جهويات

“عزلة اتصالية”.. ضعف شبكة الهاتف والإنترنت يُعَطِّل مصالح مواطني الجنوب الشرقي

“عزلة اتصالية”.. ضعف شبكة الهاتف والإنترنت يُعَطِّل مصالح مواطني الجنوب الشرقي

إلى جانب إشكاليات الجفاف والتنمية التي ترزح تحتها العديد من مدن الجنوب الشرقي للمملكة، ينضاف تحدٍ؛ جديد قديم، إلى التحديات التي تواجه ساكنة هذه الأقاليم “المنسية” في قضاء أغراضهم الإدارية والشخصية، إذ أصبح ضعف شبكة الهاتف النقال والإنترنت “شبحا” يربك المستهلكين والإدارات العمومية وحتى المقاولات الخاصة.

إقليم زاكورة، الذي ينتمي إلى أقاليم جهة درعة تافيلالت، نموذجٌ حي عما تعيشه هذه المناطق من تحديات على مستوى التواصل عبر شبكة الهاتف أو الإنترنت، حيث يشتكي العديد من المواطنين “شبه انعدام للشبكة” و”عدم استفادتهم من الخدمات الكافية مقابل ما يدفعونه من فواتير بشكل شهري”.

وتواصلت “مدار21” مع أجديك زكرياء، فاعل جمعوي بإقليم زاكورة، والذي قال إن “ساكنة إقليم زاكورة تعاني بشكل كبير من ضعف شبكة الإنترنت والاتصال العادي”، مشيرا إلى أن “هذه المعاناة تربك الزبناء العاديين، أي المستهلكين، وحتى الإدارات العمومية والمقاولات الخاصة”.

وأضاف أجديك، مستعرضا أوجه هذا الضعف على مستوى شبكات الاتصال بالمنطقة، أنه “نعاني من انعدام الخط السلكي بوفرة وغياب الصبيب الكافي من الإنترنت بالإضافة إلى ضعف الخط العادي”، مشددا على أن “ربط اتصال مع أحد الأرقام أصبح مهمة صعبة المنال وحتى إذا تمكنت من إجرائها فإن الانقطاعات تشوش على المكالمات”.

وعن صبيب الإنترنت بمركز إقليم زاكورة، يردف الفاعل المدني أنه “في بعض الأحيان ينقطع لمدة يومين إلى ثلاثة أيام دون تحرك أي جهة لحل هذا المشكل، الذي يعطل في كثير من الأحيان مصالح وخدمات المواطنين، خاصة في الإدارة العمومية”.

وتابع الفاعل المدني أن “الوضع في ضواحي مركز إقليم زاكورة أكثر كارثية في القرى والمداشر”، مشيرا إلى أن “الاتصال العادي ينعدم في أغلب الأحيان فما بالك بصبيب أو شبكة الإنترنت”.

وعن عواقب هذه “العزلة الاتصالية” كما فضل المتحدث ذاته أن يسميها، أورد أجديك أنه “حينما تقع حادثة سير أو إصابة على مستوى الحقول والواحات أو في حالة حدوث لسعة سامة في هذه المناطق بشكل يستدعي الاتصال بمصالح الوقاية المدنية فإنه في كثير من الأحيان تحول هذه المشاكل دون الاتصال بهم وبالتالي تُعرَّض حياة وسلامة المواطنين للخطر”.

وأورد المصرح ذاته أنه “في أحسن الأحوال يجد الناس أنفسهم مجبرين على قطع مسافات طويلة للوصول إلى منطقة توجد فيها شبكة اتصال جيدة للاتصال بالوقاية المدنية لإنقاذ المواطنين من هذه الأخطار”، مؤكدا أن “هذا التأخر يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة قد تصل حد الوفاة”.

إلى ذلك، أشار أجديك إلى أن “المواطنين في هذه المناطق يؤدون فاتورات غالية دون الاستفادة من الخدمات التي تتناسب مع حجم المبالغ التي يؤدونها بشكل شهري”، داعيا شركات الاتصالات إلى “بذل مجهود أكبر لضمان تغطية أوسع لمناطق إقليم زاكورة بشبكة الهاتف والإنترنت”، ملحا على “أهمية هذه التغطية على مستوى المناطق الحدودية”.

وشدد الفاعل المدني على أنه “ما دامت هذه الشركات تتوصل بمبالغ مهمة من طرف المواطنين فمن الواجب عليها أن توفر الجودة الكاملة للمستهلك بالشكل الذي توفره في باقي المدن”، مواصلا بأن “شبكة الإنترنت والهاتف اليوم أصبحت من الحاجيات الضرورية مثلها مثل الماء والكهرباء”.

الضعف الكبير في صبيب الإنترنيت والانقطاعات المتكررة التي تطال الشبكة في العديد من المدن المغربية وصل إلى الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، غيثة مزور، بعدما ساءل النائب البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية، أحمد العبادي، الوزيرة عن التدابير والإجراءات التي تتخدها لتأهيل وتقوية مؤشر جودة وسرعة الإنترنيت ومختلف التكنولوجيات الرقمية.

وأضاف السؤال الذي اطلعت عليه “مدار21” أن “خدمات الإنترنيت أصبحت تشكل كابوسا يقض مضجع المواطنين بمختلف ربوع المملكة، وكذا المؤسسات والهيئات المتعاقدة مع شركات الاتصالات”، مواصلا بأن هذه الانقطاعات “تخلف غضباً واسعاً بسبب بطء سرعة الإنترنت وتعطله بشكل كامل في أحيان كثيرة بالرغم من استخلاصها لأموال طائلة نهاية كل شهر”.

وانتقد البرلماني ذاته “الوصلات الإشهارية لشركات الاتصالات التي تدعي جودة خدمات الإنترنيت وسرعة الصبيب لمحاولة استقطاب المستهلكين”، مشيرا إلى أن “الواقع يعكس تردي هذه الخدمات ما يؤدي إلى انعكاسات سلبية على عدة مستويات سواء الاقتصادية منها أو الاجتماعية أو التجارية أو السياحية أو الخدماتية”.

وأكدت السؤال، في سياق جرده لعواقب هذه المشاكل في شبكة الإنترنت والهاتف، أنها “تتسبب في ضياع وتعطيل مصالح المواطنين، في الوقت الذي تراهن فيه بلادنا على تعزيز التكنولوجيات الرقمية وتعميمها، خاصة وأنها مقبلة على تنظيم تظاهرات واستحقاقات رياضية عالمية، وستكون محط أنظار مختلف دول العالم”.

وأورد البرلماني ذاته أن “مؤشر جودة وسرعة الإنترنت أصبح يسجل تراجعا كبيرا ويؤثر على ثقة الزبناء في الخدمة التي تؤديها شركات الاتصالات”، مسجلا أنه “إذا كانت هذه الخدمة ضعيفة ومتردية بالوسط الحضري فما بالك بالعالم القروي الذي يعاني بشكل دائم من ضعف كبير في شبكة الهاتف النقال والإنترنيت، التي تكاد تكون فيه شبه منعدمة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News