“تجمع الأمازيغ” يطالب سعيّد بتغيير “المغرب العربي” ويُحذِّر من حرب قذرة ضد المغرب

راسل التجمع العالمي الأمازيغي، الرئيس التونسي قيس سعيد، طلبا لتغيير مصطلح “العربي” بتسمية اتحاد المغرب العربي إلى “المغرب الكبير”، معتبرا إياه “مصطلحا عرقيا لا يحترم الخصوصية الثقافية والهوياتية لبلدان شمال إفريقيا”، محذرا من تحركات الجنرالات الجزائريين الفاسدين، الذين يتشبثون بقوة بالإيديولوجية العربية-الإسلامية المتجاوزة، ويصرون على إنشاء دويلة انفصالية صغيرة “عربية” في الصحراء المغربية، لا لشيء سوى لمواصلة “حربهم القذرة” ضد المغاربة.
ودعا رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، رشيد راخا، في رسالة وضعها بمقر ما يسمى بـ”الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي”، سعيّد إلى “إسداء النصح للممثل الدبلوماسي لتونس لمواءمة تسمية الاتحاد مع القانون الأسمى للمملكة، الذي استبدل في ديباجته مصطلح “المغرب العربي” بمصطلح “المغرب الكبير”.
واعتبر الراخا أن هذا “المصطلح هو أكثر تعبيرا عن التكامل والوحدة وأكثر احتراماً لهوية شعوبنا المتعددة، خاصة بعد الاعتراف باللغة والهوية الأمازيغية الأصلية في الدستور المغربي الصادر يوم فاتح يوليو 2011 وفي الدستور الجزائري المعدل سنة 2016، في انتظار أن تحذو بلادكم، وموريتانيا وليبيا حذو المغرب والجزائر، وتقوم بدورها برفع هذا الظلم والتصالح مع التاريخ العظيم لهذه الأرض المضيافة الممتدة من جزر الكناري إلى البحر الأحمر”.
يأتي ذلك عقب أسبوعين تقريبا من إعلان تونس عن اختيار رئيسها قيس سعيد، لطارق بن سالم أمينا عاما لاتحاد المغرب العربي، لمدة ثلاث سنوات بداية من فاتح يونيو المقبل، خلفا للرئيس الحالي الطيب بكوش “بموافقة الأعضاء”
وأعرب راخا في رسالته، التي اطلعت عليها جريدة “مدار21” الإلكترونية، عن أسفه اتجاه تعيين الأمين العام الجديد، على اعتبار أنه “لا يثير أي أمل لدى شعوب شمال إفريقيا، والتي تُسمى باللغة الأفرو-أمازيغية الأصلية “تمازغا”، كما لن ينجُم عن ذلك أي انتعاش للعلاقات بين الدول الأعضاء الخمس”.
وسجل رئيس التجمع العالمي الأمازيغي أن “هذا الاتحاد الميت محكوم عليه بالبقاء كقوقعة فارغة منذ تأسيسه في مراكش (عاصمة الإمبراطورية الأمازيغية الموحدية التي حكمت من موريتانيا إلى ليبيا) في 17 فبراير 1989، طالما لم يعمل على مواجهة التحديات الحقيقية لشعوب شمال إفريقيا، ولا يتوافق مع هويتها الحقيقية ويصحح تاريخها المغتصب”.
وأضاف في رسالته: “بما أن مقر الاتحاد موجود في الرباط، عاصمة المملكة المغربية، ويخضع تلقائيًا للقانون المغربي، أطلب منكم بإسداء النصح لممثلكم الدبلوماسي لمواءمة تسمية الاتحاد مع القانون الأسمى للمملكة، الذي استبدل في ديباجته مصطلح “المغرب العربي” بمصطلح “المغرب الكبير“. وهو مصطلح أكثر تعبيرا عن التكامل والوحدة وأكثر احتراماً لهوية شعوبنا المتعددة”.
واستشهد راخا بالاعتراف باللغة والهوية الأمازيغية الأصلية في الدستور المغربي الصادر يوم فاتح يوليو 2011 وفي الدستور الجزائري المعدل سنة 2016، “في انتظار أن تحذو بلادكم، وموريتانيا وليبيا حذو المغرب والجزائر، وتقوم بدورها برفع هذا الظلم والتصالح مع التاريخ العظيم لهذه الأرض المضيافة الممتدة من جزر الكناري إلى البحر الأحمر”.
وشدد على ضرورة تفكير وزراء خارجية دول شمال إفريقيا جدياً في إعادة بناء اتحادنا المغاربي على أسس جديدة، أكثر واقعية وبراغماتية، وذلك في توافق مع قيمنا، باستلهام الرؤية الأفريقية والأمازيغية، والقطع بكل شجاعة مع الاعتبارات الأيديولوجية العربية-الإسلامية البالية التي كان المفكر الجزائري الراحل محمد أركون لا يكف عن انتقادها.
