التحضير النفسي.. سلاح الرياضيين المغاربة في أولمبياد باريس 2024

لطالما لعب الجانب النفسي دورا مهما ومؤثرا في كافة التظاهرات الرياضية، بما فيها منافسات الألعاب الأولمبية القادمة والتي ستنطلق يوم ال26 من يوليوز الجاري بالعاصمة الفرنسية باريس، بل ويشكل أحد العوامل الحاسمة التي تحدد مستوى أداء الرياضيين.
ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للرياضيين المغاربة الذين سيدافعون عن ألوان المملكة في 19 رياضة، لكون التحضير النفسي عنصر لا غنى عنه لضمان تقديم أداء متميز، عبر تعزيز ثقة الرياضيين بأنفسهم وإيجاد التعامل مع التوتر والقلق الناجمين عن المنافسة على أعلى المستويات.
وفي هذا الصدد، يرى الأخصائي في الطب النفسي، محمد البارودي، أن الإعداد النفسي يلعب دورا هاما بالنسبة للرياضيين المقبلين على المشاركة في هذه المنافسة، سواء ممن يجتازون الألعاب الأولمبية لأول مرة، قصد إزالة مشاعر الخوف والقلق والتوتر، وتعزيز تقدير الذات لديهم ومنحهم الثقة في النفس، أو أولئك الذين سبقوا أن اجتازوها وفشلوا في الدورات السابقة.
وأكد محمد البارودي، في تصريح لجريدة “مدار21″، على ضرورة منح هؤلاء الرياضيين التفاؤل، ونسيان صدمات الإخفاقات الماضية عبر الإعداد الجيد والاسترخاء والتركيز على أهمية ساعات النوم الكافية، علاوة على تجنب كل ما من شأنه إدخال الرياضيين في مرحلة اكتئاب من والتي تؤثر على صحتهم النفسية والجسدية.
لذلك، أقر البارودي بأن الإعداد النفسي الجيد للرياضيين المشاركين في هذه الدورة من الألعاب الأولمبية، يعتبر مسألة أساسية و ضرورية، بقوله: “يجب أن يكون الاخصائي النفساني مرافقا لجميع الرياضيين في مثل هذه الألعاب”.
وبخصوص الطريقة المثلى التي سيتمكن الرياضيون من خلالها تجاوز الصعوبات النفسية الناجمة عن الإخفاقات السابقة، وتحفيز هؤلاء الرياضيين على القيام بمشاركة موفقة، اقترح الأخصائي في الطب النفسي القيام بجلسات علاجية نفسية جماعية، وأخرى فردية، لتجاوز إضطراب ما بعد الصدمة للمشاركات السابقة غير الموفقة، بقوله: “من شأن هذه الصدمات أن تؤثر بشكل سلبي على نفسية الرياضيين المشاركين، سواء القدامى أو من لهم مشاركة جديدة، لكن بشكل خاص الرياضيين السابقين الذين عاشوا أزمات إخفاقات سابقة”.
وشدد البارودي على “أهمية كل من المواكبة النفسية والدعم النفسي للرياضي قصد تحسين الجانب النفسي والذهني لديهم، مع خلق تحفيزات مادية للرياضيين المشاركين في هذه الدورة والتي من شأنها أن تجعلهم يبذلون مجهودات مضاعفة، إلى جانب استحضار أهمية ومكانة المغرب العالمية في مثل هذه الدورات عبر تجسيد الروح الرياضية لدى حل المشاركين، باعتبار أن هذا الجانب مهم في تلاحم مختلف أنواع الرياضات وتشجيع بعظهم لإبراز أن الجميع يلعب من أجل تشريف راية الوطن بشكل عام” على حد تعبيره.
وأضاف المتحدث عينه أن هنالك اختلاف كبير على مستوى الإعداد النفسي للرياضيين المقبلين على أول مشاركة مقارنة بالرياضيين المجربين، لكون أن المقبلين منهم على أول مشاركة في هذه الدورة، تتسم بنياتهم النفسية بمشاعر الخوف والتوتر والقلق نظرا للمسؤولية الملقاة على عاتقهم.
ولذلك، رفض تحميل هاته الفئة من الرياضيين مسؤولية الإخفاق للوهلة الأولى، بقدر ما يجب اعتبارها بمثابة تجربة فريدة تمنحهن إضافة في المستقبل، مستدلا بعدة أمثلة من الواقع لمجموعة من الرياضيين الذين اخفقوا في الدورات الأولى، وباتوا بعد ذلك نجوما عالميين بالنظر إلى الخبرة والتجربة التي اكتسبوها.
ولفت البارودي إلى “مدى أهمية الإعداد النفسي بالنسبة للرياضيين المجربين تكمن في مواكبتهم نفسيا، والحرص على تجاوز كرب اضطراب ما بعد الصدمة الذي تكون له تبعات نفسية خطيرة، من شأنها أن تؤدي إلى الدخول في مرحلة اكتئاب حاد قد تصل للانتحار بسبب تدني مستوى تقدير الذات والشعور باللوم وسيطرة الإحباط لديهم”. حسب قوله.
واختتم البارودي حديثه بقوله: “وجب على المسؤولين إعطاء أهمية كبرى للإعداد النفسي للرياضيين، وجعلها ثقافة نفسية ليس فقط في المشاركة بالمحافل الدولية، وإنما صيرورة تشمل جميع الرياضات في مختلف المحافل الوطنية والدولية”.