العدالة والتنمية يرفض تعنيف الأطر الصحية ويربط أزمة القطاع بارتباك وتناقض الحكومة

اعتبرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أن ما يعرفه قطاع الصحة العمومية سواء على مستوى الكليات العمومية للطب والصيدلة أو على مستوى المستشفيات والمرافق الصحية العمومية، منذ شهور، هو نتيجة لغياب التعامل السياسي الناضج والمسؤول ولأزمة المقاربة الحكومية المتخبطة والمرتبكة والمتناقضة التي تحكم تدبير مختلف الملفات.
وأعلنت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في بلاغ لها من توقيع عبد الإله بنكيران، عن رفضها اللجوء إلى العنف في مواجهة التظاهرة السلمية التي نظمها مهنيو الصحة بتأطير من النقابات الممثلة لها في إطار ما يخوله لها الدستور في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها.
واعتبرت الأمانة العامة للحزب في بلاغ لها، أن هذه الأزمة تشير إلى فشل سياسي جديد للحكومة، و”التي لا تخرج من أزمة إلا لتدخل في أزمة جديدة، ما يجعلها قلقة من انتقال هذه الاحتجاجات إلى قطاعات أخرى وتطور ما يجري نحو احتقان اجتماعي بلادنا في غنى عنه”.
وأشارت الأمانة العامة إلى أن الرزانة والمسؤولية تقتضيان التواصل المباشر بين الحكومة والنقابات وإعمال لغة الحوار في التعامل مع الاحتجاجات وحل النزاعات.
وحملت الحكومة المسؤولية الكاملة لما آلت إليها الأوضاع بهذا القطاع الحيوي، نتيجة لـ”تنصل رئيس الحكومة من الالتزامات التي يتضمنها محضر الاتفاق الذي وقعته الإدارات المعنية مع النقابات الممثلة للقطاع بتاريخ 29 دجنبر 2023، وذلك بناء على محضر الاتفاق الموقع بحضور رئيس الحكومة بتاريخ 24 فبراير 2022″.
واستغربت تنصل رئيس الحكومة من بعد مفاوضات دامت لثلاثة أيام وبمعرفة الوزراء المعنيين وحضور ممثليهم وأن يدعي أن هذا المحضر لا يلزمه باعتبار أن من وقعه هم إداريون فقط.
ودعت الأمانة العامة رئيس الحكومة إلى تحمل مسؤوليته والمبادرة إلى فتح حوار حقيقي ومسؤول مع النقابات الصحية لإيجاد حل للملفات والالتزامات المتضمنة في محضر اتفاق 29 دجنبر 2023 بما يوقف الاحتقان الذي يعيشه القطاع الصحي العمومي ويضمن التنزيل التشاركي لإصلاح المنظومة الصحية ويراعي الحقوق المكتسبة للأطر الصحية ويحفظ المكانة اللائقة والضرورية للقطاع الصحي العمومي وأدواره الأساسية في إنجاح تفعيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية وضمان الولوج العادل لكل المواطنين للخدمات الصحية.
ودعت أيضا النقابات الصحية إلى تفادي التصعيد ومواصلة التواصل والحوار مع الحكومة بما يحفظ استمرارية الخدمات والمرافق الصحية لفائدة المواطنين والمواطنات ويحافظ على مكانة وأدوار القطاع الصحي العمومي.
ونبهت لأثر هذه التطورات على استمرارية القطاع الصحي العمومي، الذي يعتبر مكونا هاما وركيزة أساسية في التكوين الطبي الرصين واستمرارية الخدمات الصحية للجميع وضمان نجاح ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وفق البلاغ.
وحذرت الأمانة العامة من مآلات تأزيم وضع القطاع الصحي العمومي بشقيه التكويني والخدماتي، وهو ما يجعل المواطنين أمام خيارين صعبين، إما التخلي عن الاستشفاء أو اللجوء المجبر إلى صنف جديد وغير طبيعي برز مؤخرا في القطاع الصحي الخاص بتوجهات نيوليبرالية وتجارية معلنة تتطور بسرعة خيالية وبشكل غير معقول على شكل شبكة مصحات عابرة للمدن.
