سياسة

بسبب سوء تدبير الدعم.. الأحزاب تخسر معركة التخليق والمصداقية

بسبب سوء تدبير الدعم.. الأحزاب تخسر معركة التخليق والمصداقية

دق التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات حول تدبير الأحزاب السياسة للدعم العمومي مسمارا آخرا في نعش مصداقية الأحزاب السياسية، التي اتضح أنها خسرت مرة أخرى في معركة التخليق، بسبب ما جرده من اختلالات قانونية دفعت جمعيات حماية المال العام للمطالبة بفتح تحقيق والاستماع لمسؤولي الأحزاب السياسية.

وتوقف التقرير، الذي ماتزال ارتدادته مستمرة، عند عدم إرجاع كثير من الأحزاب للدعم العمومي غير المستعمل، إضافة إلى صرف مبالغ مهمة دون وثائق إثبات، وتفويت ميزانيات الدعم الإضافي المخصص للأبحاث والدراسات بطرق “مشبوهة” للمقربين وشركات محظوظة، إضافة إلى عدم توفير وثائق عمل المستخدمين، وغيرها من الاختلالات.

وبينما يراهن المغرب على قوة الأحزاب السياسي للعب أدوارها في التأطير المجتمعي والوساطة، أظهر التقرير أن كثيرا من الأحزاب المغربية لم تكن عند المستوى المأمول منها، وأنها فشلت مرة أخرى في تقريب المواطن من السياسة، من خلال تقديم نموذج الاستقامة والشفافية.

خسارة معركة التخليق

وتعليقا على تقرير مجلس العدوي، أفاد محمد مشكور، رئيس المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام الدار البيضاء ـ الوسط، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن الأحزاب السياسية “أخلفت مرة أخرى الموعد وخسرت معركة التخليق”، مضيفا أنها “يجب أن تلتزم بالشفافية والتخليق والمساءلة من أجل القيام بأدوارها في التأطير والنضال والتطوع”.

ومن جهته يوضح محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات “ما تزال تضع يدها على مجموعة من الاختلالات القانونية وسوء تدبير الأحزاب السياسي للدعم الذي تحصل عليه سواء كان أصليا أو إضافيا”.

وشدد الغالي، في تصريح لـ”مدار21″، أن التقرير المذكور “غير مطمئن ويدق ناقوس الخطر، ويشير علينا بأن الأحزاب ربما ماتزال لم تصل إلى المستوى الذي من خلاله يمكن أن تقوم بأدوارها على الوجه الأسلم والأصح”.

فاقد الشيء لا يعطيه

وأضاف محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بأن الأحزاب السياسية تدفع بكونها تعاني من الخصاص المالي وأنها تحتاج إلى موارد للقيام بأدوارها كما هي مهندسة في الفصل السابع من الدستور، ومن دون شك أن الدعم الإضافي المخصص للأبحاث والدراسات مسألة أساسية وضرورية على اعتبار الدور الذي يمكن أن تقوم به الأحزاب على مستوى التشريع والمراقبة وتقييم السياسات، وهذا يحتاج إلى خبرة حتى يكون عمل الأحزاب مجودا بالطريقة المطلوبة.

لكن، يستدرك محمد الغالي، على أن “الدعم الإضافي لابد أن يستعمل بكيفية صحيحة وليس بطرق ملتوية لا تعكس الهدف من تخصيص هذا الدعم، مشددا على أن الأحزاب السياسية مرة أخرى مطالبة بمراجعة سلوكياتها والتقيد بما تقوله وما تدفع به سواء حينما تكون تدبر الشأن العام أو عندما تكون في المعارضة، لأنه في نهاية المطاف فاقد الشيء لا يعطيه”.

وأكد، في السياق نفسه، على أنه “لا يمكن للأحزاب السياسية التي تدفع بمسألة الكفاءة والاستقامة أن تكون لها مصداقية إذا لم تتحل بمجموعة من المواصفات”، مشددا على أن الدعم الإضافي هو من أجل خدمة الكفاءة وحسن قيام الأحزاب السياسية بأدوارها.

دكاكين سياسية

وقال مشكور، تعليقا على الاختلالات التي فضحها التقرير، إنه “يتبين أن جل الأحزاب السياسية تحولت إلى دكاكين سياسية تفتح أبوابها في الانتخابات واقتصر دورها على تلقي الدعم بدل تأطير المواطنين وتكوينهم”.

وأفاد مشكور بأن الدستور والقوانين تمنح عددا من الصلاحيات للأحزاب السياسية، لكننا نجد القوانين متقدمة على الثقافة السياسية للأحزاب”، لافتا إلى أنه بغض النظر عن مطالب فتح تحقيق حول اختلالات صرف الدعم العمومي فإن “المسألة أخلاقية، لأنه لا يعقل أن تكون هناك أحزاب تطالب بالدمقراطة وغيرها، بينما نجد أنها لا تتعامل مع المال العام بالشفافية المطلوبة”.

وتابع المتحدث أن الأمر يطرح سؤال النخب بالأحزاب السياسية، مضيفا أنها “للأسف تحولت إلى زوايا لمنح التزكيات ليس على أساس الكفاءة بل لأصحاب الشكارة القادرين على ضمان المقاعد بجميع الوسائل لتكوين فريق بالبرلمان”، مبرزا أن الجمعية المغربية لحماية المال العام سبق أن نفذت وقفات احتجاجية للمطالبة “بتخليق السياسة وعدم تزكية ليس الفاسدين فقط بل حتى من هم بمحط شبهة لأن المغاربة يستحقون نخب حقيقية”.

الريع وتزكية الفاسدين

وأردف أنه في غياب هذه النخب وتزكية من لا يستحقون يمكن أن تنتظر كل شيء، مضيفا أن في الوقت الذي وجهت الدولة دعما إضافيا من أجل تعزيز الكفاءات هناك أحزاب تتعامل مع هذا الدعم بمنطق الريع.

وأفاد مشكور أنه “لا يمكن أن نقول إن الأحزاب السياسية لا ينبغي أن تأخذ الدعم، لكن يجب أن توظفه بطريقة عقلانية، في تجهيز المقرات وتأدية واجبات المستخدمين وغيرها”.

وشدد على ضرورة إعمال ربط المسؤولية بالمحاسبة لأنها مسألة مهمة إذا توفرت لن تسجل مثل هذه التجاوزات، مشددا كذلك على ضرورة أن تكون تقارير مؤسسات الحكامة ملزمة حتى لا تتحول إلى تقارير للاستهلاك الإعلامي فقط، يتعامل معها البعض بتعالي واستهتار.

وتأسف المتحدث للفراغ الذي تركته الأحزاب السياسية، ذلك أن الاحتجاج غير المؤطر يمكن أن يهدد السلم الاجتماعي ويمكن أن يعصف بالمؤسسات وبالجميع، مشددا على أن الدولة لا يمكن أن تكون قوية بدون قوة الأحزاب والنقابات والجميعات والإعلام، وأن يقوم الجميع بدوره وهذه هي دولة المؤسسات التي نطمح إليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News