“حماقة” نتنياهو ببتر الخريطة تعقد مسار العلاقات بين الرباط وتل أبيب

رغم الاعتذار وتقديم التوضيحات، تواصل “الخطوة الاستفزازية” التي أقدم عليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أمس الخميس، والتي عمد فيها على بتر خريطة المغرب، إثارة الجدل وتطرح العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل العلاقات بين تل أبيب والرباط.
ووصف أستاذ العلاقات الدولية، حسن بلوان، خرجة نتنياهو بـ”الكارثة والخطيئة الدبلوماسية، وذلك بالنظر للجهود المضنية التي بذلتها الدبلوماسية المغربية من أجل استئناف العلاقات مع تل أبيب منذا أواخر سنة 2020″.
ويرى بلوان، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن هذه الخرجة ستقوّض الجهود المبذولة من أجل تحسين العلاقات بين البلدين ولا شك ستؤثر على مسار التعاون بين البلدين مادام نتنياهو المعزول دوليا فوق هرم السلطة الإسرائيلي.
وسجل الأستاذ الجامعي أن العلاقات المغربية الإسرائيلية توترت منذ الهجوم الهمجي على غزة وستتأتر أكثر مع المس بمقدسات المملكة في قضية حساسة وهي قضية الصحراء المغربية.
وأوضح حسن بلوان، أنه يمكن قراءة الخرجة الإعلامية أو حماقته، وفق تعبيره، من زاويتين، الأولى أنها مقصودة، خاصة إذا استحضرنا الموقف الثابث والقوي للمملكة المغربية من العدوان الإسرائيلي على غزة وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
والزاوية الثانية، بحسب المتحدث ذاته، أنها دليل على الارتباك الذي يعيشه نتيناهو بفعل مأزق الحرب وجرائمه، “وبالتالي حماقته المتسرعة ستؤثر بلا شك في علاقتها مع المغرب، وأيضا مع دولة جنوب السودان (لا تعترف بها وفق الخريطة المعروضة)”.
وأشار إلى أن الاستعانة بخريطة لا تعترف بالواقع والمتغيرات الجيو استراتيجية يفسر الارتباك لدى نتنياهو ولدى معاونيه.
وأردف في حديثه للجريدة: “مهما تكن الإشارات أو الرسائل التي يريد نتنياهو أن يوصلها بهذه الخريطة، يبقى هذا خطأ خطيرا سيؤثر على العلاقات بين الرباط وتل أبيب من جهة وكذلك سيزيد من عزلة نتنياهو الدولية، خاصة من لدن الدول العربية والشقيقة التي انخرطت في خارطة طريق اتفاقيات أبراهام”.
وقال إن هذه الخرجة “المتسرعة” و”غير المحسوبة” ستغضب حلفاء المغرب العرب، وعلى رأسهم السعودية والإمارات وكذلك باقي الدول العربية التي تساند سيادة المملكة وتعتبرها خطا أحمر لا يمكن تجاوزه.
وفيما يتعلق بالرد المناسب من المغرب اتجاه هذه الخطوة، شدد حسن بلوان على أن العقيدة الدبلوماسية المغربية لا تنبني على ردود الأفعال، مضيفا في هذا الصدد: “لكن هذا الاستفزاز سيكون له ما بعده، خاصة فيما يتعلق بإقصاء نتنياهو من أي تعاون دبلوماسي أو سياسي أو ثقافي أو اقتصادي بين المغرب وإسرائيل”.
ولفت أستاذ العلاقات الدولية إلى أنه ومنذ إعلان إسرائيل اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، كانت الرسالة الملكية واضحة والتي اشترطت بالإضافة إلى الاعتراف بمغربية الصحراء، تهدئة الأوضاع وإحلال السلام بمنطقة الشرق الأوسط والاعتراف بحقوق الفلسطينيين باعتبار أن القضية الفلسطينية القضية الثانية بالنسبة للمؤسسة الملكية والشعب المغربي.
وقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو، صباح اليوم الجمعة، اعتذاره عن الخريطة المغربية المبتورة التي أظهرها خلال حوار له مع قنوات فرنسية، مشيرا إلى أنه “للأسف وقع خطأ في الخريطة التي عرضت في المقابلة”.
وسجل بلاغ مقتضب لمكتب نتيناهو، والذي نشر على صفحته الرسمية بمنصة إكس (تويتر سابقا)، أن “الحكومة الإسرائيلية اعترفت بسيادة المملكة المغربية على كامل أراضيها وتم تصحيح جميع الخرائط الرسمية الموجودة في مكتب سيادته، بما فيها الخريطة التي عرضت عن طريق الخطأ في المقابلة، وفقا لذلك”.
وسبق للمتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، حسن كعيبة، أن قدم للملك محمد السادس والشعب المغربي اعتذاره على “الخطأ غير المقصود” من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي استعمل في حوار صحافي خريطة تتطاول على الوحدة الترابية للمغرب وتظهر الصحراء المغربية مبتورة من التراب الوطني.
وقال حسن كعيبة في تدوينة نشرها على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “بسبب خطأ غير مقصود تم إثارة ضجة إعلامية كبيرة بخصوص خارطة استعملها السيد بنيامين نتنياهو تظهر فيها خارطة المغرب مبتورة عن صحرائها”.
وتابع “أقدم توضيحا لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وشعبه العزيز وحكومته الموقرة قائلا: المغرب في صحرائه إلى أن يرث الله الأرض وما عليها”.
واعتذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية عن ما أسماه “الخطأ التقني”، مشددا على أن “إسرائيل والمغرب خاوه خاوه ولن نتراجع عن اعترافنا التاريخي بمغربية الصحراء”.
وظهر نتنياهو، مساء اليوم الخميس، في حوار صحفي بالقناتين الفرنسيتين “إل سي إي” و”تي إف 1″ حاملا خريطة، أثناء حديثه عن النزاع بالشرق الأوسط، تظهر المغرب مبتورا من صحرائه.
وليست المرة الأولى التي يستفز فيها نتانياهو المغرب، إذ سبق له السقوط في الخطأ ذاته في أكتوبر الماضي عند استقباله نظيرته الإيطالية جورجا ميلوني، بعدما ظهرت بمكتبه خريطة للمغرب مبتورة من الصحراء.
عقب ذلك، نفت وزارة الخارجية الإسرائيلية وجود أي تغيير في الموقف الرسمي لبلادها بشأن اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء المغربية.
وكانت تل أبيب اعترفت بمغربية الصحراء في يوليوز الماضي، في رسالة وجهها رئيس وزراء دولة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، إلى الملك محمد السادس، رفع من خلالها قرار دولة إسرائيل “الاعتراف بسيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية”.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن موقف بلاده هذا سيتجسد في كافة أعمال ووثائق الحكومة الإسرائيلية ذات الصلة”، مشددا على أنه سيتم “إخبار الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعتبر إسرائيل عضوا فيها، وكذا جميع البلدان التي تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية” بهذا القرار.
وفي رسالته إلى الملك، أفاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن إسرائيل تدرس، إيجابيا، “فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة”، وذلك في إطار تكريس قرار الدولة هذا.