سياسة

وسط توجّس النقابات.. الحكومة تُنهي “غموض” إصلاح أنظمة التقاعد

وسط توجّس النقابات.. الحكومة تُنهي “غموض” إصلاح أنظمة التقاعد

أنهت الحكومة حالة الانتظار وغموض إصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب، التي باتت مهددة بالإفلاس، بإعلانها الشروع في فتح واحد من أكثر الملفات الحارقة خلال السنة الجارية، وذلك وفق مقاربة تشاركية مع الشركاء الاجتماعيين، استعدادا لجولة الحوار الاجتماعي القادمة.

وأعلن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، عزم الحكومة إطلاق جولة جديدة من جلسات الحوار الاجتماعي، وذلك وفاء بالتزامتها في إطار الميثاق الوطني للحوار الاجتماعي، مشيرا إلى أن إطلاق هذه الجولة الجديدة، يأتي بالموازاة مع الجهود الحكومية لتحسين الوضعية الاجتماعية لنساء ورجال التعليم ورد الاعتبار لمهنة التدريس.

وترأس رئيس الحكومة، أمس الثلاثاء، جلسة عمل ‏خُصصت لتدارس ورش إصلاح أنظمة التقاعد، الذي تعتزم الحكومة تنزيله، وخلال جلسة العمل، قدمت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، عرضا مفصلا حول الوضعية الحالية لصناديق التقاعد، المطبوعة بتعددها واختلاف هيكلتها وحكامتها وكذا إطارها التنظيمي.

كما طرحت سيناريوهات الإصلاح الممكنة، والإطار العام الذي تعتبره الحكومة وجيها لمعالجة هذا الملف الاجتماعي المهم، وذلك عبر إصلاحات هيكلية وجوهرية تراعي مصلحة جميع الأجراء في القطاعين العام والخاص، مسجلة أن الحكومة تواصل نهجها الرامي لإصلاح صناديق التقاعد، باعتبارها رافعة أساسية لضمان التوازن المالي لصناديق التقاعد وديمومتها، في إطار “الدولة الاجتماعية”.

حلول ابتكارية

وكشفت وزيرة الاقتصاد والمالية أن من المتوقع أن يصل العجز التقني للصندوق المغربي للتقاعد خلال هذه السنة إلى 7.8 ملايير درهم، مشددة على أنه يجب الإسراع في مباشرة إصلاح أنظمة التقاعد بأقرب وقت ممكن، عبر الاتجاه مباشرة دون تأخير نحو دراسة الحلول انطلاقا من عرض مفصل ستقدمه الحكومة.

وتنتظر النقابات من الحكومة أن تقدم تصورا واضحا لا يعتمد على الحلول “السهلة والمقياسية”، لكن يستند إلى “حلول ابتكارية” لا تستهدف فقط الحل الذي يذهب رأسا إلى الزيادة في السن وفي نسبة الاقتطاع، وعبرت المركزيات النقابية في وقت سابق، عن رفضها لما أسمته بـ”الحلول الترقيعية” لإصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس، معلنة في المقابل تمسكها بإصلاح شامل يتجاوز أنظمة الإصلاح المقياسي الذي بدأته حكومة بنكيران، دون المس بحقوق وجيوب الموظفين والأجراء، عبر اللجوء إلى الرفع من سن المعاشات وإقرار الزيادة في نسب الاقتطاعات.

يوسف علاكوش، عضو لجنة الحوار المركزي بالاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أكد أن ملف التقاعد مطروح منذ السنة الماضية في إطار الحوار الاجتماعي المركزي على اعتبار  أنه يندرج ضمن مخرجات اتفاق 30 أبريل لسنة 2022، على أساس أن تقدم الحكومة للمركزيات النقابية السيناريوهات الممكنة للإصلاح.

