منيب: الحكومة تريد تدجين طلبة الطب وتخويفهم بتطبيق برامج بإملاءات من الخارج

قالت الأمينة العامة السابقة للحزب الاشتراكي الموحد والنائبة البرلمانية، نبيلة منيب، إن الحكومة الحالية ترغب في تدجين طلبة الطب وتخويفهم، من خلال تطبيق برامج بإملاءات من الخارج، التي لا تتوفر فيها الجودة، مشيرة إلى أن مطالب هذه الفئة مشروعة ويجب إقرارها لضمان جودتي التعليم والصحة في البلاد.
وأضافت منيب في تصريح لجريدة “مدار21″ أن أزمتي الصحة والتعليم مطروحتين بحدة لأنهما يشكلان عمودين أساسين من أجل ضمان كرامة المواطنات والمواطنين، وبناء مغرب الغد، مغرب فيه مجتمع العلم والمعرفة، والكرامة ومجتمع التوزيع العادل للثروة، إضافة إلى مجتمع العدالة الاجتماعية.
وتأسفت منيب لما يجري مع طلبة الطب منذ سبعة أشهر، الذين خرجوا إلى التظاهر في الشارع، لكن مصيرهم كان التجاهل وفرض الوزير لما أماه بـ”القرار السيادي” المتمثل في تحويل السنوات الدراسية من ست سنوات إلى سبع سنوات.
وترى منيب أن الجودة في التعليم تكمن في الملف المطلبي الذي رفعه طلبة الطب، للمطالبة بتقنين البحث العلمي، وحسن تدبير الدفاتر البيداغوجية والتداريب والتجهيزات في المستشفيات الإقليمية وغيرها، مبرزة أن “التدريب والتكوين، في أمريكا يشمل الدراسة النظرية في أربع سنوات، والدراسة التطبيقية في أربع سنوات أيضا”.
وتابعت في السياق ذاته: “والطلبة المغاربة لم يطالبوا سوى بجعل الجانب التطبيقي يمر في ظروف جيدة، لكن مع الأسف الوزير لم يستوعبهم واختار اتباع الإملاءات الخارجية والإضرار بطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، وأسرهم والإضرار بالشعب المغربي بصفة عامة، مما يظهر فشل الحكومة في التجاوب وإيجاد الحلول وضمان جودتي التعليم والصحة”.
وفي سياق متصل، تحدثت منيب في تصريحها للجريدة أيضا عن العاملين في قطاع الصحة، مشددة على أن حل أزمة الممرضين لا يكمن في زيادة عددهم، إنما بضمان شروط التكوين والأجور المناسبة لعملهم، وما يضمن لهم البقاء في البلاد والاستفادة من التكوين المستمر، وصيانة كرامتهم.
وذكرت منيب بما وقع يوم الأحد الماضي، من قمع مظاهرة للفئة الشغيلة في هذا المجال، مردفة: “خرجوا في مسيرة سلمية وهذا حق يكفله الدستور لكننا في زمن التحدي الأكبر فيه يتجلى في الحفاظ على حرية الرأي والتظاهر السلمي في البلاد”.
وطالبت منيب الحكومة بالالتزام بالاتفاق الذي وصلت إليه في بداية السنة وطبيقه، وعدم التراجع عنه، مبرزة أن “الحكومة وجب أن تخدم المصلحة العامة، وعند وصولها إلى اتفاق مع ممثلي الفئات المعنية عليها الالتزام بذلك، وإلا ستعتبر حكومة غير مسؤولة”.
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أكد أن الحكومة تتفاعل مع أزمة طلبة الطب بكل حسن نية وتجاوبت مع مختلف النقط المدرجة في طاولة الحوار، خلال ندوة صحفية انعقدت بالأمس عقب اجتماع المجلس الحكومي.
وأضاف بايتاس مدافعا عن تدبير الحكومة لأزمة طلبة الطب التي دخلت شهرها السابع “تم عقد لجنة على مستوى مجلس النواب حضرها الوزيرين المعنيين وقدموا إجابات حول الأزمة بالإضافة إلى الوساطة البرلمانية في الموضوع”.
وأثنى بايتاس على أداء الحكومة في إيجاد مخرج للأزمة التي عطلت الدراسة في المدرجات الجامعية وأوقفت التدرايب الاستشفائية للطلبة بالقول إنه “لا أعتقد أن الحكومة قصرت في تعالمها مع هذا الملف”.
وهذا التعليق، يأتي بعدما اتهم وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، اللجنة الوطنية لطلبة الطب بتحريض الطلبة على مقاطعة الامتحانات.
وقال ميراوي، في معرض حديثه عن أزمة توقف الدراسة في كليات الطب، الخميس الماضي بمجلس المستشارين، إنه “لا نفهم رفض ممثلي الطلبة لمقترحات الحكومة بعد عودتهم إلى الجموع العامة وبعد توافقهم مع الحكومة على المقترحات التي تقدمها الحكومة بخصوص المطالب المرفوعة”، مؤكدا أن “هذا الأمر أصبح يطرح لنا مشكلا”.
