سياسة

تعديلات المدونة..وهبي يُواجه تُهما بـ”الاستقواء” على تيّار المحافظين

تعديلات المدونة..وهبي يُواجه تُهما بـ”الاستقواء” على تيّار المحافظين

يُواجه وزير العدل عبد اللطيف وهبي، تهما بـ “الاستقواء” على التيار المحافظ من خلال التماهي مع بعض “الأجندات الإيديولوجية” التي تروج لمطالب بعيدة عن الإشكالات الحقيقية للأسرة المغربية، في سياق المعركة التي يخوضها وزير العدل دفاعا عن تعديل نظام الإرث وتجريم زواج القاصرات والقطع مع سماه بـ”ظلم الولاية الشرعية” على الأبناء.

ويرى التيار المحافظ الذي يتزعمه العدالة والتنمية، أن تعديل مدونة الأسرة تؤطره خطابات ملكية سامية، بالإضافة إلى الرسالة الملكية لرئيس الحكومة، وهي المضامين التي وضعت الضوابط الشرعية والمنهجية لهذه المراجعة، بما يستجيب لمعالجة الاختلالات المسطرية والقضائية التي كشف عنها التطبيق العملي للمدونة، مؤكدا أن تعديل مدونة الأسرة يهدف إلى حماية وتوفير أسباب تماسك الأسرة وتوازنها، باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع، والحيلولة دون تفككها.

“إملاءات خارجية”

ويعتقد حزب العدالة والتنمية، الذي يقود “حربا بلا هوادة” ضد تعديل نظام الإرث وتجريم زواج القاصرات، أن هناك ضغوطا تمارس على اللجنة التي عهد إليها بمراجعة المدونة من أجل تنفيذ “إملاءات خارجية” تقف وراءها جهات معادية للدين الإسلامي، بهدف تمرير توصيات تحفظ عليها المغرب خلال مناقشات الاستعراض الدولي الشامل لحقوق الانسان بجنيف.

البرلماني وعضو لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان بمجلس النواب، سابقا رضا بوكمازي، أكد أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي، خرق واجب التحفظ ولم يحترم الموقع الذي يوجد فيه والثقة الملكية الموكولة إليه، حينما عَمد إلى عقد لقاء تشاوري مع جمعيات نسائية حول تعديلات المدونة، وهو يؤشر على سعيه إلى أن يفرض على المجتمع منظومة قيمية غريبة في نظرتها إلى الأسرة المغربية.

وأوضح بوكمازي ضمن حديثه لـ”مدار21″، أنه” يظهر من خلال النقاش العام أن التعديلات، يجب أن تتجه إلى ما يرغب فيه المجتمع وهو ما حدده الملك محمد السادس من خلال عديد الخطابات، مشيرا إلى أنه يظهر المقابل أن هناك فئة و في مقدمتها وزير العدل ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الانسان، لا يعجبهم أن يكون هذا الأمر عاكسا لتوجه المغاربة ويسعون إلى فرض تجوه آخر مخالف”.

وتابع عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية قائلا: ولهذا جاءت خطوة وزير العدل الذي يستقوي على المجتمع بجمعيات نسائية، والذي يفترض أنه عضو في اللجنة التي كلفها الملك والتي استقبلت مختلف التيارات والتنظيمات الحزبية والمدنية.وتساءل بوكمازي “ما معنى أن تأتي فيما بعد وتعمد إلى استدعاء جمعيات نسائية من أجل مناقشة تصورات تعديل المدونة من أجل أن تسير في هذا الاتجاه”؟

“انزلاقات كبيرة”

وسجل ادريس الكنبوري الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية أن هناك طرف سعى إلى الضغط عبر استعمال المجتمع المدني والفضاءات الإعلامية والندوات الحوارية من أجل فرض توجهاته واختياراته فيما يتعلق بمجال الحريات، وذلك على الرغم من معاكستها لمرجعية الدولة.

ونبه الكنبوري، إلى  أن النقاش الدائر حول التعديلات المنتظر إدخالها على القانون الجنائي المغربي والمراجعة المرتقبة لمدونة الأسرة، عرف “انزلاقات كبيرة” وخروجا عن الخط العام الذي رسمه الملك محمد السادس في إحدى خطبه حينما أكد أنه بصفته أميرا للمؤمنين “فلن يحل حراما ويحرم حلالا”.

ويرى الكنبوري، ضمن تصريح لـ”مدار21″ أن البعض شرع في تأويل هذا الكلام كما لو أنه كلام غامض ويحتاج إلى شرح وتفسير في حين كان خطاب الملك على هذ المستوى صريحا وواضحا ولا يحتمل أي تأويل، مبرزا أن “خطاب العرش الأخير كان بمثابة تذكير بهذا الخط وبضرورة الالتزام بالرؤية الملكية في أي تعديل مرتقب على منظومة القانون الجنائي ومدونة الأسرة”.

ومن بين الانزلاقات التي سجلها الكنبوري في سياق النقاش الدائر حول التعديلات المنتظرة على القانون الجنائي، التحاق وزير العدل بالدعوات المطالبة برفع التجريم عن العلاقات الرضائية والشذوذ الجنسي والمساواة في الإرث، “وهي خطوة غير قانونية ومخالفة لأحكام الدستور، خاصة أن الحكومة مطوقة بتوجيهات الملك بوصفه الساهر على حسن سير المؤسسات”.

وأكد رضا بوكمازي وهو محامٍ بهيئة أسفي، أن مدونة الأسرة، نصّ قانوني يمكن أن تعتريه إشكالات على مستوى التطبيق، ارتباطا ببعض الصعوبات التي تحتاج إلى تطوير أو تعديل، ولكن يجب أن يكون الأمر منضبطا لعدد من القيم والمبادئ المؤطرة وفي صدارتها الدستور والمرجعية الإسلامية، لافتا إلى أن الدستور المغربي اعتبر أن الأسرة هي وحدة وخلية أساسية وأن أي تشريع ينبغي أن يساهم في المحافظة عليها ويضمن استقرارها واستدامتها.

حساسية مفرطة

ونبه القيادي بحزب “المصباح”، إلى أن الخطابات الملكية ومرجعية المجتمع المغربي، تنظر إلى الأسرة بـ”حساسية مفرطة”، واعتبر أن تحركات وزير العدل ومعه رئيسة المجلس الوطني لحقوق الانسان بشأنه التعديلات المرتقبة على مدونة الأسرة فيها “انزياح على منظومة القيم وعلى الإطار المرجعي العام الذي ينبغي أن تنضبط إليه المراجعة أو التعديلات التي يمكن أن تطرأ على مدونة الأسرة”.

وذكر بوكمازي، أنه “في إطار وظيفتنا كحزب سياسي في تأطير الشأن العام والمواطنين والدفاع عن القضايا التي تمثل المرجعية والهوية الدستورية والمؤسساتية، سنتصدى لهذا الانزياح، ولن نقبل بإقرار أي مقتضى يجيز المساواة في الإرث ضدا على  النصوص القطعية والمطالبة بتعديل هذا النظام بتجريم التعدد وحظر زواج القاصرات”.

وشدد عضو أمانة “البيجدي”، على أن حزب العدالة والتنمية، سيتصدى إلى توجه وزير العدل بهذا الخصوص، لأن هذا حق أعطه المشرع، كيف يأتي وهبي ليمنعه وتحريمه، مضيفا أنه “عندما تريد أن تفرض نموذج أسري غريب عن المجتمع المغربي بهدف التطبيع مع المثلية سنتصدى إليه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News