إنهاء الغموض

وأوضح علاكوش، ضمن تصريح لـ”مدار21″، إلى أن جلسة العمل التي عقدها رئيس الحكومة، تأتي من أجل الاطلاع على مجريات سير عمل اللجنة المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد في إطار تتبع الحكومة لمآل اللجنة التي تشرف عليها وزيرة الاقتصاد والمالية، مضيفا أن “رئيس الحكومة يطلع على الأوراش المفتوحة المرتبطة بالاتفاق وميثاق جولة أبريل قبل فتح جولة جديدة من الحوار الاجتماعي”.

وكان من المنتظر أن تشرع الحكومة في خطة إصلاح أنظمة التقاعد في سياق تفعيل الجدولة الزمنية لأشغال اللجنة المكلفة بإصلاح التقاعد، والتي دشنت أشغالها بتحيين التشخيص والوضعية الحالية لأنظمة التقاعد منذ أكتوبر 2022، حيث كان من المقرر أن يتم ما بين فبراير ومارس 2023 عرض التوجهات الاستراتجية ووضع تصور وخارطة طريق للإصلاح، وفي أبريل 2023 سيجري اعتماد سيناريوهات الإصلاح والمصادقة على خارطة الطريق لتنزيلها، وابتداء من ماي 2023 سيتم الشروع في تنفيذ خارطة الطريق.

وحول الموقف من خطوة الحكومة لفتح الملف الذي رافقه نوع من الغموض، أكد علاكوش في تصريحه للجريدة أن الجدولة الزمنية لفتح ورش إصلاح أنظمة التقاعد كانت مرسومة ومحددة منذ أول جلسة للحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلية، مشيرا إلى أن عمل اللجنة المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد توقف بشكل مفاجئ واليوم يتم استئنافه لفتح جولة جديدة للحوار الاجتماعي، مرتبط بإتمام الاتفاقات الواردة في ميثاق جولة أبريل 2022.

سيناريوهات الإصلاح

وقال المسؤول النقابي: “نحن ننتظر السيناريو والتصور الذي ستطرحه الحكومة بهذا الشأن من أجل مناقشته على ضوء الاتفاق المبرم بين الحكومة والمركزيات النقابية”، لافتا إلى أنه تم خلال السنة الماضية عقد العديد من الجلسات من أجل تشخيص وضعية الصناديق والاطلاع على كل المعطيات الإحصائية المرتبطة بهذه الصناديق، حيث أفضت آخر جلسة تم عقدها في أبريل من السنة الماضية إلى ضرورة تقديم الحكومة رؤيتها لإصلاح صناديق التقاعد المهددة بالإفلاس.

هذا، ولمواجهة خطر نفاذ السيولة الذي يتهدد أنظمة التقاعد في غضون السنوات المقبلة، تتجه الحكومة ضمن السيناريوهات المقترحة لإصلاح الصناديق المهددة بالإفلاس، إلى مراجعة العديد من الإجراءات في الأنظمة الحالية وعدم إعادة تقييم المعاشات على مدى السنوات الـ10 القادمة.

ووفق معطيات رسمية لوزارة الاقتصاد والمالية، فإن هذه اللجنة كانت قد أوصت كذلك برفع سن التقاعد إلى 65 سنة بشكل تدريجي بمعدل 6 أشهر سنويا، بما في ذلك القطاع الخاص، مع رفع نسبة الاشتراكات بما في ذلك القطاع الخاص بنسبة 4 نقاط.

وأكد عضو لجنة الحوار المركزي بالاتحاد العام للشغالين بالمغرب أنه “لحد الساعة لم نتوصل بأي سيناريو، ولم نتلق أي دعوة لانعقاد اللجنة المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد، التي ترأسها وزيرة الاقتصاد والمالية، من أجل إعداد التصور النهائي للحكومة بشأن إصلاح الأنظمة بعد طرحها على النقابات ضمن جولة جديدة للحوار الاجتماعي”، مسجلا أن المركزيات النقابية، وفي مقدمتها الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، تشترط عدم المساس بالحقوق المكتسبة للشغيلة المغربية واستدامة صناديق التقاعد.

