اقتصاد

المصلحة تنتصر لتجديد اتفاقية الصيد البحري بين الرباط وبروكسل

المصلحة تنتصر لتجديد اتفاقية الصيد البحري بين الرباط وبروكسل

مباشرة بعد تقديم المدعية العامة الأوروبية لخلاصاتها بخصوص الطعون التي قدمها المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية ضد حكم إلغاء اتفاقية الصيد البحري بين بروكسيل والرباط، عادت إلى الواجهة توقعات بالتجديد انتصارا للمصلحة الاقتصادية المشتركة بين الطرفين.

وقدمت المدعية العامة بالمحكمة الأوروبية، تمارا كابيتا، أمس الخميس، خلاصات في ما يتعلق باتفاقية الصيد البحري، والتي انتهت في يوليوز 2023، جاءت منسجمة مع رغبة المغرب في إعادة النظر في أسس الشراكة في هذا المجال، وجعلها شراكة نوعية من الجيل الجديد.

محمد شقير، الباحث في العلاقات الدولية، قال إن تقرير المدعية في مجمله يبقى كما عبر عنه الناطق باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، مساهمة فكرية وغير ملزمة للمغرب، وهو ما يؤكد أن المغرب ليس طرفا في هذا الجدل بين المفوضية الأوروبية ومحكمة العدل.

واعتبر شقير في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية أن المصلحة المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي ستتغلب في آخر المطاف، خصوصا وأن سياق التوتر الذي كان بين المغرب وبعض الشركاء الأوروبيين، من بينهم فرنسا وإسبانيا وغيرها، تبدد وتم الحسم فيه، “وبالتالي لا أظن أن يكون هناك معارضة من طرف الشركاء ببروكسيل، نظرا لأن الاتفاق يضمن مصلحة متبادلة”.

وسجل المحلل السياسي أن الصيد البحري، بالنسبة لبعض الشركاء الأوروبيين، مسألة مهمة، وعلى رأسهم إسبانيا، ولذلك كل المؤشرات تؤكد أن تجديد هذه الاتفاقية سيتم عاجلا أم آجلا، أولا لأن ذلك يصب في مصلحة الطرفين، وثانيا لأن هناك منافسة للاتحاد الأوروبي الذين يمكنهم استغلال هذه الفرصة لمحاولة عقد اتفاقيات مع المغرب”.

وتوقع شقير في حديثه للجريدة أن يتم إعلان التجديد قريبا “وفق الشروط الجديدة التي وضعها المغرب ووفق المصلحة المشتركة ما بين الطرفين”.

ويناير الفارط، وبعد انعقاد اجتماع لجنة الصيد بالبرلمان الأوروبي، قالت نائبة أوروبية إن تجديد الاتفاق مع المغرب هذا العام “مستبعد”، وأن الصيادين العاملين بالسواحل المغربية “من المحتمل أن يعودوا لها بعد سنتين في أفضل الأحوال”.

وقالت النائبة الاشتراكية الإسبانية في البرلمان الأوروبي، كلارا أغيليرا، بعد عقد الاجتماع المذكور بالمؤسسة الأوروبية، إن تعليق بروتوكول الصيد البحري من المتوقع أن يستمر لعامين، مؤكدة في تصريحات نقلتها وكالة “أوروبا بريس” الإسبانية.

وسجلت المسؤولة الأوروبية أن إرادة المفوضية الأوروبية هي تجديد البروتوكول، لكنها استبعدت بالمقابل إمكانية التجديد طوال العام الحالي.

وأفادت أنه ورغم صدور الحكم يحتاج الأوروبيون للتفاوض مع الرباط، وذلك بعد إصرار الأخيرة على تحديد المستفيدين من البروتوكول لموقفهم من سيادة المغرب على مياهه الإقليمية، بشكل صريح.

وأضافت في نفس السياق: “انتهى البروتوكول من حيث المدة، على الرغم من استمرار الاتفاق”، أوضحت النائبة الاشتراكية أن المفوضية تجري اتصالات للتعاون العلمي والتقني للمشاريع المقررة في الاتفاق بخلاف الصيد.

وفي ما يتعلق بالمساعدات لتعليق الصيد، أشارت أغيليرا إلى أنه يمكن الحصول على هذه المساعدات لمدة تصل إلى ستة أشهر فقط، حيث لا يعتبر الصندوق البحري الأوروبي الجديد للصيد والاستزراع السمكي (FEMPA) انتهاء البروتوكول كـ “قضية كبرى”.

وسجلت أن القطاع كان يتوقع هذا الموقف بالفعل وبحث عن مواقع أخرى للصيد، “ولكن هناك ضغط كبير في خليج كاديس”، منبهة من جهة أخرى أن الأساطيل تواجه ظروفا صعبة وهو ما يحتم على البرلمان الأوروبي البحث عن حلول أو بدائل.

وفي 12 يوليوز الفارط، قال ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، خلال ندوة صحفية بالرباط، إن اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي الذي تم توقيعه في سنة 2019 كان لفترة غير محددة، وبالتالي هو ما يزال ساري المفعول، وبروتوكول الصيد البحري، والملحق بالاتفاق، هو الذي تنحصر مدته في أربع سنوات.

