سياسة

قانون الإضراب يُعرّي “فشل” وزير الكفاءات ويُحرِج الحكومة أمام النقابات

قانون الإضراب يُعرّي “فشل” وزير الكفاءات ويُحرِج الحكومة أمام النقابات

فشل وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، للسنة الثالثة على التوالي في إخراج القانون المتعلق بالاضراب إلى حيز الوجود رغم الوعد الذي قدمه السنة الماضية أمام المركزيات النقابية.

وكشفت مصادر جيدة الاطلاع لـ”مدار21″ أن وزارة الشغل أشرفت على الانتهاء من إعداد النسخة النهائية لمشروع قانون الإضراب ولكن الوزير يونس السكوي لم يتمكن من إقناع النقابات لحدود الساعة بمضامين هذا المشروع الذي طال انتظاره، مشيرة إلى أن هناك خلافات عميقة واتساعا للهوة بين مقترحات ممثلي المركزيات النقابية والتصور الذي يعرضه وزير الشغل بشأن المشروع الجديد.

وارتفعت مطالب نقابية لوزارة الشغل والإدماج الاقتصادي للتعجيل بإصدار قانون متعلق بالإضراب وتحديث مدونة الشغل، لكن يبدو أن الوزير المنشغل هذه الأيام بـ”تبليص” مقربيه داخل وزارة الشغل، بارع فقط في توزيع الوعود التي تجلب متاعب كثيرة لحكومة أخنوش، خاصة بعد فشل برنامج “أوراش” في امتصاص معدلات البطالة، في انتظار أزمة جديدة مرشحة للاندلاع داخل قطاع التكوين المهني بفعل سياسة “الآذان الصماء” التي ينهجها الوزير السكوري.

وأعادت حكومة أخنوش مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب إلى طاولة الحوار الاجتماعي، غير أن الوزير السكوري فشل في إخراجه إلى حيز الوجود بسبب رفض واسع من النقابات لعدد من بنود المشروع المثير للجدل، وهو ما أعاده إلى “الرف” بعد سنوات من انتظار مناقشته.

عبد الإله دحمان، نائب الأمين العام لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، اعتبر أن تعثر إخراج هذا النص التشريعي الذي ظل حبيس الدساتير المغربية، يعكس تلكؤ “وزير الكفاءات” في الوفاء بالتزاماته على غرار الكثير من القضايا التي تم تأجيلها حيث لم يلتزم وزير الشغل يونس السكوري بتفعيل الكثير من مضامين اتفاق 30 أبريل التي ظلت معلقة ومؤجلة دون مبررات معقولة.

دحمان، وإن اعتبر ضمن تصريح لـ”مدار21″ أن تعثر القانون التنظيمي للإضراب هو مسؤولية جماعية في ظل التردي وانعدام مؤشر الثقة في العمل النقابي داخل المغرب، شدد على أن المسؤولية الأولى تترتب على الحكومة وعلى وزارة الشتغيل من أجل التعجيل بعقلنة المشهد النقابي بطريقة تحترم النفس الديمقراطي بعيدا عن المنطق التحكمي.

وبخصوص رمي كرة مآل القانون التنظيمي للإضراب في ملعب النقابات، أوضح الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم أن الحكومات السابقة وضعت القانون التنظيمي للحق في الإضراب  باعتباره حقا دستوريا يجب تنظيمه بدل تقييده، لافتا إلى أنه وضعه في البرلمان، كان لسبب وحيد لأن الدستور تحدث أن القوانين التنظيمية يجب أن تحال على المؤسسة التشريعية خلال الولاية الحكومية الأولى”.

وسجل دحمان أن النقابات رحبت بإعادة الحكومة المشروع إلى طاولة الحوار الاجتماعي، لكن لا يمكن الحسم في هذا المشروع بمعزل عن باقي المشاريع ذات الصلة بالترسانة القانونية للشغل، وفي مقدمتها إعادة النظر في الالتزامات والتعاقدات التي وقعت في 30 أبريل وتصحيح منهجية الحوار الاجتماعي، مع ربط هذا القانون بمشروع المنظمات النقابية.