استعجال الإصلاح

وارتفعت مطالب نقابية للحكومة باستعجالية إصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب والتي تعرف خللا بنيويا سيؤدي إلى استنفاذ احتياطات الصناديق الثلاثة الرئيسية المكونة للنظام إن لم يتم التدخل الفوري عبر مباشرة إصلاحات بنيوية، حيث لا يتوقع أن يتجاوز أمد استدامة الصندوق المغربي للتقاعد سنة 2028، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سنة 2038 والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد سنة 2052.

وأقرّ الإصلاح المقياسي الذي اعتمدت حكومة بنكيران السابقة رفع سن التقاعد من 60 إلى 63 سنة، وتحديد نسبة حساب قيمة المعاش على أساس 2 في المئة عن كل سنة عمل بدل 2.5 في المئة، بالإضافة إلى رفع نسبة مساهمة المنخرطين من 20 إلى 28 في المئة، وحساب قيمة المعاشات انطلاق من متوسط الأجر خلال 8 سنوات الأخيرة بدل آخر أجرة محصل عليها.

في غضون ذلك، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أنه حان الوقت لمعالجة ملف التقاعد بالنظر إلى أن وضعية الصناديق “مقلقة”، وأنه بالرغم من التفاوت بين العجز التي تواجهه الأنظمة، إلا أنه يجب التطرق لهذا الملف بشكل سريع، مشيرة إلى أن الحكومة تتوفر على عرض ستقدمه أمام النقابات، لكن يتعين الإنصات كذلك لمقترحات البرلمان بهذا الخصوص.

وذكرت المسؤولة الحكومية بما سبق التأكيد عليه من طرف الحكومة خلال مناقشة قانون المالية برسم 2024 بالبرلمان خاصة ما يتعلق بمراحل تقييم وتحيين مخرجات الدراسات، وهي المعطيات التي جرى تقاسمها، حسب وزيرة المالية، مع جميع الشركاء الاجتماعيين.

تعليقات الزوار ( 13 )

  1. من الملاحظ انه يتم التوجه دائما نحو رفع نسبة الاقتطاعات والرفع من سن التقاعد مما التأثير سلبا على صافي أجر الموظف. لما لا يتم في الاصلاح نحو الاستثمار اي ان صندوق يحدث استثمارت او ترويج لقيم مالية تعود عليه بأرباح مستدامة تنعش السيولة النقدية لديه مما ينعكس ايجابا على قيمة المعاشات.

  2. من المؤسف أن يكون إصلاح إختلالات المالية لصناديق التقاعد على حساب جيوب وأعمارالمأجورين وهم براءة من إفلاسها كما يتبرأ الذئب من دم يوسف عليه السلام وعلى التمثيلية النقابية التي تمثل الأجراء أن تتحمل مسؤوليتها في إصلاح المشؤوم للحكومة بنكيران التي إغتصبت حقوق الأجير الذي ضحى بزهرة شبابه وحياته في خدمة وطنه ويؤدي مستحقات للصندوق التقاعد بسلاسة وفي الأخيرعند إحالته على التقاعد يحصل على معاش منقوص الحقوق المكتسبة وفي هذا الإطار على التمثيلية النقابة أن لا تعيد سيناريو السابق الساف الذكر

  3. لاصلاح التقاعد بشكل حقيقي ومنصف اولا يجب الغاء (الاصلاح السابق)بكل ما اتى به ثم على الحكومة والنقابات ولا اشك في حنكتهما انهما سيتوصلان الى اصلاح يرضي الحميع وارجو الله ان يوفقهمالذلك وسيكون نجاحا للحكومة اولا والنقابات ثانيا والمغرب عموما

  4. الاقتطاعات من رواتب الفؤة النشطة في المغرب تشملهم كل شهر مدركين بانها اقتطاعات تخص رقم حساب صناديق التقاعد.لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا كل حكومة تتعاقب على المغاربة تريد ان تصلح صناديق التقاعد في حين ان المغاربة النشطين يؤدون مستحقات هذه الصناديق؟

  5. ما بغينا تعويضات شهرية للتقاعد .. بغينا يعطيونا فلوسنا مجموعة ديال الاقتطاعات.. بغينا فقط حقنا وعرق كتافنا… الله ياخذ الحق في المفسدين.

