سياسة

مبادرة مدنية تستهدف الضغط على الحكومة لتجريم الإثراء غير المشروع

مبادرة مدنية تستهدف الضغط على الحكومة لتجريم الإثراء غير المشروع

أطقت الجمعية المغربية لحماية المال العام، عريضة الكترونية موجهة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، من أجل حث الحكومة على تجريم الإثراء غير المشروع، في سياق تمليح وزير العدل عبد اللطيف وهبي بإمكانية التراجع عن هذا المقتضى الذي تضمنه مشروع القانون الجنائي الذي سحبته الحكومة من البرلمان.

وتسبب البند المتعلق بالإثراء غير المشروع في جدل كبير أدى إلى تعطيل مصادقة البرلمان المغربي على تعديلات في القانون الجنائي. وانتقد سياسيون وهيئات حقوقية خطوة سحب مشروع القانون الجنائي متسائلين حول مدى جدية الحكومة  في محاربة الفساد.

ويأتي إدراج تجريم الإثراء غير المشروع في إطار إعمال اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الموقعة بنيويورك سنة 2003، وإعمالاً للمادة 4 من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد التي وقعت عليها المملكة المغربية بتاريخ 2010، وتنزيلاً لمقتضيات النص الدستوري التي تنص على أن القانون يعاقب على الشطط في استغلال مواقع النفوذ وينص على ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وأعادَ ملف “إسكوبار الصحراء” التي أفضَت  إلى متابعة عدد من البرلمانيين والرياضيين والأمنيين بتهم جنائية ثقيلة، مطالب التعجيل بتجريم الإثراء غير المشروع وفق التعديلات الجديدة التي تضمنها مشروع القانون الجنائي الذي سحبته الحكومة من البرلمان منذ أكثر من سنتين.

الكاتب العام لجمعية حماة المال العام، محمد الغلوسي، أوضح أن المبادرة الرامية إلى دعوة المواطنين لتوقيع عريضة الكترونية موجهة لرئيس الحكومة بخصوص المطالبة بتجريم الإثراء غير المشروع تندرج ضمن برنامج الجمعية والذي يتضمن عددا من التدابير والخطوات، حيث تم يوم 17 فبراير الماضي تنظيم وقفة أمام مقر البرلمان، تحت شعار:” تجريم الإثراء غير المشروع مدخل أساسي لمكافحة الفساد، مسجلا أن اعتماد هذا المقتضى هو “ضرورة قصوى لضمان تخليق الحياة العامة”

ونبه الغلوسي ضمن تصريح لـ”مدار21″، أن الحكومة لا تتوفر على إرادة حقيقية من أجل التصدي للفساد والرشوة والحد من جرائم اختلاس المال العام على اعتبار أن هناك مؤشرات تؤكد ذلك، ضمنها أنه مباشرة بعد تنصيبها عمدت إلى سحب القانون الجنائي الذي يتضمن مقتضى تجريم الإثراء غير المشروع.

ولاحظ المحامي بهيئة مراكش،  أنه من خلال الملفات المثارة وشبكات الفساد التي تم تفكيكها وضمنها ما سمي بـ”ـاسكوبار الصحراء”، هناك أشخاص راكموا ثروات هائبة وكبيرة و المغرب لا يتوفر على أي مقتضى قانوني يجرم الإثراء غير المشروع، مع أنه صادق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد سنة2007 والتي تتضمن في مادتها العشرين، حث الدول على ضرورة اتخاذ تدابير تشريعية لتجريم الاثراء غير المشروع.

ويرى الغلوسي أن تجريم الإثراء غير المشروع، يبقى الوسيلة الأكثر نجاعة لفتح الأبحاث القضائية حول الفساد، لكون هذا الأخير يتسم بالتعقيد و بالصعوبة في الإثبات، بالنظر إلى كون القضايا المرتبطة بالفساد، تضم كماً هائلا من الوثائق ويرتكبها أشخاص ذوو تجربة خاصة في مجال التحايل على القانون، مضيفا ” ولذلك يبقى تجريم الإثراء غير المشروع أحد المداخل لمساءلة الأشخاص الذين يتولون تدبير الشأن العمومي والمسؤولية العمومية في مختلف مرافق الدولة”.

وبخصوص نجاح هذا الخطوة في إقناع الحكومة بتجريم الإثراء غير المشروع، سجل الغلوسي، أن المجتمع يعلب دورا أساسيا في مكافحة الفساد وأن هناك وعيا متزايدا و متناميا خلال الآونة الأخيرة لدى الرأي العام ولدى المجتمع المغربي بخصوص خطورة الفساد والرشوة الإفلات من العقاب على الدولة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي المجتمع يتحمل جزءا من المسؤولية في مكافحة الفساد إذ أن يقظة المجتمع ووعيه بأهمية مكافحة الفساد من شأنه أن يساهم في تخليق الحياة العامة.

وتابع، ولذلك نراهن أن تشكل هذه العريضة إحدى الوسائل، من أجل الضغط على الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية للقيام بأدوارها في مجال تخليق الحياة العامة و مكافحة الفساد والرشوة، لافتا إلى  تقرير منظمة الشفافية العالمية، الذي صنف المغرب في متربة جد متدنية ومخجلة في مؤشر إدراك الفساد، علاوة على كون مؤشرات مناخ الأعمال والتنمية البشرية، ” تؤكد أننا في حاجة ماسة إلى مكافحة الفساد”.

ونبه الغلوسي إلى أن التطورات والملفات التي تم تفكيكها أخيرا، بيّنت أن الفساد يتمدد في كل مناحي الحياة العامة وأن السماح والتساهل مع الفساد والتطبيع مع استمراره انتشاره في المجتمع، يشكل تهديدا حقيقيا للدولة و المجتمع، مردفا ” لذلك حان الوقت من أجل التصدي لهذه الآفة والمعضلة عبر قرارات شجاعة وإجراءات صارمة تنحو نحو تجفيف منابع الفساد الذي أصبح يشبه الإرهاب في تهديده من حيث تداعياته و خطورته”.

وشدد الكاتب العام لجمعية حماة المال العام، على أنه “لابد أن تتجند كل المؤسسات والآليات والمجتمع من أجل تطويق هذه الظاهرة و محاصرتها، لأن آثرها الاقتصادي والاجتماعي يشكل خطورة محدقة بالمجتمع”، معربا عن أمله في تلقى العريضة، إقبال عدد كبير من المغاربة باعتبارها آلية لدفع الحكومة إلى تبني استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، عبر سن إجراءات تشريعية ومؤسساتية وسياسية.

ودعا الغلوسي، إلى ضرورة مراجعة المنظومة التشريعية في اتجاه ملاءمتها مع المواثيق الدولية ذات الصلة بمكافحة الفساد، مطالبا بإعادة النظر في قانون التصريح بالممتلكات وتجريم الإثراء غير المشروع، فضلا عن تجريم تضارب المصالح وإعادة النظر في القوانين الانتخابية وقانون الأحزاب وغيرها من القوانين التي لها ارتباط مباشر بالحياة العامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News