اقتصاد

مهنيون يطمئنون بشأن أسعار القمح المستورد: “لا ننتظر زيادات كبيرة”

مهنيون يطمئنون بشأن أسعار القمح المستورد: “لا ننتظر زيادات كبيرة”

بعدما انطلق موسم الحصاد خلال الأيام القليلة الماضية في حقول متفرقة من المغرب، وفي وقت تنتظر فيه مناطق أخرى اللحظة المناسبة للشروع في جني محاصيل موسم لم يختلف عن الموسمين الزراعين السابقين، والذي طبعه تأثير الجفاف وقلة التساقطات المطرية، عرفت أسعار القمح المستورد ارتفاعا تراوح بين 20 و30 درهما للقنطار الواحد.

تأثير اللجوء إلى استيراد القمح من السوق الدولية الذي أصبح “اضطرارا وليس اختيارا” قَسَّم مهنيين بين من نفى أن يكون لهذا الارتفاع في سعر القمح المستورد انعكاس “ملموس” على الأسعار الداخلية، وبين من رجح أن يظل احتمال الزيادة في أسعار القمح في السوق الداخلية “واردا جدا” رغم تغطية برامج الدولة لجزء من هذه الزيادات.

وزير الفلاحة، محمد صديقي، قال الأسبوع الماضي أثناء حوله ضيفا على حوار “مع يوسف بلهيسي”، الذي بث عبر منصات جريدة “مدار21″، إن الموسم الفلاحي لهذه السنة سيكون مشابها لنظيره سنة 2022، موضحا أنه “خلال السنة الماضية كانت الإنتاجية أحسن ووصلنا 55 مليون قنطار من الحبوب مقارنة بالسنة التي كانت قبلها، والتي بلغ الإنتاج خلالها 33 مليون قنطار”، مفيدا بأنه خلال هذه السنة يرتقب أن يتراوح إنتاج الحبوب بين 30 و33 مليون قنطار.

ارتفاع “مألوف”

واستطلعت “مدار21” آراء المهنيين في سوق استيراد الحبوب، حيث قال رئيس الفيدرالية الوطنية للمطاحن بالمغرب، عبد القادر العلوي، إن “هذه ليست المرة الأولى التي تعرف فيها أسعار القمح المستورد زيادات”، مضيفا أن “هذه الزيادات سبق أن عشناها في فترة جائحة كوفيد 19 وعشناها ولازلنا نعيشها بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية واليوم”.

وأفاد العلوي “أننا نسجل اليوم زيادة أخرى في أسعار القمح اللين المستورد، لكن ليس بنفس النسبة التي عرفتها من قبل”، مشيرا إلى أن “الزيادات تتراوح بين 20 و30 حتى 35 درهما، وهذا راجع بالأساس إلى الاضطرابات المناخية في كل من روسيا، فرنسا وفي البرازيل”.

وتابع المتحدث ذاته “هذه الاضطرابات ستؤثر لا محالة على إنتاج ومستوى تصدير الحبوب بشكل عام والقمح بشكل خاص”، مبرزا أن “معظم التخمينات تذهب إلى أنه سيكون نقص ملاحظ في إنتاج الحبوب في أكبر البلدان المنتجة”.

وطمأن العلوي المستهلكين وأرباب المطاحن قائلا: “مشترياتنا المخزنة ستظل بالأثمنة القديمة”، مسجلا أن “الدولة تتدخل في مثل هذه الأحيان من خلال أداء الفرق بين ثمن التكلفة وثمن التسليم للمطاحن”.

وسجل رئيس الفيدرالية أنه “لا يوجد فرق كبير بين هذه الزيادات وبين الحسابات التي يقوم بها مكتب الحبوب لتقدير حجم الدعم اللازم لتغطية الفرق بين تكلفة الاستيراد وسعر البيع للمطاحن، وبالتالي لا يمكن أن تؤثر هذه الزيادات الطفيفة على أسعار القمح في السوق الداخلية”.

وعن العوامل المتحكمة في ضبط أسعار القمح في السوق الوطنية، أشار ذات المصرح إلى “المنافسة الكبيرة التي يعرفها قطاع المطاحن والتي تلعب دورا كبيرا في استقرار الأسعار”، مبرزا أنه “في بعض الأحيان نبيع بثمن أقل بكثير من الثمن المحدد، إلى درجة أننا لم نصل اليوم إلى الأسعار التي كنا نبيع بها خلال سنة 2007”.