واعتبر أن الاتحاد المغاربي يجب أن يقتدي بالاتحاد الأوروبي، يستند إلى التاريخ العريق للقارة ويستمد أصوله من الحضارة الأمازيغية. اتحاد يعاد بناؤه في احترام تام لمضامين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر 1948، وإعلان الأمم المتحدة لحقوق الشعوب الأصلية الصادر في 13 سبتمبر 2007. اتحاد يجعل من أولوياته الدفاع عن حقوق المرأة، ومكافحة جميع أشكال التمييز، واحترام التنوع الإثني واللغوي، وتعدد المعتقدات الدينية والتعددية السياسية.
كما اعتبر أن الاتحاد الجهوي لشمال إفريقيا يجب أن يراهن على إنشاء نظام سياسي فيدرالي، في توافق مع مشروعنا السياسي الطموح “بيان تامازغا” القائم على حق الجهات في الحكم الذاتي[3]، المستوحى من مؤسساتنا المحلية السوسيو-اجتماعية القديمة المتعلقة بالكونفدراليات القبلية. نظام فيدرالي من شأنه أن يحل نهائياً قضية الصحراء المغربية الغربية، والتطلعات الانفصالية في منطقة القبائل، ويضع فضلا عن ذلك حداً للحرب الأهلية والصراعات القبلية في ليبيا.
وبحسب رسالة التجمع العالمي الأمازيغي السيد الرئيس، فإن إسرائيل، والولايات المتحدة الأمريكية، وحتى القوى الاستعمارية الأوروبية السابقة (فرنسا، وإسبانيا وإيطاليا) ليست هي التي تعرقل انبثاق هذا الاتحاد المأمول لدولنا منذ معاهدة مراكش عام 1989، والتي تمنعها من تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية المهمة، ولضمان الرفاه الاجتماعي والسلام لجميع شعوب تامازغا.
وأضاف في هذا الصدد “الحقيقة أن من يصر على إعاقة هذا التكامل الإقليمي “للمغرب الكبير” هم الجنرالات الجزائريون، الذين حاولوا حشركم في مغامرة سيئة لاتحاد ثلاثي مناوئ للمغرب”، مذكرا بأن تونس كانت أول دولة جنوب البحر الأبيض المتوسط وقعت اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي في عام 1995، تلاها بعد ذلك كل من المغرب والجزائر، والتي تنص على : “تشجيع التكامل المغاربي من خلال تعزيز التبادل والتعاون داخل الكتلة المغاربية وبينها وبين الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء“.
ولفت راخا إلى أنه وبالرغم من هذه الاتفاقية، المندرجة في إطار مسلسل برشلونة الأورو-متوسطي الذي انطلق في عام 1995، فإن التكامل المغاربي يواجه العديد من العراقيل بسبب هؤلاء الجنرالات الجزائريين الفاسدين، الذين يتشبثون بقوة بالأيديولوجية العربية-الإسلامية المتجاوزة، ويصرون على إنشاء دويلة انفصالية صغيرة “عربية” في الصحراء المغربية، لا لشيء سوى لمواصلة “حربهم القذرة” ضد المغاربة، الذين يعتبرونهم أمازيغاً، منذ هزيمتهم في حرب الرمال عام 1963[5]. ولتأبيد بقائهم في السلطة، لجأ الجنرالات الجزائريون إلى فزاعة العدو الخارجي (المغربي) والعدو الداخلي، المتمثل في أمازيغ منطقة القبائل، والمزاب وغيرها من الساكنة الناطقة بالأمازيغية.
واستشهد ب”الزعيم الأمازيغي الأفريقي ماسينيسا “إفريقيا للأفارقة”، ليطالب قيس سعيد بالاعتراف بالأصول الأفريقية والأمازيغية لتونس بكل السبل، “ليس لأننا أمازيغ، بل لأن ذلك يصب في المصلحة العليا لتونس التي ستكون وفية لتاريخها، لحضارتها وهويتها السيادية، رغم اننا نشعر بخيبة أمل من دستور ما بعد الثورة، الذي يعتبر تونس بلداً “عربياً”، رغم أن غالبية التونسيين هم في النهاية أمازيغ معربين، وضمنهم أقلية تحدت الفاتحين “العرب” وما زالت تحتفظ بلغتها الأمازيغية العريقة في الجنوب”.
كما دعا رشيد راخا، الرئيس التونسي، لاستغلال روح الانفتاح وحس المسؤولية والواجب التاريخي من أجل توظيف كل ما تتمتعون به من تأثير ودبلوماسية لإقناع “الجنرالات الجزائريين” وبقية قادة دول تامازغا للتصالح مع تاريخنا المشترك العريق. مذكرا بمقتطف من خطاب الملك محمد السادس، بعد إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية بالمغرب في 3 مايو 2023، والذي أكد فيه أن :”الأمازيغية مكون رئيسي للهوية المغاربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيدا مشتركا لجميع المغاربيين بدون استثناء “.