وشدد المسؤول النقابي على أنه “لابد أن يكون هناك نوع من الترابط بين جميع النصوص ذات الصلة لتحقيق العقلنة الحقيقية للمشهد لضمان تمثيلية حقيقية في الساحة الاجتماعية، وإفراز النقابات التي تمثل بشكل ديمقراطي الطبقة التشغيلية، لاسيما أن تعثر مشروع قانون تنظيم الحق في الإضراب مرتبط أساسا بالتعثر العام لتدبير الحوار الاجتماعي، ومنهجيته منذ توقيع اتفاق 30 أبريل”.

وخلص دحمان إلى أن الأمر يتعلق بمشروع توارثته الحكومات السابقة، وأن تعثر هذا النص التشريعي هو  تعثر تاريخي، بوصف المشروع ورد في الدساتير القديمة دون أن يجد طريقه نحو التفعيل، قبل أن يستدرك “لكنه مرتبط أيضا برؤية شمولية لأنه لا يمكن التركيز فقط على إخراج هذا المشروع دون الحديث عن الحسم في قانون النقابات ومراجعة تشريعات الشغل ومرسوم تنظيم الانتخابات المهنية”.

وكان الوزير السكوري كشف أن الحكومة تعكف على العمل من أجل إخراج القانون التنظيمي لممارسة الحق في الإضراب، مبرزا أن الحكومة قادت مشاورات مسؤولة ومنفتحة مع الحقل النقابي، وعقدت حوالي 20 اجتماعا مع النقابات الأكثر تمثيلية ما بين شهري يناير وشتنبر 2023، من أجل النظر في الملاحظات والتجويدات التي يمكن إضافتها إلى هذا القانون التنظيمي.

وأوضح السكوري بوقت سابق أن الحكومة اشتغلت من أجل التقريب الأمثل بين وجهات النظر للتوصل إلى نص يحترم روح الدستور وتوجهات المغرب وحقوق الإنسان، وذلك تنفيذا لمضامين الدولة الاجتماعية، مضيفا: “اليوم نقترب من برمجة هذا القانون بعد استكمال المشاورات التي مرت في جو هادئ، وذلك في إطار مأسسة الحوار الاجتماعي”.

ومنذ أن أُحيل مشروع القانون المذكور على البرلمان ، لم يناقشه الأخير أبدا، بسبب رفض واسع من النقابات لعدد من بنود المشروع المثير للجدل، وهو ما أعاده إلى “الرف” بعد سنوات من انتظار مناقشته.

وتطالب النقابات بإشراكها في صياغة مشروع القانون وتغيير عدد من بنوده، وأن لا تستغل الحكومة أزمة الاحتقان الاجتماعي التي امتدت لعدة قطاعات اجتماعية، لتمرير المشروع المُحال إلى البرلمان منذ أكتوبر 2016.

هذا، وبحسب الفصل 29 من الدستور المغربي، فإن “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي، مضمونة”.

ويتكون مشروع قانون الإضراب من 49 بندا، وينص في المادة 5 على أن “كل دعوة إلى الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي تعتبر باطلة، كما يعتبر كل إضراب لأهداف سياسية ممنوعا”.

ويتوجب، وفقا للمادة 7، إجراء مفاوضات بشأن الملف المطلبي للعمّال قبل خوض الإضراب، للبحث عن حلول.وينص على أنه في حالة تعذر المفاوضات أو فشلها، يتعين بذل جميع المساعي اللازمة لمحاولة التصالح بين الطرفين.

أما في حالة الإضراب، فيُمنع على المضربين، حسب المادة 13، عرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب أو احتلال أماكن العمل أو مداخلها أو الطرق المؤدية إليها.ويعتبر مشروع القانون أن العمال المشاركين في الإضراب، وفي حال حدوث توقف مؤقت عن العمل خلال إضرابهم، “لا يمكنهم الاستفادة من الأجر عن مدة إضرابهم”.

وبعد إنهاء الإضراب أو إلغائه باتفاق بين الأطراف المعنية، يُمنع حسب المادة 23 اتخاذ قرار إضراب جديد دفاعا عن المطالب نفسها، إلا بعد مرور سنة على الأقل.وفي حال ممارسة الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون، يمكن لصاحب العمل، حسب المادة 26، أن يطالب بالتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بالمقاولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News