مجتمع

اليماني: تقليص دعم “البوطا” يُهدد بتهشيم القدرة الشرائية للمغاربة

اليماني: تقليص دعم “البوطا” يُهدد بتهشيم القدرة الشرائية للمغاربة

أيام قليلة تفصل الحكومة، عن الشروع في تطبيق قرار تقليص دعم المواد المتبقية في صندوق المقاصة بشكل تدريجي، عبر الزيادة في أثمنة قنينات الغاز من الحجم الكبير بـ10 دراهم ابتداء من أبريل القادم.وهي الخطوة التي ربطتها حكومة أخنوش بتمويل برنامج الدعم المباشر الذي يكلف 25 مليار درهم.

القرار الحكومي المرتقب والذي يأتي وسط استمرار موجة الغلاء التي تجتاح الأسواق الوطنية تزامنا مع شهر رمضان، لا يخلو من تبعات وانعكاسات على القدرة الشرائية للمواطنين، وذلك لعدة أسباب، على رأسها كون قنينة الغاز من المواد الواسعة الاستعمال من قبل كل الطبقات الاجتماعية، سواء بالمنازل أو المطاعم أو من طرف أصحاب الأكلات الخفيفة وغيرهم.

وفي هذا الصدد، حذر الحسين اليماني، الكاتب العام للجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول “لاسامير”، من انفجار الأسعار في حال الرفع الكلي للدعم عن غاز البوتان والتي يمكن أن تتجاوز 150 درهما للقنينة من حجم 12 كيلوغراما، خاصة أن 40 بالمئة من الغاز موجه للاستهلاك المنزلي و60 بالمئة لأغراض فلاحية وغير فلاحية.

وبلغ استهلاك غاز البوتان الوطني، خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2023، حوالي 137.4 مليون قنينة من فئة 12 كلغ (1.65 طن متري) بزيادة 4.7 ملايين قنينة مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2022.

ووصل الدعم المتوسط لقنينة غاز البوتان من فئة 12 كيلوغراما حوالي 68 درهم خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2023، مما يمثل انخفاضا بنسبة 31 بالمئة مقارنة مع المستوى التاريخي الذي تم تسجيله خلال نفس الفترة من سنة 2022 ومجهودا إضافيا يقدر بـ34 بالمئة ( 3 مليارات درهم إضافية) مقارنة بنفس الفترة من سنة 2021.

ونبه اليماني في تصريح لـ”مدار21″، إلى أن الزيادة بأسعار “البوطا” تزامنا مع شهر رمضان حيث يبلغ استهلاك غاز البوتان، مستويات “قياسية، يهدد القدرة الشرائية للمغاربة بشكل مباشرة من خلال الاستهلاك المنزلي وبشكل غير مباشر عبر الأغراض غير المنزلية خصوصا في المواد الفلاحية

ويرى الخبير الطاقي، أن الجفاف والغلاء واستمرار الضغوط التضخمية، مبررات موضوعية يجب أن تدفع الحكومة للتراجع عن قرار تحرير الغاز، لاسيما أن التضخم يعود في جزء كبير منه لأسباب داخلية، معتبرا أن المضي في خطوة رفع أسعار قنينات غاز البوتان، هو “تهشيم مقصود للقدرة الشرائية للمغاربة، باستحضار التجربة السيئة الذكر لقرار تحرير المحروقات”.

وسجل اليماني، أنه من المهم التوجه نحو تحرير الأسعار، لكن ذلك يجب أن يتم بموازاة مع رفع الأجور وتحسين الدخل خاصة بالعالم القروي الذي يئن تحت وطأة قلة ذات اليد، مقللا في السياق ذاته، من آثار الرفع من الحد الدنى للأجر في القطاعات الفلاحية والصناعية على مستوى المعيش اليومي للفئات المعنية.

