات سلسلة الإمداد، حيث استطاعت التكنولوجيا من تغيير الطريقة المعتمدة من لدن الأفراد خلال عمليات الشراء، والطريقة التي يتوصلون بها بحاجياتهم.

في ظل الجائحة، اضطر عدد متزايد من الناس إلى إدخال التكنولوجيا الرقمية في العديد من جوانب حياتهم اليومية، وأضحى الاعتماد عليها ضرورة مؤكدة.

مع مرور الوقت، أضحى هؤلاء الأفراد متعودون على التسوق عبر الإنترنت والتواصل مع أطبائهم من خلال مكالمات الفيديو، وأصبح التواصل اعتمادا على المنصات الرقمية أكثر مرونة، والواقع أن الهجرة الرقمية أثرت على الخدمات العمومية وعلى قطاعي الصحة والتعليم.

وتُواكب هذه التغييرات التي شهدها العالم التوقعات العميقة للمواطنين، وفي حالة ما إذا استمر القطاع الخاص في التقدم السريع والاستجابة رقميا لرغبات الزبناء، من الجوهري والأساسي أن يكون القطاع العام، بدوره، قادرا على الابتكار وتوفير خدمات تستخدم الإمكانات الكاملة للبنيات التحتية الرقمية.

ويُمثل تقديم خدمات القطاع العام من بين أهم الواجهات الرئيسية بين الحكومات في تعاملها مع المواطنين، حيث أفادت دراسات كثيرة أن الأشخاص الراضون عن الخدمة العمومية لديهم الثقة بحكومتهم أكثر من 9 مرات.

إدراج التفاعل في القطاع العام

كشفت نتائج دراسة قام بها المركز الوطني للبحوث العلمية والتقنية (CNRST) في المغرب تحت عنوان ” Scientific Production Relative to Digital Transformation : Scopus et WOS (2015-2020″، أن التحول الرقمي في المغرب بدأ يشهد النمو المرغوب فيه.

وفيما يخص التحول الرقمي، تصدر المغرب المرتبة الثانية في أفريقيا، مسبوقا بجنوب أفريقيا، كما احتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم الناطق بالعربية (بعد الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على التوالي).

وإلى جانب ما سبق، نجح المغرب في إدماج التكنولوجيا الرقمية في الاقتصاد الوطني، تحديدا في بعض القطاعات الهامة مثل الهندسة والصحة والاتصالات والأعمال التجارية.

وعلى حسب الدراسة دائما، المملكة كانت منذ بداية الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا مهتمة بتقديم الخدمات الرقمية لمواطنيها، وضمان التفاعلية والتعاون عبر التكنولوجيا.

ويمكن للحكومات من خلال رقمنة الخدمات على امتداد ساعات اليوم تقديم مختلف الخدمات للمواطنين في أسرع وقت ودون الحاجة إلى التنقل، فضلا عن تخفيض التكاليف والأعباء الإدارية على مقدمي الخدمات.

هذا التحول الرقمي يُمكنه المساهمة في خلق العديد من الاقتصادات الجديدة، كما أن الهجرة إلى التكنولوجيا الرقمية تنبع من حاجة خفية أعرب عنها السكان الذين يتطلعون إلى المزيد من الحداثة والتفاعل، ويتمثل ذلك جليا من خلال الطلب المتزايد على الخدمات الرقمية في المغرب في قطاعات مثل التجارة الإلكترونية، والصحة عن بعد، والأعمال المصرفية الرقمية والقائمة طويلة.

التحول الرقمي رحلة وليس وجهة

أصبح من المؤكد جدا أن الجيل القادم من الخدمات العمومية ستحمل طابعا تكنولوجيا، حيث أن العالم منخرط بالكامل في دينامية من الانتعاش الاقتصادي وتسعى الحكومات إلى إعادة البناء بشكل أفضل، ولا يمكن تحقيق المطلوب إلا اعتمادا على عالم تكنولوجي.

ولسبب وجيه، تُعد فوائد رقمنة الخدمات العمومية كثيرة وعديدة، سواء للحكومات نفسها أو لمواطنيها، لكن التحول الرقمي السطحي للخدمات العمومية لن يكون كافياً، لأنه ومن أجل تحقيق رقمنة مستدامة من الضروري أن يكون الأمر بتحولات أعمق وأكثر أهمية في البنية التحتية، وهو ما يعني ضرورة حذف العمليات غير الضرورية من خلال الاعتماد على إستراتيجية رقمية يمكنها مراعاة تجارب المواطنين والعمال، وهي جزء من نهج تقليل التكاليف إلى أدنى حد.

والواقع أن بعض المناطق في إفريقيا الصاعدة تشهد عراقيل كبيرة أكثر مما نتصور، سواء كانت العراقيل التنظيمية المفروضة على السياسات، أو الافتقار إلى البنية التحتية، أو الوصول إلى قضايا الربط.

وفي هذا الصدد، نُعطي المثال بالوصول إلى عرض النطاق الترددي العالي الجودة والموثوق به، الذي يُعد عاملاً أساسيا في ضمان استفادة الشركات من كافة فوائد التكنولوجيا؛ ولهذا السبب فإن الاستثمار في البنية التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية ضروري للنجاح في إقامة اقتصاد نشط رقميا.

ووفقاً لصندوق النقد الدولي فإن الاقتصاد الرقمي يشكل أكثر من 5% من الناتج المحلي الإجمالي لبعض الدول الأفريقية، هذا الرقم يُمكن أن يتزايد إلى الضعف ويصل إلى ما بين 12% و 20% إذا ما استغلت البلدان الإمكانات الاقتصادية الكاملة للتكنولوجيا الرقمية.

وبناء على ذلك، يتعين على الشركات والحكومات أن تدرك أن التحول الرقمي ليس وجهة ولكن رحلة لا نهاية لها. اليوم وإذا نجحنا في وضع بنية تحتية سليمة، والتواصل السليم، فإن الشركات سوف تكون قادرة على النمو بشكل أفضل مع مرور الوقت، وبالتالي خلق فرص عمل جديدة، فضلا عن كون تسريع وتيرة التنويع الاقتصادي ستساهم في تشجيع النمو. ومن الواضح أن تجارب المواطنين في مجال الإدماج سوف تتحسن إلى حد كبير.

العمل يدا في يدا من أجل النجاح

يشكل الاتصال بشبكة الإنترنت وإمكانية الوصول إليها على قدم المساواة عاملا أساسيا في أي تحول رقمي.

من خلال العمل مع الشركات في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات السلكية واللاسلكية، يمكن للحكومات أن تحفز على نحو أفضل الربط وتوسع نطاق توافره ليشمل الجميع.

الحقيقة أن رقمنة الخدمات العمومية تقدم فوائد عديدة وكثيرة جدا، واليوم نجد أنفسنا في فترة جوهرية تتيح فرصا كثيرة للتحول.

في الوقت الراهن، تتوفر الحكومات على فرص كبيرة لبناء خدمات أفضل، وتعزيز مرونة بلدانها، وتحسين علاقاتها مع المواطنين، لأن التكنولوجيا جسر أساسي ومهم لتحقيق النجاح المرغوب.

وفي الأخير، أؤكد أن رقمنة الخدمات العمومية أولوية تُمثل أكثر من أي وقت مضى، النجاح المطلوب في إعطاء المواطنين كل ما يحتاجون إليه، في الوقت الذي يحتاجونه.

–  نائب رئيس شركة “ديل تكنولوجيز” في إفريقيا الصاعدة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News