اقتصاد

هل يعزز إحداث المرصد المغربي للطلبيات العمومية شفافية الصفقات؟

هل يعزز إحداث المرصد المغربي للطلبيات العمومية شفافية الصفقات؟

لتجاوز الاختلالات التي تعرفها الصفقات العمومية وتعزيز مصداقيتها، صادقت الحكومة الأسبوع الفارط على مشروع المرسوم رقم 2.22.078 بإحداث المرصد المغربي للطلبيات العمومية، مما رفع من الانتظارات بشأن القطع مع ما يشوب عدد من الصفقات التي تعلنها مؤسسات عمومية.

جاء مشروع المرسوم، وفق مذكرة تقديمه التي تتوفر جريدة “مدار21” على نسخة منه، بعد تأكيد اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي في تقريرها العام الصادر في سنة 2021، “على ضرورة تعزيز شفافية الطلبيات العمومية من خلال النشر المنتظم للمؤشرات والمعطيات المتعلقة بهذه الطلبيات”.

ويهدف إحداث مرصد مغربي للطلبيات العمومية لدى السلطة الحكومية المكلفة بالمالية، إلى “جمع المعطيات المتعلقة بالطلبيات العمومية، ومعالجتها، وتحليلها، ونشرها، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية للطلبيات العمومية والسهر على تحيينها، وتشجيع التشاور وتبادل المعلومات بين الفاعلين المعنيين بالطلبيات العمومية”.

كما يرمي المرسوم إلى وضع مؤشرات لتتبع نجاعة أداء الطلبيات العمومية، وإنتاج المعلومة المحاسباتية والمالية والاقتصادية المتعلقة بالطلبيات العمومية، والسهر على نشرها بجميع الوسائل المتاحة، والإسهام في تحليل الأثر الاقتصادي للطلبيات العمومية.

وقال الخبير الاقتصادي عمر الكتاني، في تصريح لجريدة “مدار21″، إن المغرب يتوفر على كثير من المؤسسات الإصلاحية، “لكن المشكل القائم ليس في المؤسسات بل في القائمين على تسييرها وتوجهها وفي ضمانات عدم انحرافها، أما المؤسسات بحد ذاتها فلا يمكن قول شيء عنها”، مضيفا أن مؤسسات مثل مجلس المنافسة أو وسيط المملكة أو غيرها “جميعها مؤسسات إصلاحية غير أن السؤال يطرح على مردوديتها”.

وأوضح الكتاني أن “الحكم ينبغي أن لا يكون على المؤسسة في ذاتها وإنما على مردوديتها التي ستظهر فيما بعد”، مؤكدا أن “معايير جودة المؤسسات تتجلى في أن يكون على رأسها أناس يجمعون بين الكفاءة والنزاهة”، متأسفا لأنه ما يحدث هو أن حضور الكفاءة أحيانا يكون في غياب النزاهة والعكس صحيح.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن اجتماع شَرطَي الكفاءة والنزاهة في أي من المؤسسات يرفع توقعات أن تكون المردودية إيجابية، لافتا إلى أن نجاح أي منظمة في العالم يرهن نجاحها في شخص رئيسها، الذي إن كان متوفرا على النزاهة أو الكفاءة، مما سيفرض على باقي الموظفين أن يكون سلوكهم نزيها، وبالتالي ستعمل المؤسسة بشكل جيد، أما اختلال أحد شَرطي النزاهة والكفاءة سيجعل المؤسسة بمردودية ضعيفة.

وتابع الكتابي أنه “لا يمكن الحكم على المرصد الوطني للطلبيات العمومية بالنجاح أو الفشل إلا بعد ظهور نتائج عملها، مشددا على أن إشكال الصفقات العمومية ما يزال قائما”، مشددا على أن ثلث الصفقات العمومية يتم تمريره بالريع والفساد بشكل تلقائي.

وتأسف الكتاني على ما يشوب الصفقات العمومية من غلاء في الكلفة بسبب غياب الشفافية، مفيدا أنه “يجب أن لا يكون من يعلن الصفقة هو من سيوافق عليها وهو من يتسلم الأموال، إضافة إلى ضرورة أن تكون الرقابة خارجية على هذه الصفقات والمتابعة البعدية لها”.

ولفت الكتاني إلى ضرورة مكافأة الموظفين الملتزمين مع معاقبة الموظفين غير الملتزمين، إضافة إلى تنحية الموظفين المخلين بواجبهم مقابل ترقية الموظفين الذين يقومون بواجبهم، منتقدا سيادة منطق المصالح والمحسوبية في الصفقات العمومية.

ويرى الكتاني بأن المرصد الوطني للطلبيات العمومية جاء نتيجة ل”معاناة ضمائرية، لأن الدولة تستشعر الانتقادات التي تطال الصفقات العمومية، ولكن بين هذا الشعور والإصلاح الحقيقي ينبغي أن تكون هناك مراجعة شاملة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News