سياسة

خبير لـ”مدار21″: الجزائر تستعرض قوتها للتغطية على الغليان الشعبي الداخلي

خبير لـ”مدار21″: الجزائر تستعرض قوتها للتغطية على الغليان الشعبي الداخلي

لا توفر السلطات الجزائرية الجهد في محاولة استنزاف “النفس الطويل” للجانب المغربي في رده على مجمل “التصرفات غير المبررة” للقيادة الجزائرية، التي كان آخرها “المناورة البحرية” بمشاركة غواصات قرب حدود المغرب تحت إشراف قائد أركان الجيش الفريق السعيد شنقريحة، وقائد القوات البحرية اللواء محفوظ بن مداح، والذي نقل التلفزيون الجزائري مشاهد منها في محاولة استعراضية سميت بـ”مركب الردع 2021″ على أكبر قاعدة بحرية جزائرية “مرسى الكبير”.

جاء ذلك في ظل أزمة متصاعدة بين الجانبين، وعلى بعد أيام معدودات من إعلان الجارة الشرقية قرار إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات المدنية والعسكرية المغربية وكذا تلك التي تحمل رقم تسجيل مغربي لأسباب عزتها إلى “الأعمال العدائية المغربية.”

وفي قراءة للتصعيد الجزائري وعن طبيعة المناورات البحرية، صرّح خبير العلاقات الدولية، حسن بلوان، لـ”مدار21″ أنه “من حيث طبيعة المناورات فلكل الجيوش الحق الروتيني في التدريب المستمر ورفع الجاهزية ومحاكاة الحروب الواقعية، لكن بالنسبة لقادة العسكر في الجزائر فكل خطوة أو تحرك عسكري أو مدني يجب أن يصب في العداء للمغرب كعقيدة مرضية للنظام العسكري الجزائري ضد المملكة المغربية.”

وأردف المتحدث ذاته أن “سبب اختيار الحدود المغربية بالضبط لإجراء هذه المناورات لا يخلو من استفزازات بالنظر للهجمات المستمرة والحملات الدعائية المتهافتة على المغرب ومن أعلى مستوى”، كما اعتبر بلوان أن “هذه المناورات، بالإضافة إلى طبيعتها الاستفزازية، هي استعراض للقوة البحرية والتهديد بالحرب الدائم كغطاء ومطية لحجب الغليان الشعبي ضد عسكر الجزائر الذي راكم الاخفاقات في تدبير شؤون البلاد والعباد.”

وعن السياق الزمني للمناورات البحرية التي قامت بها جارة المغرب يوم أول أمس الأربعاء تزامنا مع خطاب شنقريحة، أكد خبير العلاقات الدولية ذاته أن السياق مهم جدا لتفسير هذه المناورات، بقوله “تأتي بعد شهور من المناورات البرية الضخمة في يناير الماضي والتي اختير المناطق الحدودية المغربية لإجرائها أيضا واستعملت فيها الذخيرة الحية ومحاكاة حرب حقيقية مع المغرب، كما تأتي هذه المناورات في ظل هجمات منسقة ويومية من قادة الجزائر ضد المملكة، وكيل الاتهامات الخطيرة دون حجج مقنعة أو لأسباب مضحكة، انتهت بقرار قطع العلاقات الأحادي، ومنع الطائرات المغربية من عبور الأجواء الجزائرية ولا شك أن هوس قادة العسكر بالعداء للمغرب ستصدر قرارات استفزازية وتصعيدية أخرى.”

وتجنبت الدولة المغربية الانزلاق إلى ردود أفعال مماثلة للرد على الاستفزاز المتواصل من الجانب الجزائري، ونهجت منطق الحكمة في التعامل وهو ما نوه إليه المتحدث ذاته، مردفا “المغرب دولة عريقة بمؤسساتها وتاريخها وعمق دبلوماسيتها، لذلك نجد أن المملكة المغربية لا تنجر لردود أفعال على مستوى الخطاب والممارسة، فالمغرب على أعلى المستويات تقدم بمبادرات جريئة للتهدئة وطي صفحة الماضي وتطوير الشراكة والعمل الثنائي، لكن قادة العسكر اختاروا التصعيد ورفضوا الوساطات العربية والافريقية والاوروبية، كما أن المغرب يتحاشى المواجهة الاعلامية أو التصريحات التصعيدية، ويلتزم أقصى درجات ضبط النفس أمام التصريحات النارية في الاتجاه المقابل.”

ويرى بلوان أن الرد المغربي يوجد على الأرض من خلال ثلاث محاور أساسية “يتجلى الأول في تحديث الجيش وإعادة تنظيمه وتزويده بأحدث الأسلحة وتنويع الشراكات الدولية (مناورات الأسد الافريقي)، أما الثاني فيهم محاولات كسب الرهان الدبلوماسي من خلال توسيع دائرة الاختراقات في ملف الصحراء المغربية

فيما يرتبط الأخير بالتفرغ للتنمية والنمو الاقتصادي والبنية التحتية وإطلاق الأوراش الكبرى بالإضافة إلى بناء المؤسسات الدستورية كسبيل وحيد لرص الجبهة الداخلية سياسيا ودبلوماسيا.”

واستبعد بلوان نشوب حرب بين البلدين موردا “رغم أن الاستفزازات الجزائرية المتواصلة كبيرة وغير مسبوقة إلا أن الحرب بين الطرفين مستبعدة في المدى القريب، اللهم إن كانت حرب بالوكالة تخوضها ميليشيات البوليساريو بغطاء جزائري كامل.”

وأشار المتخصص في العلاقات الدولية والصحراء المغربية إلى أن “ظروف الجزائر الداخلية لا تسمح باندلاع الحرب المباشرة، علاوة على أن المنطقة مشتعلة ولا تتحمل توترا عسكريا جديا”، ناهيك عن أن “الدول الكبرى والإقليمية ذات العلاقة لا يمكن أن تسمح بتهديد الأمن الإقليمي في منطقة حيوية للتجارة العالمية (مضيق جبل طارق) كما أن إسبانيا وفرنسا خاصة والاتحاد الأوروبي عامة لا يمكن أن يفرطا في المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية المشتركة والمتداخلة في المغرب والجزائر.”

وأضاف “لكن السلوك المتطرف لقادة الجزائر العسكريين لا يمكن التنبؤ بمآلاته ويمكن أن يقود المنطقة نحو المجهول، وفي سبيل بقائهم في السلطة يمكن أن يحرقوا الأخضر واليابس.”

وفي ما إذا ما ارتبطت هذه التصريحات بالعمليات الاستفزازية التي تجريها الجارة على الحدود مع المغرب، اعتبر خبير العلاقات الدولية أن المناورات الجزائرية البحرية الأخيرة “ليست لها علاقة  مع قرار المحكمة الأوربية بشأن اتفاقيات التجارة والصيد البحري مع المغرب، وواصل بقوله “اللهم في ضغط اللوبي الجزائري الذي ينفق بسخاء على منظمات وأحزاب أوروبية  ضد الوحدة الترابية المغربية، وأعتقد أن قرار المحكمة كان مُسيّسا ويمس في الصميم بنزاهة ومصداقية القضاء الأوربي كما أنه لا يؤثر في الشراكة الاستراتيجية المغربية الأوربية.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News