وواصلت الأمانة العامة في بلاغها أن هذه المصحات “أصبحت في وضع هيمنة على القطاع الصحي بشقيه العام والخاص، تجذب المرضى عبر مختلف الوسائل بما فيها حملات الإشهار ضدا على القانون وفي انتهاك صارخ لمقتضيات مدونة أخلاقيات المهن الصحية، وفي تنافس غير قانوني وغير شريف مع باقي مكونات القطاع الصحي الخاص العادي والطبيعي، وهو ما ينبغي التنبيه والانتباه إليه من الآن وإلى خطورته ولآثاره الوخيمة على استمرارية الخدمات والمرافق الصحية بالقطاعين العام والخاص، وعلى ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وعلى استدامة التوازنات المالية لصناديق ومؤسسات الضمان والحماية الاجتماعية والتي بدأت تسجل عجوزات مالية كبيرة تنذر بارتباك تعميم التغطية الصحية”.
وتطرقت الأمانة العامة للحزب أيضا إلى إضراب طلبة كليات الطب والصيدلة، محملة الحكومة ورئيسها كامل المسؤولية عن ما آل إليه ملف طلبة الطب والصيدلة بالكليات العمومية للطب والصيدلة والناتج عن تأخرها الكبير وارتباكها وتضارب وتناقض التدخلات والآراء وتصريحات رئيسها ووزرائها في إضراب انطلق منذ 7 أشهر (منذ 16 دجنبر 2023)، إضافة إلى سوء تقديرها للوضعية واطمئنانها الزائد وتحميلها المسؤولية لخصوم وهميين عوض حل المشكل والتحاور المباشر مع الطلبة، ورفضها في مختلف المراحل لكل المبادرات والوساطات ومن ضمنها التدخلات العديدة للفرق والمجموعة النيابية، وهو ما جسده تبليغها لمجلس النواب وفي جلسة رسمية بأن الحكومة غير مستعدة للجواب على أسئلة النواب بخصوص إضراب طلبة الطب والصيدلة.
ونبهت الأمانة العامة إلى الارتباك والاضطراب والتناقض في سلوك رئيس الحكومة والوزراء المعنيين، مستغربة تراجع وزير التعليم العالي عن التزامات وحلول سابقة قدمها زميل له في الحكومة باسم رئيسها، وقراره بطريقة انفرادية وغير منطقية وفي زمن قريب جدا إلى إجراء الامتحانات يوم 26 يونيو وتأجيل كل النقاط المطروحة إلى ما بعد الامتحانات وهو ما أدى إلى تفاقم الأزمة والتشنج في المواقف.
ودعت الأمانة العامة كلا من الحكومة وطلبة كليات الطب والصيدلة إلى التعامل بإيجابية ومسؤولية -وعلى وجه الاستعجال- مع المبادرة الهامة التي تقودها كل الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب من أجل تقريب وجهات النظر وإيجاد الحلول الملائمة لمختلف النقاط المطروحة والعمل بمسؤولية ووطنية على إنقاذ السنة الجامعية لأزيد من 25.000 من طلبة الطب والصيدلة من الضياع، ومما سينجم عنه من آثار وخيمة على منظومة التكوين والصحة بالبلاد.
ودعت في السياق ذاته، الطلبة إلى اعتماد المرونة اللازمة والتفاعل الإيجابي بما يضمن نجاح هذه الوساطة والعودة إلى التكوين والتداريب وإجراء الامتحانات وإنقاذ هذه السنة الجامعية.
وأفادت الأمانة العامة للحزب بأن التطورات الخطيرة التي يعرفها قطاع الصحة العمومية سواء على مستوى الكليات العمومية للطب والصيدلة أو على مستوى المستشفيات والمرافق والإدارات الصحية العمومية، وما كشفه من أزمة حادة ومزمنة في التدبير الحكومي لمختلف الملفات والإشكاليات التي تعترضها، كما وقع سابقا على مستوى قطاع التعليم، وهو ما ينذر بشبح سنة بيضاء تهدد 25.000 طالبا وطالبة، وبالتوقف المتكرر للخدمات الصحية بهذه المستشفيات، ويربك بشكل كبير ورش تعميم الحماية الاجتماعية، دفعها إلى الوقوف على هذه “التطورات الخطيرة والمناقشة المستفيضة لمختلف حيثياتها” من خلال عقدها اجتماعا استثنائيا الخميس لتدارس هذه التطورات، وإبداء هذه المواقف.