وتؤكد الحكومة أن ميزانية الدولة لن تتحمل تمويل الدعم الاجتماعي المباشر والإبقاء في نفس الوقت على تحمل الكلفة الكاملة لنظام المقاصة، وذلك بالنظر إلى ضعف الإنصاف الاجتماعي لنظام الدعم الحالي على مستوى استهداف الطبقات الفقيرة والهشة، مسجلة أنه بعد الشروع في صرف الإعانات المباشرة ابتداء من دجنبر 2023، سيتم تخصيص الهامش الناتج عن تقليص دعم المقاصة لتمويل الدعم المباشر.

وشدد اليماني على أن الحكومة التي ترفع شعار الدولة الاجتماعية، مطالبة بالتريث خصوصا أن قرار الزيادة بأسعار قنينات غاز البوتان يتزامن مع   شهر رمضان الذي يشهد استهلاكا كبيرا للغاز داخل الأسر المغربية، داعيا إلى في المقابل إلى إعادة النظر في هذا القرار في اتجاه تعليق تنفيذه إلى حين توفر الشروط المناسبة لاعتماده.

وبالمقابل، يؤكد الخبير الطاقي أن الحكومة مطالبة بالتريث قبل اتخاذ قرار الزيادة بأسعار غاز البوتان، أخذا بعين الاعتبار تداعيات القرار السابق المرتبط بتحرير المحروقات الذي كانت له انعكاسات سلبية على القدرة الشرائية، مقابل توسيع هوامش ربح الشركات بشكل غير مسبوق.

ونبه اليماني إلى  أن مخاطر تحرير غاز البوتان، ستكون “أفظع من المحروقات لأن استهلاك المغرب يصل إلى حوالي 3 ملايين طن سنويا، في وقت تخطط فيه الحكومة لرفع الأسعار بـ10 درهم كل سنة في أفق الوصول إلى التحرير الشامل بحلول 2026.

هذا، كشف رئيس الحكومة عزيز أخنوش عن توجه الحكومة نحو تقليص دعم المواد المتبقية في صندوق المقاصة بشكل تدريجي، من أجل تمويل “دعم الفقراء” الذي يكلف خزينة الدولة 25 مليار درهم، مشيرا إلى أنه من المقرر أن ترتفع أثمنة قنينات الغاز من الحجم الكبير ب10 دراهم ابتداء من أبريل القادم.

ولشرح توجه الحكومة نحو تقليص دعم المقاصة، أوضح رئيس الحكومة أن أسرة تستوفي العتبة للاستفادة من الدعم، لديها 3 أطفال، وعمرهم أقل من 21 سنة، ويتمدرسون بثلاثة، ابتداء من دجنبر 2023، ستتوصل هذه الأسرة مباشرة، في الحساب البنكي الخاص بها، أو عن طريق وكالات الصرف، وبدعم بقيمة 600 درهم كل شهر (200 درهم عن كل طفل).

وأضاف أنه سيتم رفع هذا الدعم كل عام، حتى يصل إلى 900 درهم شهريا ابتداء من يناير 2026، مردفا “لنفترض أن هذه الأسرة تقتني قنينة كبيرة لغاز البوتان في الشهر، حاليا، ثمنها هو 40 درهم، ابتداء من أبريل 2024، سيزداد ثمنها بـ 10 دراهم كل عام ،وهذه الزيادة ستتوقف ابتداء من 2026.”

وأوضح رئيس الحكومة أنه في مقابل، الدعم الخاص بهذه الأسرة، الذي يصل  إلى 600 درهم في 2023،  سيرتفع إلى 750 درهم في 2025، وسيبلغ 900 درهم شهريا ابتداء من يناير 2026، بمعنى أكثر من 10.000 درهم في العام، هو لأسرة تستوفي العتبة للاستفادة من هذا الدعم.

وخلص  أخنوش، إلى أن “الفكرة التي يريد إيصالها هي أن الدعم المباشر الممنوح سيفوق بكثير مستوى القيمة التي سيتم بموجبها التقليص النسبي لدعم المقاصة، مرة أخرى إنصافا للأسر المستحقة للدعم.” مضيفا “نحن نراهن اليوم على الإصلاح بالتدريج، وسيكون لنا الوقت الكافي لوضع الإجراءات والبرامج المصاحبة حماية للطبقة المتوسطة، والتي نحن عازمون إن شاء الله على مواكبتها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News