سياسة

هل أفرغ توافق الاستقلاليين على تزكية بركة محطة المؤتمر الوطني؟

هل أفرغ توافق الاستقلاليين على تزكية بركة محطة المؤتمر الوطني؟

بعد ما يناهز سنتين من مخاض عسير داخل حزب الاستقلال بين تياري ولد الرشيد ونزار بركة، تم التوافق أخيرا على تجديد الثقة بهذا الأخير لولاية أخرى، إضافة إلى تحديد موعد المؤتمر الثامن عشر، غير أن هذه المحطة التنظيمية باحت بكل أسرارها قبل موعدها، ولم يعد الرأي العام السياسي ينتظر منها أي مفاجآت.

وعوض أن تكون مؤتمرات الأحزاب السياسية محطة لاختبار الديمقراطية الداخلية و”سيدة لنفسها”؛ قادرة على إنتاج قرار يعكس توجه الأغلبية، باتت حمّالة ملامح الانشقاق والصراع، ولعل ذاكرة مؤتمر “الصحون الطائرة” لدى الاستقلال، جعلته يفضل حرج الاشتغال لسنتين خارج القانون على أن يتجه رأسا نحو أفق لا يعلمه، مفضلا منطق التوافق على الديمقراطية.

أزمة الثقافة السياسية

وفي هذا السياق، يفسر المحلل السياسي محمد شقير، لجريدة “مدار21″، أن “التوافق يدخل ضمن الثقافة السياسية للنخب، وتمليه طبيعة الأحزاب وبنيتها الهيكلية، إذ إنه غالبا ما تطغى داخل الأحزاب الشخصنة والمنافسة بين القيادات، بحكم أن الأمين العام أو رئيس الحزب يكون متمتعا بصلاحيات كبيرة فهذا يجعل المنصب محط تنافس كل الطامحين”.

هذا الأمر يخلق، وفق المحلل السياسي “تنافسات شخصية من الصعب احتواؤها بدون توافق بين الشخصيات المتنافسة، مما يؤخر في غالب الأحيان مواعيد انعقاد المؤتمرات رغم أن قانون الأحزاب ينص على ضرورة تنظيمها  في الآجال المحددة، لكن هناك عدد من الأحزاب من لا تلتزم بذلك نظرا لغياب التوافق على الشخصية التي سيتم انتخابها”.

وأوضح شقير أنه رغم تغيير قانون الأحزاب إلا أن لثقافة السياسية لدى القادة السياسيين بهذه الأحزاب لم تتغير، وبقيت مرتبطة دوما بالشخصنة والتنافس الشخصي بين القيادات والشخصيات الطامحة لمنصب الأمين العام بسبب امتيازاته.

وأوضح الخبير السياسي أن التوافق يعني أن تعمل القيادات المتنافسة بمنطق “الترضيات”، وذلك عبر إعطاء مكاسب للشخصية المنافسة أو أنصارها، وإلا فإن الوضع يتجه إلى “التجميد أو التأجيل”، وهذا ما حدث مع حزب الاستقلال، يضيف شقير.

توافق ولد الرشيد وبركة

ويشرح المتحدث نفسه في ما يخص حزب الاستقلال أن التنافس بين ولد الرشيد وبركة وأنصارهما أدى إلى تأجيل المؤتمر أكثر من سنتين، “مما خلق حرجا سياسيا كبيرا للحزب، قبل أن يؤول الوضع إلى نوع من التوافقات التي امتدت طيلة مدة عبر جلسات ونقاشات ليتم التوصل إلى نوع من التوافق”.

ويرى الخبير نفسه أن تيار أنصار ولد الرشيد حظي ببعض المكاسب، ذلك أن النعم ميارة، إضافة إلى ترؤسه مجلس المستشارين، تم تجديد انتخابه في رئاسة نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، مضيفا أنه “كان هناك أيضا نوع من الاتفاق على توزيع مقاعد اللجنة التنفيذية، مع الاتفاق على تجديد انتخاب نزار بركة، وهذا الاتفاق انعكس كذلك على تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر”.

وتابع أنه في غياب التوافقات فإن جميع الأحزاب تعرف انشقاقات نتيجة لهذه المنافسات، مؤكدا أن “التوافق يبقى آلية من الآليات، رغم افتقاده للمضمون الديمقراطي، للحفاظ على تماسك الحزب وتجنب الانشقاقات والحفاظ على الوحدة”.

“ديمقراطية بدون ديمقراطيين”

وأشار المتحدث إلى أن الأحزاب السياسية رغم سعيها إلى دمقرطة النظام فإنها في الأصل تفتقر للديمقراطية الداخلية، موضحا أنه بقدر ما تقدم الأحزاب خطابا حداثيا عصريا إلا أنه في العمق يبقى سلوكها تقليدانيا ويقوم على التوافقات والترضيات، مما يجعلنا أمام مفارقات “ديمقراطية بدون ديمقراطيين”.

وأورد أن مَن “يفترض فيهم تجسيد وتكريس الديمقراطية فإنهم يفتقدون الديمقراطية بسبب طغيان المنافسات والشخصنة وطبيعة الولاءات داخل الحزب”، مشددا على أن “الإطار حداثي لكن الثقافة والسلزك السياسي يبقى تقليديا ومحافظ”.

وتابع أن هذه المعطيات تجعل المؤتمرات “محاولة لعكس التوافقات القبلية، ما يعني أن المؤتمر إطار لعكس الاتفاقات، إذ إن النتائج تكون تقريبا معروفة ويأتي المؤتمر فقط لتكريس التوافقات بين القيادات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News