وواصل العلوي “هذا الوضع راجع إلى المنافسة وإلى رغبة كل مستثمر في التموقع في السوق”، مشددا على أنه “لا أنتظر زيادة كبيرة في الأسعار التي سيباع بها القمح إلى المواطنين وأن الأوضاع ستعالج خلال شهر على أبعد تقدير”.

“الأسواق والتموين في وضعية عادية” يواصل العلوي مطمئنا، مضيفا أن “موسم الحصاد انطلق في مناطق الإنتاج والتي يُقَدَّر أن يصل فيها المحصول إلى حدود 33 مليون قنطار حسب تصريحات وزير الفلاحة”.

وتعليقا على هذه الإحصائيات المرتقبة، قال العلوي إن “المنتوج يبقى تقريبا في مستوى السنة الماضية على رغم من تقلص المساحات المزروعة بمليوني و600 ألف هكتار”.

وفي ما يتصل بالحاجة إلى الاستيراد خلال هذه السنة لتغطية حاجيات السوق الداخلية، أبرز العلوي “ننتظر مردودية المساحات المزروعة بفضل التساقطات الأخيرة في مناطق سايس والغرب وبعض المناطق الأخرى”، مستدركا أن “هذا الإنتاج المرتقب لن يكون له تأثير كبير وبالتالي سنعتمد على الواردات سواء بالنسبة للقمح بنوعيه الطري والصلب وكذلك الشعير والذرة”.

وختم العلوي قائلا: “التخمينات تقول إننا سنتجاوز خلال هذه السنة 100 مليون قنطار من الواردات”، لافتا إلى أن “هذا بطبيعة الحال ستكون له تكلفة ولكن يبقى تموين السوق وضمان استقرار الأثمنة هو الأهم”.

تأثُّرٌ بالسوق الدولية

من جانبه، ذهب رئيس فيدرالية تجار الحبوب والقطاني، عمر يعقوبي، إلى ما ذهب إليه عبد القادر العلوي في تفسيره لارتفاع أسعار القمح المستورد، حينما قال إن “تبعات الجفاف الاستثنائي الذي تعرفه روسيا أثر على صادراتها من القمح بحكم تموينها لجزء كبير من السوق العالمية”.

وأوضح يعقوبي أنه “رغم اعتمادنا على مُصَدِّرين آخرين غير السوق الروسية، إلا أن واردتنا من القمح تأثرت بسبب هذا النقص في الإنتاج الروسي من القمح”، مُفَسِّرًا أنه “حتى إذا كنا نستورد من بلدان أخرى غير روسيا فإنه بسبب الجفاف ونقص الإنتاج الروسي سيرتفع الطلب على صادرات البلدان الآخرى سواء الأوروبية أو البرازيل والأرجنتين أو أستراليا وغيرها من الدول المصدرة للحبوب”.

ولمواجهة هذه الزيادات المرتقبة في أسعار القمح في السوق الداخلية، يضيف يعقوبي أن “الدولة تضع برامج للتخفيف من حدة هذا الارتفاع في الأسعار”، مسجلا أن “تنزيل هذه البرامج يتأخر مقارنة مع سرعة التأثر بالأسعار الدولية، وحتى حينما يطبق لا يغطي سوى جزء من هذه الزيادات، وبالتالي احتمال الزيادة في أسعار القمح في السوق الداخلية يظل واردا جدا”.

وعن توقعاته لمحصول الحبوب لهذه السنة، أحال المصرح نفسه على تصريحات والي بنك المغرب الذي سبق أن أكد أن محصول الحبوب لن يتجاوز 25 مليون قنطار، بما فيها القمح اللين والقمح الصلب والشعير، موردا أن “هذا مستوى ضعيف جدا، وحتى إذا أخذنا بتصريحات وزير الفلاحة الأخيرة التي قال فيها إن المحصول سيبلغ 33 مليون قنطار، فإنها تبقى نسبة ضعيفة وبالتالي الحاجة إلى الاستيراد خلال هذه السنة ستكون قياسية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News