وبحسب تصريحات بوريطة، فإن تجديد البروتوكول سيأخذ بعين الاعتبار ثلاثة محددات، أولها “كيفية نظر المغرب للشراكة مع شركائه، هل من منطق أن يأتي الشريك ويأخذ الموارد ويؤدي الثمن ويرحل، هل هذا هو الشكل الذي يريده المغرب؟ المغرب اليوم لا يرى الشراكات بهذه الأشكال المتجاوزة، بل يفكر في الشراكات التي لها قيمة مضافة للمغرب وفيها ندية وليست بشكل تقليدي“.

أما المحدد الثاني، فيرتبط، حسب ما أكده بوريطة، بالاستراتيجيات الوطنية للصيد البحري، فالمغرب له استراتيجية أليوتيس، والتي تهدف إلى تطوير هذا القطاع على المستوى الوطني وللمغاربة أولا، ما يجعل هذه الاستراتيجية “ليست تصورا نظريا، بل له انعكاسات في ما سيقوم به المغرب لنفسه والشراكات التي سيعقدها”، وبالتالي “فإنه انطلاقا من هذه الاستراتيجية سيكون هناك المجال الذي سيتبقى للشراكات الخارجية“.

وبخصوص المحدد الثالث، فأشار الوزير وقتها إلى أنه يتعلق بالمعطيات العلمية والبيولوجية، فـ”هذه الموارد لا تتجدد باستمرار وبالتالي يجب حمايتها وهذه الدراسات هي التي ستوضح لنا كيفية التعامل معها مستقبلا، وهل تحتاج حماية أكبر، وما هو مستوى الصيد الذي يمكن الموارد من البقاء“.

وأردف بوريطة: “وفي جميع الحالات، سيبقى المغرب في حوار مع الاتحاد الأوروبي وسيشركه في هذا التفكير وهذه التساؤلات ونتائجها، والشراكة في هذا المجال كما أكدت لا ترتبط فقط بالبروتوكول بل شراكة أكبر، يحددها الاتفاق الذي مازال ساري المفعول”.

وسمح البروتوكول الموقع بين الطرفين عام 2019 لأكثر من 128 قارباً دولياً ضمنها 93 سفينة إسبانية، بالإبحار واستغلال المياه المغربية، بما فيها تلك المياه الموجودة في الصحراء المغربية.

وكانت المدعية العامة بالمحكمة الأوروبية، تمارا كابيتا، قد وجهت صفعة للجبهة الانفصالية “البوليساريو” بعدما أكدت عدم أهليتها للترافع عن سكانة الصحراء، مشيدة بتفوق المبادرة المغربية للحكم الذاتي، ما يفرض على المؤسسات الأوروبية تحمل مسؤولياتها لحماية الشراكة مع المغرب والدفاع عنها ضد الاستفزازات الإجرائية والمناورات السياسية.

وقدمت المدعية العامة بالمحكمة الأوروبية خلاصاتها صباح أمس الخميس في إطار الطعون التي تقدم بها مجلس الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية ضد قرار المحكمة الابتدائية بخصوص إلغاء اتفاقيات الزراعة والصيد البحري بين الرباط وبروكسل.

ووفق المعطيات التي توصلت إليها جريدة “مدار21″، فإن المدعية العامة أوصت بالحفاظ على صلاحية الاتفاقية الخاصة بالزراعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي بشروطها الحالية، مؤكدة قابلية تطبيق هذه الاتفاقية على منتجات الصحراء المغربية.

وفي الشق المتعلق بجبهة الانفصال، اعتبرت المدعية العامة أن “ادعاءات البوليساريو بخصوص ما يسمى التمثيلية، مرفوضة”، وخلصت إلى أن “البوليساريو غير معترف بها كممثل لشعب الصحراء، لا من قبل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي”.

وأوضحت المدعية العامة، وفق معطيات الجريدة، أن “البوليساريو لم يتم انتخابها أبدا من قبل السكان، ومن المستحيل أن نجزم بشكل قطعي أنها تتمتع بدعم الأغلبية منهم”، وبالتالي فإن “ادعاء البوليساريو بأنها الممثل الوحيد للصحراء، لا يتوافق مع موقف الاتحاد الأوروبي”.

وشددت المدعية العامة في خلاصاتها على رفض طلب قدمته جمعية مؤيدة للبوليساريو بغرض منع استيراد المنتجات الزراعية التي مصدرها الأقاليم الجنوبية، مشيرة إلى أن هذا الاستنتاج “يمهد الطريق لاستمرار التبادلات التجارية في هذه المنتجات”.

وأشارت المدعية العامة أيضا إلى تفوق المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وبالتالي على المؤسسات الأوروبية أن تتحمل مسؤولياتها لحماية الشراكة مع المغرب والدفاع عنها ضد الاستفزازات الإجرائية والمناورات السياسية.

ويشار إلى أن خلاصات المدعية العامة ليست بمثابة حكم أو أمر من المحكمة، بل تحليل يتم اقتراحه على المحكمة، في إطار مداولات القضاة التي ستجرى لاحقا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News