  6. الحكومة لا تدرج ضمن مقترحاتها المساهمات التي حذفتها منذ 1994 يعني انها لم تساهم ولو بسنتيم منذ ثلاثون سنة .والسؤال المطروح أين ذهبت تلك المساهمات ؟ واين ذهبت استثمارات الصندوق ؟ أين هي المبالغ التي سحبت على شكل قروض ؟ على الحكومة استرجاع هذه المبالغ وإصلاح نفسها قبل إصلاح نضام التقاعد . رفع سن التقاعد إلى 65 هو بمثابة هدر للمال والوقت في فءة لا تنتج فوق سن 60 وتجربة بن كيران مؤشر واضح على ذلك .

  7. كان من الأحسن البحث عن الأسباب التي أدت إلى السير نحو افلاس صناديق المعاشات ومحاسبة كل من كانت له مسؤولية فالتدبير وإرجاع كل ما نهب في مشاريع خيالية ،ذهب ضحيتها الاجير والموظف البسيط ،والآن الكل يبحث عن حلول ترقيعية لربح الوقت ،علما ان مشاكل معيشة الأفراد هي الفلك الوحيد الذي يدور حوله هذا العالم لأن كل ماكان استقرار مادي الا وتم التوازن الصحة،التعليم،قلة الانحراف الذي سببته الحاجة.واخيرا يجب أن نعلم أن الدنيا لا تدوم ثم الرجوع إلى الله لا محالة.

  8. قبل أن تصلحو منظومة التقاعد صلحو اولا أنفسكم واتقوا الله في رواتب المتقاعدين من المسؤول عن كل هذه الفوضى يجب محاسبة كل مسؤول قديم او جديد كفانا من السرقة والتلاعب بمصير الضعفاء من طبقة الشعب تخدم طول عمرك يعطوك صدقة لاتسمن ولاتغير من جوع حسبي الله ونعم الوكيل فيكم

  9. السلام عليكم ورحمة الله
    القطاع الخاص والعام متساويان في زيادة رفع
    الاشتراكات ومتساويان في سن رفع التقاعد
    ولكن ليس متساويان في مبلغ الأجور ولا في مبلغ التقاعد
    لو أنتم مسلمون وعادلين لكان للجميع متساو في الحقوق والواجبات ولكنكم تكيلون بمكيالين
    إن أردتم الإصلاح فيجب عليكم أن يكون صندوق واحد القطاع العام والخاص و تتساوى الحقوق والواجبات
    لكنكم دائما تعودون إلى جيوب الفقراء والمساكين هي أيسر طريق لكم
    تبا لكم ولقوانينكم أنتم قوم
    مجرمون

  10. حرام معاشي لا يتعدى 1600درهم هذا اذ حذفنا مستحقات طفلة طالبة بمعنى 1300درهم معاشي +300درهم للطفلة
    كنت موظفة بمديرية الفلاحة
    في نظركم هل تكفيني كراء وماء وكهرباء ودواء ومعيشة؟؟؟
    ارجو إعادة النظر في المعاش

  11. التقاعد بنسبة للقطاع الخاص لايتعدى 70% على 6000,00 كحد أعلى وبالنسبة للقطاع العام 2 % بدل 2,5% ويريدون ان يجعل التساوي في سن التقاعد 65 سنة للجميع !!!!؟

  12. السلام عليكم
    لا يسعنا إلا أن نشكركم على اهتمامكم لهذا الملف الذي طول كثير من الوقت وشكراً.

  13. سلام تام بوجود مولانا الامام
    هل تعلمون أن هناك مت قاعدين لا يتجاوز معاشهم 150 درهم في الشهر وفي سنة 2024!!! فهي لا تكفي حتى لدواء
    الاب ديالي كان عون سلطة لأزيد من 24 سنة معاشه 150 درهم حتى أنه لا يستفيد من الدعم المباشر لأنه يتوفر على تغطية صحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News