وعن مبادرة الفرق البرلمانية للوساطة من أجل إنهاء أزمة طلبة الطب وتقريب وجهات النظر بين المحتجين والحكومة، علق ميراوي بأن “إنقاذ السنة الجامعية لازال ممكنا إذا تراجعت لجنة طلبة الطب عن منع الطلبة من اجتياز الامتحانات”.
وخاطب ميراوي الطلبة المحتجين من منصة مجلس النواب قائلا: “أعطينا جميع الضمانات بالنسبة للملف المطلبي للطلبة”، مبرزا أن “هذه الحلول همت مدة التكوين للحصول على دبلوم دكتور في الطب والمشاكل المرتبطة بالأطروحات والتكوين في التخصص الطبي في السلك الثالث”.
وشدد المسؤول الحكومي على أنه “بعد اجتماعات متعددة اقترحت الحكومة أجوبة صريحة للتساؤلات التي طرحها طلبة الطب والصيدلة والحلول الواقعية لهذه الإكراهات التي تم الوقوف عندها والتي قدمتها الحكومة بتاريخ 25 يونيو 2024”.
وانتقد ميراوي “استمرار مقاطعة الطلبة لامتحانات الدورة الربيعية التي تمت تنظيمها ابتداءً من 26 يونيو على الرغم من كل هذه المجهودات التي قامت بها الحكومة من أجل التجاوب بإيجابية مع مطالب الطلبة”، مضيفا أن “هذا التاريخ جاء بطلب من الطلبة وتفاعلنا معه بإيجابية”.
وأورد المتحدث ذاته أن الحكومة التزمت بـ”إعادة البت في العقوبات التأديبية مع السماح للطلبة الموقوفين باجتياز الامتحانات”، مبرزا أنه “بعد انتهاء فترة الامتحانات سنبت في هذه العقوبات”.
وجدد ميراوي التأكيد على “ترك السنة السابعة من التكوين في كليات الطب اختياريا”، مشددا على أنه “قبلنا طلب الطلبة الذين يرغبون في استكمال السنة السابعة في إطار التدرايب مع الحفاظ على المنحة التي تخصص لهذه الفترة”.
وتابع المسؤول الوزاري، الذي أحاطت به احتجاجات طلبة الطب من كل جانب، أن “الهدف من تقليص سنة من تكوين الأطباء ليس اقتصاديا وإنما له علاقة بتجويد التكوين وملاءمته مع التغيرات التي تعرفها معظم الدول في مجال تكوين الأطباء”.
ان الدول المتقدمة و رغم خصاصها للموارد البشرية في منظوماتها الصحية، فانها لم تفكر ان تحل المشكل على حساب جودة تكوين اطرها الطبية و ذلك بنقص عدد سنوات التكوين او زيادة عدد الوافدين على كليات الطب. هاته الدول المتقدمة تؤمن بان صحة مواطنيها فوق كل اعتبار، حيث ان مسؤولي تلك الدول يقصدون مستشفيات بلدانهم للتداوي و لا يتوجهون للعلاج بالخارج. ان عدد الطلبة المقبولين في كليات الطب يتناسب مع عدد الاساتذة المؤطرين لتفادي الاكتظاظ في مصالح المستشفيات الجامعية حيث يستفيد الطلبة يوميا من تاطير القرب الذي يؤمنه الاساذة و لا يحتاجون لنظام التناوب كما هو معمول به حاليا في مستشفياتنا الجامعية.
من جهة اخرى، الدول المتقدمة تمنح شهادة دكتور في الطب في ست سنوات. و الطبيب الحائز على الدبلوم في ست سنوات يقوم بوظائف ادارية محضة ( الاشراف على برامج ادارية، تسيير مصالح صحية، تنشيط برامج اذاعية و تلفزية تتعلق يمواضيع الصحة …). الدبلوم في ست سنوات لا يسمح لحائزه ان يمارس تطبيب و فحص المرضى. بل يجب عليه ان يدرس الطب العام على الاقل ثلات سنوات اضافية او اربع سنوات في حال فرنسا. و هكذا نجد ان تكوين طبيب عام يتطلب على الاقل تسع سنوات.
و السؤال الاخير لماذا ترفض الوزارة الوصية اضافة عدد ساعات التداريب الاختيارية بعد السنة السادسة في شهادة تخرج الطلبة. من هنا نفهم ان المسؤولين يرغبون في اعادة التوازن بين الاطباء الاختصاصيين و اطباء الطب العام و ذلك عبر حرمان خمسة افواج ( من السنة الاولى الى السنة الخامسة) من التحاقهم بكليات الطب بالخارج من اجل التخصص ( عدد مناصب التخصص ببلادنا ضئيلة جدا) و بما ان عدد ساعات تكوين هاته الافواج هو 3900 ساعة فانها لا تستجيب لمعايير اغلب كليات الطب في العالم و التي تشترط 4500 ساعة تكوين في الطب على الاقل.
اتمنى ان يحكم حكماء بلدي العقل و الرزانة و الحكامة و البصيرة لحل هذا المشكل في اقرب الاجال بمنطق لا غالب و لا مغلوب. مصلحة البلاد فوق كل اعتبار